ثامر الحجامي يكتب لـ(اليوم الثامن):

مرة أخرى.. قابيل يريد قتل هابيل

حين نقلب صفحات التاريخ.. ونقف عند جريمة قتل قابيل لآخاه هابيل ونبحث في الأسباب التي أدت الى ذلك، لربما تصبينا الدهشة! فلا ذنب لهابيل من عدم تقبل نذور قابيل، سوى إنه كان صالحا تقيا نقي السريرة، لكنه قوبل بالظلم والحسد من أخيه فأقدم على قتله.

  تلك الجريمة أصبحت أساسا في الصراع البشري، ورمزا  للصراع بين الفضيلة والرذيلة، بين الحق والباطل، فكان على إثر ذلك الصراع الدائم بين البشرية، الذي ذهب ضحيته الملايين من الضحايا على مر التاريخ، وإتخذ طرقا عديدة تطورت بتطور البشرية، فمن حرب السيوف والضرب بالمنجنيق الى الأسلحة النارية، حتى وصلنا الى إستخدام الأسلحة النووية.

   بتنا نشهد الآن طرقا أخرى مثل الحصار الإقتصادي والحروب الإعلامية التي تحاول تشويه الحقائق وتغير مفاهيم المجتمعات، محاولة نخرها من الداخل حتى تبدو ضعيفة هزيلة، يسهل هزيمتها وإنكسارها بعد أن تفقد الثقة في الحقائق الدامغة، حتى وإن تشاهدها في أم عينها، فيكون الإعلام كالعثة التي تأكل الشجرة الخضراء، فيحيلها يابسة جرداء خاوية على عروشها.

   يعبر عن الصحافة أو الإعلام بصورة عامة بأنها " السلطة الرابعة "، لإنها عين الجماهير في مراقبة السلطات الثلاث، وصوته المعبر في أيصال مظلوميته وطلباته والمطالبة بحقوقه، ولها الدور الرئيسي في ولادة الديمقراطية ونموها، ونشر الأخبار والحقائق وإثارة الثورات ضد الدكتاتورية والطغيان، ودليل ذلك ما كان للإعلام من دور رئيسي في ثورات " الربيع العربي ".

    لكن بعض الدول التي تريد فرض هيمنتها وأجنداتها  الخاصة على الأمم والشعوب، ما زال مصرة على إستخدام الإعلام كسلاح للسيطرة، وليس وسيلة للتواصل وتبادل الثقافات، مثال ذلك ما فعلته قناة الجزيرة إبان الأحداث المصرية الأولى التي أوصلت الإخوان الى سدة الحكم، وما تفعله قناة العربية في صراعها مع إيران والأحداث في سوريا، وقناة الحرة التي هي إنعكاس للسياسة الأمريكية في المنطقة.

   قناة الحرة التي وجهت سهامها نحو مكون عراقي معين، وإستخدمت إسلوب دس السم في العسل في أخبارها وتقاريرها عن الوضع العراقي، رفعت من وتيرة إستهدافها هذه المرة حتى وصل الى العتبات المقدسة، وراحت تلفق التقارير الكاذبة، عن مؤسسة كانت تمدحها قناة الحرة في تقارير سابقة، ولكن لأن ضياء الإنجازات التي حققتها العتبات بإدارة معتمدي المرجعية صار يعمي عيون إدارة الحرة، فكان لابد من وضع النظارات الواقية وفبركة الأخبار الكاذبة.

   حين نراجع بيانات الإقتصاد العراقي نجد إن للعتبات الدور الأكبر في تحسنه، وحين نشاهد حجم المنشآت التي إنجزتها العتبات، نراها تعادل حجم ما أنجزته الدولة، وعندما نذكر الاستثمارات نجد العتبات هي المتفوقة في هذا المجال، وفي الواقع الصحي فإن مستشفيات العتبات من أرقى المستشفيات في البلاد، ناهيك عن تشغيل آلاف الأيدي العاملة، وزراعة آلاف الدوانم بمختلف المحاصيل الزراعية، فضلا عن عشرات الآلاف من الحالات الإنسانية التي تقدم لها العتبات معونات شهرية.

ولكن لأن الفضيلة لابد من رذيلة تتصدى لها، فقد شمرت قناة الحرة عن ساعدها وإستنفرت كوادرها، لإثارة الغبار وذر الرماد في العيون وإستغفال عقول السذج،  حول منجزات العتبات المقدسة  التي غيرت موازين القوى الإقتصادية في المنطقة، وذلك هو المقصود من تقرير الحرة، محاولة إرتكاب جريمة أخرى هي شبيهة بجريمة قتل قابيل لأخاه هابيل.