عماد الدين أديب يكتب:

المشروع الشيطاني التركي

التدخل التركي في غزة وليبيا والسودان يعكس حقيقة شرور المشروع «الأردوغاني» للسيطرة على المنطقة.

ويقول مناصرو سياسة أردوغان من جماعة «الإخوان المسلمين» إن هذا ليس تدخلاً أو احتلالاً، لكن يمكن تبريره على النحو التالي:
1 - أنه يتسق مع حماية المصالح التركية في المنطقة.
2 - أنه دعم لقوى الإسلام السياسي، أي أنه موقف مبدئي عقيدي، لا يخفيه الرئيس التركي، ولا حزبه ولا حكومته.
3 - أنه يحق لتركيا أن تتعاون مع أنظمة أو جماعات، طالما أن ذلك يتفق مع الشرعية الدولية، وبناء على طلب السلطة الشرعية لهذه الدول وليس رغماً عنها.
ويُدلل هؤلاء على أن قاعدة «سواكن» على البحر الأحمر جاءت بطلب وموافقة سلطة الرئيس السابق عمر البشير، وأن مبيعات السلاح والوجود التركي جاءت باتفاقية مكتوبة مع حكومة الوفاق الليبية، وأن دعمهم حركة حماس في غزة منذ عام 2006 جاء بتعاون مع حكومة حماس وترتيب وضمانة دولة قطر.

هذا يبدو للوهلة الأولى سلوكاً بريئاً كريماً، إلا أن الدخول والتعمق في تفاصيله يجعلك تدرك حجم المشروع الشيطاني التركي.

في «سواكن» كان الغرض ليس وجود قاعدة تدريب للجيش السوداني، لكنها قاعدة صواريخ تركية تتحكم في البحر الأحمر، (تركيا ليست دولة مطلة على هذا البحر، وليس لها أي مصالح جغرافية بها)، وتقع مدينة سواكن شمال شرق السودان على الساحل الغربي للبحر الأحمر.

مدى الصواريخ التركية يشكل تهديداً مباشراً للأراضي المصرية، ولحركة الملاحة في هذه المنطقة.

لا يمكن أن ينجح المشروع التركي في تصدير الأوهام والشعارات السياسية والإسلامية، بينما تدل الوقائع على أنها «مشروعات فاسدة ذات أغراض شيطانية مخالفة للعقل والمنطق والدين»
بالنسبة للوجود التركي في ليبيا، فهو وجود لدعم حكومة الوفاق الإخوانية، ولدعم مليشيات تبدأ من الإخوان وتنتهي بداعش.
الوجود التركي ساعد وسهل نقل الإرهابيين من أماكن القتال في سوريا إلى ليبيا، بهدف تهديد الحدود الغربية المصرية.

الوجود التركي يتحكم في البنك المركزي الليبي الموجود في طرابلس وحكومة الوفاق، وتحديداً في وزيري الداخلية والاقتصاد.

الوجود التركي يقوم على لعب الدور رقم واحد في تصريف البضائع التركية ومشروعات البناء والإعمار، وشحنات السلاح، وخبراء التدريب على القتال وإدارة المعارك.

يهدف الوجود التركي إلى إنشاء قاعدة بحرية دائمة في طرابلس تتحكم في الميناء الأول، وفي حركة البضائع وتصدير النفط.

والتورط العسكري التركي هو جزء من سلوك القرصنة الذي بدأ على الحدود اليونانية والقبرصية، ويتم استكماله على السواحل الليبية، وهي الأطول اتساعاً لدولة عربية على «المتوسط».

نأتي إلى غزة التي تعتبر آخر ضلع في مثلث إثارة المتاعب الاستراتيجية لأمن مصر «سواكن في السودان، طرابلس في ليبيا، وغزة على حدود سيناء».

ويمكن فهم علاقة أنقرة بغزة، مثل علاقة طهران بالحوثيين.

هذا المثلث الشرير يهدف بالدرجة الأولى إلى إسقاط الدولة الوطنية في مصر، وتطويعها كي تصبح دويلة تابعة داخل نظام خلافة العثمانيين الجدد.

ترفع تركيا شعار دعم الفلسطينيين، وهي الشريكة الاستراتيجية في التصنيع العسكري مع وزارة الدفاع الإسرائيلية.
تدّعي تركيا رغبتها في تحرير القدس، وهي صاحبة أهم بروتوكول أمني استخباري مع الموساد الإسرائيلي ظهرت علاماته القوية في تنسيق العمليات "التركي-الإسرائيلي" في سوريا.

لا يمكن أن ينجح المشروع التركي في تصدير الأوهام والشعارات السياسية والإسلامية، بينما تدل الوقائع على أنها «مشروعات فاسدة ذات أغراض شيطانية مخالفة للعقل والمنطق والدين».

طبعاً تزداد الصورة وضوحاً إذا اتسعت الرؤية لتشمل أدوار «أنقرة» في العراق وسوريا وجيبوتي والصومال وقطر وعداءها المستحكم ضد مصر والسعودية والإمارات.