عماد الدين أديب يكتب:

بن سلمان هو "جواب الأسئلة"!

سؤال: من هو الممسك بمفاصل مستقبل السعوديّة السياسيّ والأمنيّ والاقتصاديّ؟

احتفلت السعودية هذا الأسبوع مرّتين: الأولى في ذكرى اليوم الوطني، والثانية ضمنيّة يفهمها المتابع، وهي "نضوج تطوّر مقاليد الحكم" لدى الرجل القويّ الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز.

خلال هذا الأسبوع ، كانت الرسالة واضحة للجميع في الداخل والخارج، وهي أنّ "سلمان مليكنا" و"محمّد" "هو حاضرنا ومستقبلنا".

هناك قبول وتسليم ورضى بهذا الواقع، وهناك أمل عظيم بهذا المستقبل الذي "هندسه" و"رسمه" ويمسك بقوّة بكلّ مفاصله محمد بن سلمان.


احتفلت السعودية هذا الأسبوع مرّتين: الأولى في ذكرى اليوم الوطني، والثانية ضمنيّة يفهمها المتابع، وهي "نضوج تطوّر مقاليد الحكم" لدى الرجل القويّ الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز

الرجل من مواليد 3 آب 1985. وهو وليّ العهد، نائب رئيس الوزراء الوحيد، وزير الدفاع، يرأس أكثر من مئة لجنة نوعيّة تدير شؤون البلاد، يُشرف على الصندوق السيادي السعودي والموازنة السنوية للبلاد، وهو المشرف على أرامكو (أكبر شركة في العالم من ناحية الأصول المادّية)، والمشرف الأوّل والمخطّط الأوّل لرؤية السعودية للعام 2030، وصاحب حلم أكبر وأحدث مشروع عمرانيّ في العالم، وهو "نيوم".

ازدادت قوّة الرجل بشكل مضاعف خلال المئة يوم الأخيرة. وبرهن عن حضور استثنائي في ملفات تُعتبر استراتيجية بالنسبة للعالم أجمع، وهي:

- أوّلاً: زيارة الرئيس الأميريكي جوزيف بايدن لجدّة واجتماعه مع زعماء دول مجلس التعاون ومصر والأردن والعراق، وإغلاق ملف مقاطعة الرياض.

- ثانياً: ارتفاع الدخل الكلّيّ للمملكة من عائدات النفط ما بين 65 إلى 80 مليار دولار أميركي نتيجة ارتفاع أسعار النفط.

- ثالثاً: نجاح السعودية في الوساطة مع موسكو للإفراج عن أسرى في الحرب الروسية-الأوكرانية.

- رابعاً وأخيراً: التحرّك الذكي النشط للسعودية في ما يتعلّق بكميّات الإنتاج داخل "أوبك بلاس" بما يحافظ على 3 أمور شديدة الحساسيّة:

1- عدم الإضرار بروسيا التي تُعتبر شريكاً رئيسياً لـ"أوبك بلاس".

2- خدمة الأسوق المتعطّشة لطاقة متوافرة بأسعار مقبولة.

3- خدمة المصلحة الوطنية لاقتصاد "أوبك بلاس" ليس من منظور الدول التابعة لواشنطن التي تخسر عائداتها من أجل "سواد عيون الأميركيين".

هناك فصل جديد في واقع ومستقبل محمّد بن سلمان بعد الحرب الروسية-الأوكرانية وارتفاع أسعار البترول وزيارة بايدن.

الرجل أكثر قوّة وأكثر تمكّناً وأقلّ تعرّضاً لعاصفة ما بعد خاشقجي.

ثبت للجميع أنّه لا يمكن الحياة بدون نفط، ولا نفط بدون كميّات يحتاج إليها السوق، ولا كميّات بدون "أوبك بلاس"، ولا "أوبك بلاس" بدون دور سعودي-إماراتي، ولا دور سعوديّاً بدون محمد بن سلمان.

لا يرى وليّ العهد السعودي نفسه لاعباً محلّيّاً داخل جدران مملكته، لكنّه يتحرّك إقليميّاً وشرق أوسطيّاً.

ينظر الرجل لدوره على أساس أنّه عضو أساسيّ في قمّة العشرين، و"أوبك بلاس"، وصاحب علاقات استراتيجية مع واشنطن وموسكو وبكين.

أخيراً قام بتصغير المشاكل مع كلّ من الدوحة وأنقرة.

يلعب الرجل دوراً أساسيّاً في دعم دول إقليمية مثل مصر والعراق والأردن والسودان.

وإلى كل ذلك دفع في اتجاه إصدار "بيان ثلاثي" مع واشنطن وباريس بشأن دعم السياسة والاقتصاد في لبنان.

عند كتابة هذه السطور يزور بلاده مستشار ألمانيا ومعه فريق وزاري مهمّ وممثّلو أكبر 45 شركة ألمانية عملاقة للاستفادة من فوائض مبيعات النفط السعودية لتوظيفها في مشاريع استثمارية عملاقة وحيويّة.

هناك تراكم خبرات هائل في زمن مضغوط ومحدود جعل من الرجل يدير ملفّه، الآن، بمهارة.

مرّ الرجل بمراحل خبرة مختلفة خلال عدّة فصول زمنيّة:

- أوّلاً: مرحلة التدريب والإشراف والصقل الأبويّ التي أشرف فيها والده عليه بدءاً من العمل في إمارة الرياض، وهيئة الخبراء بالديوان، ثمّ إدارة مكتب وزير الدفاع.

- ثانياً: مرحلة منصب وزير الدفاع ومنصب وليّ العهد.

- ثالثاً: مرحلة الإشراف على خطّة الرؤية وما بعد حرب اليمن والإمساك ببعض مفاصل الدولة، وتوافق ذلك مع وصول دونالد ترامب للرئاسة في واشنطن، وبناء علاقة خاصّة معه وصلت إلى أوجها بعد زيارة الرئيس الأميركي للرياض والاجتماع مع زعماء 54 دولة إسلامية.

- رابعاً: مرحلة تولّي منصب ولاية العهد ومواجهة عاصفة أزمة خاشقجي.

- خامساً: مرحلة خسارة العلاقة الخاصة مع الرئيس ترامب ومستشاره جاريد كوشنر بعد فوز إدارة بايدن وموقف الإدارة الديمقراطية من الرياض ومن وليّ العهد.

- سادساً: مرحلة الصمود أمام الضغوط الأميركية-التركية-القطرية والصبر الحكيم في ردّ الفعل.

- سابعاً: تصغير المشاكل مع قطر وتركيا وأخيراً مع إدارة بايدن.


ثبت للجميع أنّه لا يمكن الحياة بدون نفط، ولا نفط بدون كميّات يحتاج إليها السوق، ولا كميّات بدون "أوبك بلاس"، ولا "أوبك بلاس" بدون دور سعودي-إماراتي، ولا دور سعوديّاً بدون محمد بن سلمان

في الداخل حسم الأمر داخل مراكز القرار في الرياض لجهة أنّ "وليّ العهد هو المستقبل للدولة السعودية الثالثة".

تمّ استيعاب آثار ملفّات خاشقجي، والريتز-كارلتون، وحرب اليمن، والانفتاح الاجتماعي، وتمكين المرأة، وخفوت صوت المتشدّدين.

يدرك الرجل أنّ ملفّ اليمن ومدى التزام الجانب الحوثي بتجديد الهدنة مرتبط أساساً بإرادة طهران وموقفها من استخدام هذا الملفّ سلباً أو إيجاباً بناء على النسخة النهائية لإنجاز أو عدم إنجاز الاتفاق النووي.

لا يساور الرجل شكٌّ في أنّ بايدن وإدارته الديمقراطية يتعاونون معه ومع الرياض "تعامل المضطرّ" بسبب أزمة الطاقة العالمية الحالية وضغوطها على الاقتصاد الأميركي.

يقول الرجل إنّ لقاء مستشار البيت الأبيض آموس هوكستين وكبار خبراء الخارجية الأميركية معه في جدّة أمس الأول ليس فقط لشكره على موقفه في الإفراج عن اثنين من الأسرى الأميركيين في الحرب الروسية-الأوكرانية، بل ومن أجل بحث مستقبل كميّات وأسعار الطاقة في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية الجديدة.

كلّ شي يضع محمّد بن سلمان في مركز قيادة قاطرة "محليّة إقليمية ودولية".

يحدث ذلك في حين المشاعر الوطنية لدى الشباب السعودي (يمثّل الذكور والإناث تحت سنّ الـ 35 عاماً أكثر من 61 في المئة) تتعاطف مع الرجل كممثّل له مستقبل أفضل.

آخر الدلائل على ذلك نجاح أغنية وطنيّة كتبها الشاعر المبدع الأمير عبدالرحمن بن مساعد، ولحّنها "سهم"، وهو اسم رمزي لملحّن مبدع من أصحاب السمو الملكي يبلغ 38 عاماً.

سجّلت الأغنية حتى كتابة هذه السطور في أيّام معدودات أكثر من 40 مليون متابعة، منها صعود قياسي من صباح إلى مساء يوم الخميس الماضي من 20 إلى 30 مليون متابعة، أي 10 ملايين متابعة إضافية في 24 ساعة، أي أنّ الأغنية سُمعت من أكثر من تعداد الشعب السعودي (30 مليوناً).

أغنية جواب الأسئلة تتعدّى لوحة شعريّة مبدعة أو لحناً عصريّاً أو صوتاً صادقاً لعبد المجيد عبدالله، فهي تعبير لافت عن ارتفاع منسوب الوعي الوطني والعاطفة الجيّاشة التي اندلعت في نسيج المجتمع السعودي. من هنا يصبح مستقبل محمد بن سلمان السياسي هو "جواب الأسئلة".