سمير عطا الله يكتب:

باقة في حقيبة

ضمت حكومة الرئيس سعد الحريري أربع مفاجآت حلوة: وزيرة للطاقة؛ حقل الرجال، ووزيرتان قادمتان من الإعلام، إحداهما عزيزتنا وجميلتنا مي شدياق، التي طالتها محاولة اغتيال شديدة القباحة، فكان الجمال في نجاتها.

المفاجأة الأهم كانت تكليف سيدة بوزارة الداخلية في بلد مثل لبنان؛ الأمن فيه منه، وحالة السير فيه مثل غابات الكونغو، مع الاعتذار من التشبيه؛ أي الاعتذار من غابات الكونغو. وزيمبابوي، والبنغال.

جلس اللبنانيون يترقبون، ماذا ستفعل ريا الحسن في هذه الأدغال؟ أين سوف تبدأ؟ بأي جرأة؟ كيف، بالدرجة الأولى، سوف تتعامل سيدة مع الآلاف من رجال الأمن الذين في إمرتها؟ وإذ أطرح هذه الأسئلة، أحب أن أذكّر جنابكم، بأننا في لبنان، ولسنا في ألمانيا أو فرنسا أو كندا، حيث تولت امرأة وزارة الدفاع وإمرة الجيوش... فهذا لبنان، وفيه نحو ثلاثة ملايين غير لبناني، والباقي لبنانيون؛ مليونان منهم، يقودون سياراتهم مثل سباق القطط البرية في غابات الكونغو، ويرمون على الطرقات فوارغ القناني الغازية وبقايا الطعام وأوراق السعال المستخدمة.

تقدمت الروائية التشيلية الشهيرة إيزابيل الليندي، الحركة النسوية في أميركا الجنوبية، ثم في الشمالية، عندما انتقلت إلى العيش في كاليفورنيا. وكانت تدعى إلى إلقاء كلمات الافتتاح في المناسبات الدولية الكبرى؛ من أفريقيا إلى الدنمارك. وبصرف النظر عن موضوع المناسبة، كانت تضمّن خطابها شيئاً من ميزات المرأة: إنها تحمل الجمال والترتيب والسلام إلى أي مكان تذهب إليه. وفي إحدى رواياتها تقول رئيسة المدرسة الآتية حديثاً لتسلم مسؤولياتها، إن سلفها كان أكاديمياً عظيماً، لكنه كان ينسى أن يغير الورود في مكتب الإدارة كل يوم.

لست ممن يتابعون أمور الحكومات - ولا غيرها - في لبنان. صحيح أن اليأس خيانة وطنية، لكن الملل مسموح. وجيلي قد ملّ وضجر، ولا ننتظر شيئاً... ولذلك، تتخذ المفاجآت الحسنة أحجاماً احتفالية. أول قرار اتخذته ريا الحسن كان إصدار الأمر بإزالة الأكشاك المخالفة والمشبوهة عن الطرقات السريعة.

المزهرية أولاً أول ما تفعله المرأة عندما تدخل بيتاً جديداً، أنها تقوم بتنظيفه سلفها، الوزير نهاد المشنوق، اتخذ القرارات الأشد خطورة: نظف السجون وأدخل إليها القانون والحزم اللمسة النسائية ليست أقل حزماً، لكنها تبدأ دوماً بالمزهرية. لعل هذا ما خطر للرئيس الحريري وهو يكلف امرأة حمل أثقل الحقائب.