سمير عطا الله يكتب:
الملك سلمان والإعلام
كتب الأستاذ عساف بوثنين يوم الثلاثاء في الرأي، مقالاً بعنوان «الملك سلمان والإعلام الخارجي»، تحدث فيه عما عرفه من قرب عن المودات التي ربطت خادم الحرمين الشريفين ببعض كبار الصحافيين العرب. وقد عمل الأستاذ لسنوات طويلة إلى جانب الملك في إمارة الرياض، قبل أن يصبح عضواً في مجلس الشورى.
أحب أن أضيف إلى المطالعة القيّمة، رأياً من جانب أهل الصحافة، وكيف عرفوا الملك. فقد اشتهر عن القادة السياسيين في العالم العربي أن كلاً منهم قرّب إليه صحافياً يعبّر عن آرائه وفكره وموقفه من الأحداث الجارية، ولعل أشهر الأمثلة كان عبد الناصر ومحمد حسنين هيكل. لم يجتمع حول أي مسؤول عربي عدد الصحافيين الذين اجتمعوا حول الملك سلمان.
لم يحاول أن يفرض رأيه على أحد، بقدر ما ينقل أفكاره ويعبر عنها بطريقة أخّاذة. وكان كبارهم يشعرون أنهم ليسوا فقط مقتنعين باستقامة مواقفه، بل شركاء في اتخاذها. ولطالما بان وكأنه يكتب المقال برمّته، بأسلوبه وعلى طريقته. وكان رجال مثل غسان تويني وأحمد بهاء الدين ومصطفى أمين، يشعرون بالاعتزاز والثقة وهو يخاطبهم بالاسم الأول، محدثاً عن أدق التفاصيل، مشاركاً بكل ما يعرف، وفائزاً دائماً بطريقة العرض وصدق القول.
تعامل الملك مع الصحافة على أنها جزء من متعة القراءة عنده. وكان يُشعر الصحافيين أنه يرافق حياتهم ومهنتهم ومسؤولياتهم أكثر مما يفعلون. وكان يتفهم شطحاتهم ومنافساتهم وخصوماتهم، ويرعى المصالحات فيما بينهم، ضاحكاً من نوافل الأشياء. ولطالما ساعدته ذاكرته العميقة في استعادة التفاصيل ومعرفة البشر وتجاهل نقاط الضعف في الناس.
قال مرة لغسان تويني، ملمحاً إلى بعض ما يصدر في «النهار»: «نحن لا نقرأ (النهار) في الرياض، بل في شارع الحمراء ونقرأ ظروفك وظروف لبنان. لكن نحن أيضاً دولة، وللدولة ظروفها، مثلما للجرائد ظروفها».
لم تشغله شؤون الدولة عن متعة المعرفة. وكما أفاد من طاقاته التنظيمية المشهودة في الإدارة التي لم تبعده عن متعة الفكر والأدب، يحرص على إبقاء فسحة دائمة للصحافة، مرئية أو مكتوبة. فالصحافة العربية لم تعرف هي أيضاً راعياً وصديقاً في مثل مكانته وحرصه. وإذا ما عامل الصحافيين العرب كأصدقاء، فقد عامل الصحافيين السعوديين كأبناء. ويعرف ذلك، أكثر من سواهم، الرجال الذين عملوا ويعملون إلى جانبه، مثل الأستاذ عساف. فهم أيضاً خبروا عن قرب، ذلك الأسلوب الفائق في إدارة الملك.