ثامر الحجاميِ يكتب لـ(اليوم الثامن):

العراق: سانت ليغو قانون أم لعبة ؟

 رغم إن طريقة سانت ليغو أبتكرت عام 1910، إلا أن العراقيين لم يعرفوا هذا الإسم إلا حين مارسوا الإنتخابات، وأجريت عليه تعديلات كثيرة،عند كل عملية إنتخابية، مما إثار جدلا واسعا في الشارع السياسي العراقي بين مؤيد ورافض.

  ففي عام 2014 أعتمدت صورة معدلة لقانون سانت ليغو، بقاسم إنتخابي 1.4 بعد إن كان 1.7 في الإنتخابات التي سبقتها، ثم أصبح 1.9 في إنتخابات عام 2018، مما أضاع على القوائم والكتل الصغيرة فرصة الوصول الى البرلمان والمشاركة في العملية السياسية، حيث كان وجودها واضحا في الدورة التي سبقتها.

    مجالس المحافظات في العراق ما زالت تعيش تأثيرات قانون سانت ليغو المعدل، فالكثير من الكتل المشتركة في تلك المجالس، هاجسها الحصول على أكبر المغانم من وجودها في السلطة، فلا إئتلافات مستقرة تدير المحافظات، والمناصب التنفيذية تتغير كل فترة بإختلاف تلك الكيانات، وآخرها ما شهدناه من إقالة للمحافظين في أغلب محافظات العراق، في بغداد الموصل والنجف وكربلاء وذي قار والسماوة والديوانية، والفوضى التي حصلت فيها جعلتها عاجزة عن القيام بالمهام الموكلة اليها، مما أثر على مستوى تقديم الخدمات الى المواطن.

   البعض يريد من قانون سانت ليغو أن يضمن مشاركة القوائم الصغيرة ويسهل وصولها الى السلطة، كي لا يكون الأمر مقتصرا على القوائم والأحزاب الكبيرة، تحت ذرائع متعدد منها المساعدة على وصول الكفاءات وضمان مشاركة الجميع في الحكم، وعدم ضياع الأصوات وتسهيل مشاركة أعداد كبيرة من الناخبين، لكن التجربة أثبتت الفشل الذريع لهذه الآراء وولدت فوضى ما زالت تعاني منها المحافظات، بعد أن تخلص البرلمان من التركة السابقة بعد إنتخابات عام 2018.

   أقر البرلمان العراقي قانون الإنتخابات الجديد، الذي سينظم إنتخابات مجالس المحافظات في بداية نيسان 2020، معتمدا على القاسم الإنتخابي 1.9 الذي سيقصي القوائم والاحزاب الصغيرة، التي لن تجد لها فرصة في منافسة الأحزاب الكبيرة، ويمنع " أفضل الخاسرين " من الوصول الى السلطة، وهو أمر وإن كان يقلل من فوضى تشكيل الأحزاب والكيانات التي تجاوز عددها 250 حزبا، لكنه سيعزز سطوة الأحزاب الكبيرة وإمساكها بقرار إدارة المحافظات.

   ما بين سانت ليغو وسانت ليغو المعدل وتغير قواسمه الإنتخابية تبعا للظروف السياسية ومصالح الكتل الحاكمة، غاب الإستقرار عن المشهد السياسي العراقي محليا وإتحاديا، بسبب غياب القانون الذي يضمن نزاهة العملية الإنتخابية، ويوفر العدالة للجميع، ويعطي ثقة للناخب بعدم ضياع صوته، ويبعد البلاد عن الصراعات السياسية التي لا تحمد عقباها، التي من آثارها حرق الصناديق وإقالة مفوضية الإنتخابات السابقة.

ما نريده هو قانون ينظم العملية الإنتخابية في العراق، ويوفر ظروف ملائمة للتطور والإزدهار، وليس لعبة تساعد أصحاب القرار على التشبث بالسلطة.