مهدي عقبائي يكتب:
النظام الإيراني واتجاه التطورات، التفاوض؟ الحرب؟
خلال العام الماضي ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، خلقت ظروف جديدة شهدنا خلالها ردات فعل مختلفة ومتناقضة من جانب النظام الإيراني ينم بعضها كأنما يريد النظام أن يتنازل ويتفاوض، ولكن في المقابل هناك علامات أخرى تدل على وقوف النظام والاستعداد الحربي له.
النظام يعيش طريقًا مسدودًا، لأن قادة النظام يعلمون جيدًا أن:
o الحرب ليس خيار النظام، نظرًا إلى توازن القوى الغير المتكافئ حيث نتائجه واضحة مسبقًا.
o التفاوض يعني الاستسلام وفي الوهلة الأولى نفي قوات الحرس ثم نفي كامل نظام ولاية الفقيه.
o بعد المناقشات في المجلس الأعلى لأمن النظام تحت إشراف خامنئي، خلص الولي الفقيه القرار في خطاباته المختلفة إلى أنه «لا حرب، ولا المفاوضة»! وقال التفاوض سم والتفاوض مع الإدارة الآمريكية الحالية «سم مضاعف» والخيارالوحيد هوالمقاومة و«الحرب، حرب الإرادات».
إدراج قوات الحرس على لائحة الإرهاب، كان بمثابة ضربة نفسية قاصمة على منتسبي قوات الحرس وجعل وتيرة تساقط عناصرها تتسارع، فضلًا عن زيادة الضغوط الناجمة عن العقوبات الاقتصادية.
خبراء النظام، قيّموا أن كعب آخيل النظام هو العقوبات التي قد تؤدي إلى احتجاجات وانتفاضات شعبية بفعل تشديدها خاصة عدم تمديد الإعفاءات الأمريكية للنفط.
من ناحية أخرى، قيّموا كعب آخيل أمريكا وحلفائها خاصة العربية السعودية والقوات الأمريكية المنتشرة في المنطقة بأنه «الأمن». ويستنتج الملالي أن مقابل الضغط الأمريكي الأقصى على كعب آخيل النظام، فإن استهداف كعب آخيل أمريكا في المنطقة هو وحده يمكن أن يغير الوضع وكسر الجمود والنظام فقط بهذه الطريقة يمكن أن يكون في جعبته شيء للمساومة حين الجلوس خلف طاولة المفاوضات.
وبناء على هذا التحليل، قام النظام بتفجير أربع ناقلات النفط في ميناء الفجيرة في 2 مايو وهاجم خطوط أنابيب النفط السعودية ومنشآتها عن طريق الحوثي في 4 مايو ثم أنكر أي صلة له بهذه الهجمات.
أمريكا في المقابل زادت من قواتها العسكرية في المنطقة. وبهذا الصدد قال بولتون مستشار الأمن القومي الأمريكي في مقابلة يوم 6 يونيو: «لقد أوضح الرئيس ترامب أننا مستعدون للتفاوض بشأن الملف النووي، لكن ليس من المفترض أن نقبل تهديد النظام الإيراني تقييد وصولنا إلى مضيق هرمز أو التهديد ضد مصالح حلفائنا».
في داخل النظام نفسه، يسمى هذا الخط «استراتيجية حافة الهاوية». لأنه عمل خطير للغاية على الرغم من أن خط الجانبين هو «تجنب الحرب» ولكن مع الأجواء المشحونة الحادة التي تخيم على المنطقة، فمن الممكن يشتعل فتيل الحرب تعمدًا أو غير متعمد في كل لحظة وتنتشر النار في المنطقة بأكملها.
في الواقع لابد من القول «لا الحرب ولا التفاوض» لا يمكن أن يكون خطًا، ولا يمكن أن يستمر بسبب الظروف المتقلبة والموشكة على الانفجار وأن خيار خامنئي هو على أي حال بين الموت أو الانتحار. وليس هناك خيار آخر. بالطبع هذا الوضع ليس وليد الساعة، بل إنه في الوهلة الأولى حصيلة جهود مقاومة مستمرة على مدار 40 عامًا ونضال مضرج بالدم ومستميت من قبل الشعب والمقاومة الإيرانية ضد هذا النظام، وطالما أن هذا العامل الرئيسي الذي هو أصل كل الأزمات، قائم، فلا يستطيع أي تغيير في السياسة وترتيب القوات الدولية، أن يفتح أي طريق انقاذ لهذا النظام.
النقطة النهائية
يمكن رؤية آفاق هذا الوضع، من خلال نظرة إلى خلاصة أو جانب من كلمة السيدة مريم رجوي في إفطار شهر رمضان المبارك أمام جمع من مجاهدي خلق المقيمين في أشرف 3 حيث قالت:
انظروا إلى تطورات هذه الأيام في الملف النووي. المشروع اللاوطني للوصول إلى السلاح النووي، والذي كان ركيزة أخرى لاستراتيجية النظام الإيراني للبقاء على الحكم، قد انهار بفعل جهود مجاهدي خلق وتحوّل إلى مستنقع للنظام الذي يتورط فيه أكثر فأكثر يوميًا. وفي وقت سابق في العام 2003 كان روحاني المخادع قد أفصح عن حلمه بتحقيق 50000 جهاز طرد مركزي وصيرورة النظام الفاشي الحاكم باسم الدين إلى قوة نووية. لكن بعد مرور عقد من الزمان، أُجبر على الدعاية للاتفاق النووي بأنه «فتح الفتوح» لكي يتستر على إخفاقات النظام.
كان روحاني بصدد إثارة التناقضات الداخلية في الإدارة الأميركية، لكنه الآن يرى أن التناقضات بين أوروبا والولايات المتحدة ضد النظام تقلّلت.
نعم، على مدار 40 عامًا، لقد أحرق النضال المستمر لمجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية، وبدفع أثمان باهظة، الأوراق الدينية والسياسية والعسكرية والتاريخية القوية لهذا النظام واحدة تلو الأخرى، وباختصار، فقد نظام الملالي قدرته على البقاء.
نعم، هذا النظام الفاسد لن يدوم أمام انتفاضة الشعب الإيراني ومعاقل الانتفاضة وسيسقط.