سمير عطا الله يكتب:

الجميّل يتذكر

تحدث الرئيس اللبناني السابق أمين الجميّل إلى سلام مسافر في برنامجه «قصارى القول» على قناة روسيا العربية، وهي للمناسبة شبكة تلفزيونية ناجحة رغم كونها شبه رسمية، ولا تتمتع بالاستقلالية نفسها التي اشتهرت بها قنوات «بي بي سي»، و«دويتشه فيله» (ألمانيا)، وأيضاً «فرانس 24».


فوجئت كثيراً بالمعلومات التي أدلى بها الرئيس الجميّل. ومع أنني كنت قريباً منه، قبل وخلال وبعد رئاسته، لم أسمع منه شيئاً مما أدلى به، ولا هو كتب شيئاً في هذه المواضيع. وما أعرفه فيه أنه متكتم، وقليل الكلام، حتى لمن يرتاح إليهم أو يثق بهم. وها هو الآن يكشف أنه لعب دوراً في الوساطة بين الولايات المتحدة وصدام حسين من أجل أن يتجنب العراق الحرب. ويقول إن صدام قبل النقاش في فكرة أن يتنحى، ويختار من يحل مكانه، إلا أنه يصفه بأنه كان مغلقاً مثل جدار؛ «حيط» بالعامية اللبنانية.


في أي حال، يقول الجميّل، كانت هناك نية أميركية لكسر صدام والجيش العراقي، وكان بوش الابن يريد الانتقام لبوش الأب من محاولة الاغتيال التي دبرها صدام. ويكشف الجميّل أيضاً أن مجموعة الحكم كانت مخترقة من الـ«سي آي إيه» ووكالات أخرى؛ والدليل أن هؤلاء «المتعاونين» عادوا فظهروا في كاليفورنيا وولايات أخرى وهم تحت الحماية الأميركية.


وعن تجربته مع الرئيس حافظ الأسد خلال 14 قمة، عُقدت كلها في دمشق، قال إن الرئيس السوري كان عنيداً، ولكن منفتحاً أيضاً، وكان يقبل أحياناً الاعتراض من اللبنانيين. فقد طلب مرة - على سبيل المثال - أن تشكل في بيروت حكومة من 25 وزيراً، كجوائز ترضية لرجال دمشق، لكن الجميل ورشيد كرامي أقنعاه بحكومة من عشرة تستطيع أن تؤدي العمل الحكومي كما يجب.


ومع أن الأسد رفض الحضور إلى بيروت، فقد كان يعامل الجميّل دائماً كرئيس دولة؛ يستقبله في المطار، ويودعه في المطار، بكل المراسم. وكان الأسد قد حضر قمة واحدة على الأراضي اللبنانية مع الرئيس سليمان فرنجية، وأبعد نقطة بلغها كانت بلدة شتوره في البقاع الذي يعتبره السوريون جزءاً سليباً.