فهد ديباجي يكتب:
ما بين المقاومة الكبرى والخيانة الكبرى
اتهم ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي في حوار مع صحيفة الراية القطرية أن ( التطبيع) عار على الإمارات والسعودية، وكل من يساعد إسرائيل على قمع الشعب الفلسطيني هو عدو للمسلمين، لأنها تغتصب فلسطين، وتعمل على تهويد القدس وهدم الأقصى، وذكر أن كل من يوافق على صفقة القرن سيتعرض لمحاكمة التاريخ حتى بعد موته، وطالب حكام الإمارات والسعودية بوقف دعمهم لصفقة القرن وإسرائيل، وأن تطبيع السعودية والإمارات مع إسرائيل (خيانة كبرى).
ما بين المقاومة الكبرى الوهمية التي تستحق الشكر، والخيانة الكبرى الكاذبة التي لا تغتفر، سننتظر وسنرى في الأيام المقبلة من هو المقاوم أو الخائن الحقيقي، وسنتأكد من هم دعاة ومؤيدو صفقة القرن ومن هم المطبّعون الحقيقيون
لا نعلم هل هذه التصريحات من باب خالف تعرف وعكس للتيار الذي هي عليه دولته؟ أم أنه أراد أن يمنح الشعب القطري جرعة رفع معنويات فأصاب رئيسه بسهام الخيانة الكبرى؟ أم هي رسالة ضحك ودغدغة لمشاعر قطيع وسذج من المستهلكين لترهاته في المنطقة عرفوا بأنهم مغيبون عن واقعهم بأفعال حزبية مقيتة وعقلية مريضة حاقدة وحاسدة، رغم أن السائل والمجيب كلهم مطبعون مع إسرائيل، وهم بذلك يحتاجون محللا نفسيا وليس سياسيا، كما يقول المثل العربي (رمتني بدائها وانسلت)؟
من المؤكد أن هذه التصريحات والهرطقات الجوفاء هي جزء من الحملة المركزة والشرسة الموجهة إلى السعودية والإمارات بهذا الخصوص وبهذا التوقيت بالذات، والتي تتزامن مع تعالي الأصوات الموجهة من الداخل الفلسطيني، بخلق مسرحيات تافهة للفت الانتباه، وبأسلوب محترف للتعاطي مع هذا الوضع على أنه حقائق مُسلم بها لا تقبل الجدال أو النفي، وعلى الناس تصديقها، وهي تأكيد على الحالة المرضية (الشيزوفرينيا) التي يعاني منها أردوغان وحزبه وأتباعه التي يبدو أنها في استفحال مريع، والتي من أعراضها: أن تفعل أمرًا جهارًا نهارًا وتوثيقًا عن قناعة وتحدٍّ، ثم تدخل في حالة إنكار وتتحدث بعكس ما فعلت، ثم تضع اللوم بكل وقاحة على غيرك وتعيب عليه بما قمت أنت بفعله، وأخيرًا تتوقع أن يصدقك السامعون. وبالتالي فمن المهم تجاهل هذه الأفعال المشينة والوقاحة الواضحة التي تجاوزت كل الحدود، فليس بعد الكفر ذنب، هم انغمسوا في الشر، وهم كمن يئس من رحمة الله؛ لهذا لن يتراجعوا مهما كثر الناصحون لهم.
لا شك أن هذا الزخم الإعلامي والنباح المتواصل على دول المقاطعة معروفة ومكشوفة أهدافهما، والتي من بينها تنفير هذه الدول وخصوصا السعودية من القضية الفلسطينية ولترفع يدها عنها، لأنهم يعرفون حجم وقوة ومكانة السعودية التي أكدت قوائم الأمم المتحدة وبينت أن هناك ثلاث دول عربية داعمة للاجئين الفلسطينيين (السعودية- الإمارات- الكويت) وهي الدول التي يشتمها (ناكرو الجميل)، مما يعني أنها لو طبعت العلاقات مع إسرائيل، فهي نهاية حتمية للقضية الفلسطينية.
وبالتالي إما أنهم سيستمرون في تطبيعهم دون منافسة، وإما أن هذه المحاولة الإعلامية الفاشلة ما هي إلا إجبار على التطبيع مع إسرائيل مقابل جائزة لا نعلم ما هو حجمها ومقدارها، أو أنه لتخفيف الضغط الشعبي والإفلاس السياسي لدى هذا المحور الشرير المقاوم كذبًا، فكلما علا صراخهم وعويلهم زادت معاناتهم أو أقبلوا على شيء عظيم يحاولون صرف الأنظار عنه ويرمونه على الغير.
وما بين المقاومة الكبرى الوهمية التي تستحق الشكر، والخيانة الكبرى الكاذبة التي لا تغتفر، سننتظر وسنرى في الأيام المقبلة من هو المقاوم أو الخائن الحقيقي، وسنتأكد من هم دعاة ومؤيدو صفقة القرن ومن هم المطبّعون الحقيقيون.