د. ياسين سعيد نعمان يكتب:
العودة إلى المشروع السياسي
ستكتشفون حجم الخطيئة بعد ما يحل الخراب بالجميع، وأنكم جميعاً ضحية، ولن يكون للندم بعد ذلك معنى أو أن للحكمة المتأخرة قيمة.
كم هي التجارب التي جعلت الجميع يعضون أصابع الندم ولكن بعد فوات الأوان.
لن يشكل تدمير عدن وترويع سكانها سوى المزيد من توسيع دائرة الهزيمة للجميع.
العودة للمشروع السياسي والحوار هو الذي سيؤسس حلاً ثابتاً وعادلاً لكل قضايا الخلاف.
لنتذكر دائماً أن استخفاف القوة بالمشروع السياسي في أكثر من تجربة لم يصمد أمام وقائع الحياة، ذلك أن القوة لا تلبث أن تنقلب على نفسها في أكثر من تجربة.
الذي ينتصر بالعنف يجد نفسه في نهاية المطاف أسيراً لنتائج وأدوات هذا العنف، كما حدث في كل التجارب السابقة.
لا يجب أن تحل القضايا السياسية العادلة بالعنف، أو أن يرتبط مستقبلها بالعنف، كما لا يجب أن تواجه بالعنف بأي شكل كان، لأن النتائج التي ستترتب على ذلك ستنتج على الدوام أدوات صراع داخلية غير قابلة للتسوية إلا بالدم، فالتجارب التاريخية تقول ذلك.
يجب التمسك بنهج الحوار الذي أسس أول تجربة في اليمن على طريق استعادة الوعي بأهمية العمل السياسي في حل المعضلات الوطنية، ولن يكون التخلي عنه غير تكريس لنهج القوة الذي أفسد حياة اليمنيين على مدى سنوات طويلة لصالح المتنفذين والفاسدين ممن ظلوا يغذون الصراعات ويعيقون بناء الدولة.
الآن سقط الوضع في مستنقع العنف، ولا بد لهذا العنف أن يتوقف فوراً لأنه لن يفضي إلا إلى طريق الحروب على نحو أوسع وأبشع.
يجب أن لا يذهب العنف بالأمور إلى نهايات لا يمكن معها إدراك أهمية العودة إلى المشروع السياسي الذي يقوم على تعزيز الدولة ومشروعيتها ودورها في مواجهة المشروع الانقلابي الحوثي الإيراني، فهو أصل المشكلة التي يجب أن يتجه إليها الجميع، وأن تتسع هذه الدولة للجميع ولكل القضايا، وأن تنشئ آليات قانونية وسياسية لشراكة حقيقية تؤدي إلى الاعتراف بحق الناس في تقرير مصيرهم السياسي.
شخصياً لا أرى أي أفق للاستقرار والسلام إذا أصر العنف على السير بقضايا الخلاف إلى النهاية، فلن تكون هذه النهاية سوى بداية لجولات أخرى من العنف.
أسجل رأيي المتواضع، وأتمنى من الذين يتناوبون على شحن الوضع المتفجر بالمزيد من التأجيج أن يتوقفوا، فنحن بالعنف سنظل أمام مسارات مجهولة لا أحد يعرف أين ستتوقف بنا.