فهد ديباجي يكتب:
الاستعمار الشيطاني
الاستعمار هو السيطرة التي تمارسها دولة أو جماعة على شعب والتحكم بمصيره واستغلال خيراته لصالح البلد المستعمر، مثلما قامت به أوروبا حين اندفعت للغزو والاستعمار في قارات آسيا وأفريقيا والعالم الجديد (الأمريكيتين وأستراليا)، وقد ظهر الاستعمار نتيجة الانفتاح وحب المغامرة والاستكشاف والبحث عن الثروة والذهب ومحاولة للتخلص من الاضطهاد الطائفي والسياسي، والبحث عن الأسواق لتصريف منتجاتها والبحث عن المواد الأولية، ولاستثمار رؤوس الأموال الأوروبية الفائضة.
لأن الدول لم تعُد تسقط إلا من الداخل، وبدلا من إرسال الجيوش للغزو بتكاليف باهظة أصبح الهجوم يتم عن طريق مرتزقة تدفع تكاليفهم للأسف دولة عربية مسلمة متآمرة ومجنونة طموحها أكبر من حجمها، وكانت الممول المالي والفكري لهذه الثورات وخطط الاستعمار المالي
أدَّت قطر التي تمتلك ثلث احتياطي في العالم من الغاز الطبيعي المسال، وعبر استراتيجية التدويل الجريئة التي وضعت قطر على الخريطة بوصفها لاعبا إقليميا وعالميا ديناميكيا وقوة ناعمة وشهرة دولية، دوراً حيوياً في الربيع العربي؛ إذ هي بلورت عبر شبكة الجزيرة الفضائية، سرديات الاحتجاج البازغة، كما أنها عبأت الدعم العربي، بداية من ثورة تونس ثم التدخّل الدولي في ليبيا، ثم مصر وسوريا واليمن وحاليا السودان والجزائر، وفي خضم هذه المرحلة، قدّمت قطر نفسها أنها المتحكم بالشؤون العربية، حتى إنها دعت ورغبت أن تصل الثورة والاحتجاجات إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
منحت ثروات الموارد الضخمة هذه، جنباً إلى جنب مع الحجم الصغير لعدد السكان الأصليين، المسؤولين القطريين فسحة واسعة من حرية المناورة، وحرّر الإمارة من الضغوط الاقتصادية التي يعاني منها كثير من الدول في المنطقة؛ لذا عملت وسعت بأفعالها المشينة والتآمرية على جيرانها وعلى كل العرب؛ لأنها كانت موعودة بحكم بعض دول الخليج، لهذا فعلت ما فعلت بهدف تحقيق هذا الطموح وجندت أموالها وعلاقاتها وإعلامها لتفتيت الخليج والدول العربية، وكانت تسعى لتحقيق اتفاقية (سايكس بيكو) جديدة أبطالها هذه المرة تركيا وإيران وإسرائيل، وبتوافق غربي كانت قطر رأس الحربة فيه بتبني مشروع الإسلام السياسي.
ولكي تضمن قطر الحماية والقوة والتأثير وضمان عدم المحاسبة، استطاعت عبر أموالها ورشاويها أن تشتري وتستحوذ على كثير من الإعلام الغربي لخدمة سياستها الخارجية، وأن تستثمر بمراكز بحثية عالمية، كما أنها شاركت واستحوذت على المؤسسات والشركات ذات التأثير في الفعلي لصانعي القرار الغربي لاستخدامها في تحقيق مصالحها وأهدافها.
انقسام الدول العربية وإضعافها عسكريا وماليا يجعلها تحت رحمة هذه الدول، فليس بالضرورة أن يتم إسقاطها تماما -من الناحية العسكرية-، كما حدث في الاستعمار القديم، وإنما بقاؤها ضعيفة ماليا في ظل وجود شعوب بأعداد هائلة فقيرة وجائعة وفي ظل وجود جماعات وقيادات موالية، تحقق الهدف المضمون، وبالتالي تضطر هذه الدول للاستدانة والقروض حتى تفلس، ثم تُستنزف ثروات هذه الأوطان نتيجة هذه القروض والديون والقيادات الجديدة الموالية والخائنة؛ ليعود الاستعمار القديم ولكن على هيئة استعمار شيطاني جديد، وبأيادٍ عربية خالصة؛ ولأن الدول لم تعُد تسقط إلا من الداخل، وبدلا من إرسال الجيوش للغزو بتكاليف باهظة أصبح الهجوم يتم عن طريق مرتزقة تدفع تكاليفهم للأسف دولة عربية مسلمة متآمرة ومجنونة طموحها أكبر من حجمها، وكانت الممول المالي والفكري لهذه الثورات وخطط الاستعمار المالي الذي لا يقل شراسة وعتمة عن الاستعمار التقليدي، وعبر استراتيجية غربية محكمة لتحقيق مصالحها في المنطقة وأهداف وتطلعات بعض أبناء المنطقة بكذبة الحرية والمدنية والديمقراطية.