سمير عطا الله يكتب:

إيران في المضيق

منذ قيام الثورة الإيرانية قامت معها في طهران ازدواجية تلازمها: المتشدّدون والأقل تشدُّداً. المرشد والرئيس. الحكومة والحرس الثوري. الحنين الفارسي والخطاب الإسلامي. وهلم جرّاً.
في هذه الازدواجية، يسهل على طهران أن تؤكد وتنفي في وقت واحد، بحيث يتساويان. وعند الحاجة، يتم الاستناد إلى الموقف المناسب والفريق المناسب. وإيران هي الدولة الوحيدة في العالم التي تذهب إلى انتخابات الرئاسة والبرلمان، ومع ذلك لا يكون لهما أي قيمة أمام قرار المرشد الأعلى.
هذه الازدواجية حضرت أمس بكامل عدتها في مضيق هرمز: إيران تشعل ناقلات النفط، وإيران تُعلن أنها مسؤولة عن أمن المضيق. وإيران تهدد بإغلاقه كل يوم، وعندما يحترق تغسل يديها في بحر العرب. وإيران تستقبل رئيس وزراء اليابان، وإيران تنسف الناقلة اليابانية.
نُسب إلى تشرشل قوله إن بريطانيا سوف تظل تحارب حتى آخر جندي... فرنسي. وإيران سوف تظل تحارب حتى آخر حوثي وعراقي وسوري ولبناني وأفغاني وأذربيجاني. وعندما تنفي مسؤوليتها في بحر العرب عن إطلاق الطوربيدات من الغواصات، تتجه الأنظار فوراً إلى غواصات جيبوتي وطوربيدات سقطرى. والمشكلة أن إيران هي التي تقوم بعرض غواصاتها وقواتها البحرية، بمناسبة ومن دونها. وإيران هي التي تريد تحرير القدس من باب المندب.
تنفع الازدواجية إلى حين. وعندما تنفضح طويلاً تفقد مفعولها. والمهم أن يصدقها جمهورها، وليس أعداؤها الذين لم يبرع أحد مثلها في تجميعهم. لكن المسألة تعدت الهواية في خلق الأعداء والعبث في أمن المنطقة. صواريخ وطوربيدات وطائرات إيران تعبث بأمن العالم، كما قالت الأمم المتحدة.
ولم يسبق أن قام أحد من قبل بإطلاق صاروخ على مطار مدني وهو في حالة عمل. إلا فقط صواريخ الحوثي المتقدمة التي يصنعها خبراؤه في صعدة. تعبث إيران بأمن المنطقة وتريد أن تعبث أيضاً بعقل العالم.
قبل سفره إلى طهران، نفى رئيس وزراء اليابان أنه في وساطة. سمها أي شيء آخر. فمن يضمن أنها سوف تنجح؟ ومن يضمن أن ما يقال أثناء حضوره لن ينفى فور سفره. وأيهما يصدق، قول ظريف أن بلاده ماضية في التخصيب أم ظُرفه في أنها لا تريد القوة النووية؟ ومن يمثل في القولين، أم أنه يستعد لقول ثالث على الأقل.
أشعلت الوساطة اليابانية الفتائل الإيرانية دفعة واحدة: ما دمتم قد دخلتم «البازار» تعالوا نتحاسب. المصانع الحوثية تعمل بأقصى طاقاتها، براً وبحراً وجواً.