العبر المستفادة من عروبية خطاب الرئيس هادي
لا أدري ما سر غياب العروبية خلال العقود القليلة المنصرمة من خطابات الرؤساء والنخب في المنطقة العربية والتي بهتت هنا وهناك بعد ان كانت في أوجها في أواسط القرن المنصرم إلا فيما ندر بين الحين والآخر على امتداد سنوات طوال.
ولا أبالغ إذا قلت إن خطاب الرئيس هادي في لقاءه أمس بالرياض بمستشاريه وأعضاء مجلسي النواب والشورى والهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والمشائخ والأعيان والشخصيات الاجتماعية والوجاهات الاعتبارية في اليمن وبحضور نائب الرئيس محسن ورئيس الوزراء بن دغر كان لقاء تاريخيآ وعروبيآ يعيدنا لتاريخ ازدهار حضارة العرب والإسلام في زمن المجد والشموخ العربي الإسلامي الذي نشر حضارة العرب والمسلمين وفكرهم الإنساني في أصقاع العالم أجمع .
خطاب هادي كان عروبياً خالصاً ومتناغم مع متغيرات القرن الحادي والعشرين ومنفتحآ على شعوب العالم التي تنشد تنشد الديمقراطية والسلام والعدل والمساواة في شبر من بقاع عالمنا المترامي الاطراف .
أولآ / اليمن أصل العروبة ومدد جيوش الإسلام :
وفي مستهل خطابه قال الرئيس هادي : " وأرحب بأولئك الذين وصلوا من ميادين الفداء والتضحية ، أرحب برجالات اليمن الذين ثبتوا في كل سهول وجبال وسواحل اليمن ، الرجال الذين استذكروا واستحضروا التاريخ التليد لليمن ، أصل العروبة ومدد جيوش الإسلام ".
ثانيآ / اليمن ليست مستقراً للفرس أو أي فكر دخيل :
كان خطاب هادي هادئاً كروحه السمحة ، ثائراً في مواجهة الأفكار الغريبة والدخيلة على قيم وفضائل حضارة شعبنا اليمني وتاريخه الأصيل وعاداته وتقاليده والتمسك بتراثه الإسلامي والثقافي والإنساني وبهويته العربية التي ترفض العدوان والغزو والاستعمار او التدخل في شأنه الداخلي عبر الازمان وكانت كلمات فخامة الرئيس هادي إشارات مضيئة في خطابه اﻷصيل حين قال : " اليمن التي لا يمكن ان تكون مستقر للفرس أو لأي فكر دخيل على الاسلام السمح الوسطي الذي مثلته اليمن طوال تاريخها .
اليمن التي لا يمكن ان تكون بيد ايران او أدواتها، اليمن التي لا يمكن ان تسمح باستهداف قبله المسلمين ولا بالمساس بأرض الحرمين الشريفين من على ترابها الطاهر ".
ثالثآ/وحدة الصف ونبذ الفرقة :
ودعا الرئيس إلى وحدة الصف ونبذ الفرقة امتثالآ لقوله تعالى : " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ... " ﻷن وحدة الجماعة مفتاح للنصر وبلوغ المراد ، والفرقة تثير الخلافات والأحقاد وتؤدي إلى التشردم والانهزام ، ودعوة الرئيس هادي للتوحد في الصفوف ونبذ الخلاف والفرقة كانت صادقة وذات أبعاد سياسية واجتماعية وإنسانية تخدم المجتمع وأفراده ،لما مصلحة الوطن والمواطن وتطلعاته للحرية والانعتاق ومواجهة الظلم والبغي والعدوان دفاعاً عن الارض والعرض والدين وقال الرئيس هادي : " أدعوكم إلى وحدة الصف ونبذ كل ما يفرق او يشتت الجهد وتذكروا بان حزبنا ومذهبنا الأكبر هو اليمن الذي يجمعنا جميعا بكل ألوانا وأطيافنا، وغريمنا واحد هو الانقلاب ومليشياته وأشخاصه ومن وراءهم ، التحموا بالجيش والوطني في الجبهات ، فليس لدينا مليشيات، بل جيش وطني ".
رابعآ / الوفاء بالعهود :
قال هادي :
" اؤكد لكم ان العهد الذي قطعته على نفسي وتحملت في سبيله عظيم المخاطر وغالي التضحيات منذ ان قبلت هذه المهمة في تلك الظروف المعقدة جعلني اصبر امام كل تلك الصعاب لتحقيق تطلعات الشعب اليمني في السلام والاستقرار والبناء والعدل والشراكة والانصاف ، من خلال إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وبناء الدولة الاتحادية التي تمثل مشروعكم الذي خرجتم به أثناء الحوار الوطني الشامل" .
والعبر المستفادة كثيرة وكثيرة من هذا الخطاب الهادوي الجياش بمشاعر الوطنية والعروبية ورفض الظلم ومواجهة الطغيان والعبودية والعدوان ولعل أبرز العبر المستفادة دعوات الخطاب إلى التكافل الاجتماعي ونبذ الطائفية والجهوية المناطقية والتمييز وجوب قتال المعتدين والالتزام بالمواثيق والعهود والدعوة للحوار والجنوح للسلم ووحدة صف العرب واحترام الجوار ونسج روابط وعلاقات وشائج الدين والعروبة والإسلام والقبول بالآخر ومناصرة الحق والوقوف في وجه الباطل وإزهاقه في مهده وغيرها من العبر والدروس التي تشكل منهجاً تربوياً وعلمياً يستمد إضاءاته وأهدافه من مبادئ وقيم ديننا الإسلامي الحنيف وشريعته السمحاء وكل القيم النبيلة والمثل السامية في سبيل نشر السعادة والسلم والأمان والعدل في بلادنا اليمن والجزيرة العربية وسائر بلدان العالم أجمع.