كرم نعمة يكتب:

جائزة الغباء الأخلاقي للتبغ

منحت الكاتبة سارة تور جائزة خاصة بالغباء لشركة “بريتيش أميركان توباكو” لإنتاج التبغ، معتبرة أن منتجها الجديد، لا يمكن أن يصنف إلا تحت بند الغباء الأخلاقي.

المنتج الجديد هو نوع من التبغ الساخن يستهدف الشباب وفق حملة إعلانية تقودها الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي، في عرض بديل للتدخين ضمن موضة السجائر الإلكترونية. وتتوقع سارة في مقال لها بصحيفة التايمز البريطانية أن الشركة التي تأسست سنة 1902 يجب أن تكون أكثر ذكاء كي تسوغ هذا النوع من التبغ الساخن الذي يشبه الصمغ. متوقعة أن تتحول الحملة الإعلانية إلى وابل معاكس للضرر بدلا من الترويج، فأزمة السجائر الإلكترونية بدأت في التراكم بعد إعلان وفاة أول شخص في الولايات المتحدة بمرض الرئة المرتبط بالتدخين الإلكتروني. فيما حذّر باحثون بكلية بايلور للطب بالولايات المتحدة، من أن التعرض لدخان السجائر الإلكترونية يعطل وظيفة الرئة الطبيعية، ويقلل من قدرة الخلايا المناعية على مواجهة العدوى الفيروسية.

لذلك تبدو الفكرة التي تقدم الأنواع الجديدة من السجائر كنوع من الحل للإقلاع عن التدخين، واهنة وهزيلة ولا تغير من درجة الضرر والإزعاج، أو حسب تعبير البروفسور لويك جوسيران رئيس اتحاد مكافحة التبغ أن “السجائر الإلكترونية ليست أداة سحرية للإقلاع عن التبغ”.

ويقول “لا نعلم مما تتألّف تحديدا، ولا نعرف ماذا يستنشق المدخنون، فكثيرة هي الماركات المتوفرة في السوق لكن قليلة هي المعايير المطبّقة”. وهذا الكلام ينطبق على الحملة الإعلانية للسجائر الصمغية الجديدة، التي وصفتها سارة بتطرف بالغباء المريع الذي لن يحصد غير الفشل.

وتبدو محقة إلى درجة كبيرة، فالتدخين بدأ يتحول إلى سلوك شاذ في غالبية المجتمعات والمدن “إلا في مدننا ومجالسنا العربية”! بالأمس حظرت جزيرة مايوركا الإسبانية التدخين في ثلاثة شواطئ أخرى فيما تعلن حربا على أعقاب السجائر.

وقبلها أصبحت سان فرانسيسكو أول مدينة أميركية كبرى تمنع تصنيع السجائر الإلكترونية وبيعها، وسط تنامي المخاوف بشأن مخاطر صحية لها خصوصا بين أوساط الشباب. فيما يضيق الخناق على شركات تصنيع التبغ وتتفاقم خسائرها، بعد أن امتلك نسبة كبيرة من المدخنين إرادة القرار على أمل أن يتراجع باطراد عددهم.

حيال تلك الانتكاسات تجري اثنتان من أكبر مجموعات إنتاج السجائر في العالم “فيليب موريس انترناشيونال” و”التريا” مفاوضات لإعادة اندماجهما وإيجاد وسائل التعويض عن التراجع الكبير في مبيعات هذه السلعة.

ماذا يعني ذلك؟ إن العقول الإعلانية في شركات التبغ تفكر بالبدائل في مواجهة الخسائر، لذلك تروج اليوم للتبغ الصمغي الساخن، وهو نوع أردأ من أن يجد له عقلا سويا لتدخينه!