رشيد الخيُّون يكتب:

تحريم التدخين عند الفقهاء.. السجارة تغيير لخلق الله

سبب تحريمه، في نهاية القرن التاسع عشر أزمة سياسية كبرى بين إيران وبريطانيا، لانت لها العروش، غير أن السّبب كان سياسيا ولا صلة له بالمخاطر الصّحية، كذلك أن تحريم السّلفية له لم يكن نابعا من أمر صحي، بقدر ما نبع من أن استخدامه بدعة، ويشغل متعاطيه عن عبادة الله وذكره.

وحول ما يخص فتوى تحريم تعاطي “التنباك” بإيران، فإن أوراق تلك الشجرة لم تكن هي المقصودة بالفتوى، مثلما تقدم، وإنما بسبب احتكار استثمارها من قبل الشركات البريطانية، ما يؤدي إلى إفقار تجارها الإيرانيين. ففي العام 1891 بعث العلامة ميرزا حسن الشيرازي (ت. 1898) من سامراء، حيث كانت مدرسته الدينية وإقامته، برقية إلى طهران شجب فيها منح امتياز التبغ لشركة التنباك البريطانية، ولمّا لم ينفع الاحتجاج صعّد الموقف إلى إصدار فتوى تنص على تحريم التدخين بالكامل.

بعدها، اختلفت الوفود على سامراء لإقناع المرجع الأعلى آنذاك للتراجع عن الشجب والفتوى، وبعد اليأس “اقترحت الحكومة وقف المقاطعة وحصر الامتياز على تصدير التبغ فقط” (الأنصاري، الفقهاء حكام على الملوك. ص99)، لكن الفتوى صدرت وشلت العمل في مجال التنباك تماما “بسم الله الرّحمن الرّحيم، اليوم، استعمال التنباك والتتن بأي نحو كان بحكم محاربة إمامة الزّمان عجل الله فرجه” (النّوري، النّجم الثَّاقب عن نهضت روحانيون إيران).

فإذا كانت تلك الفتوى موجهة إلى التبغ الإنكليزي (بعد تصنيعه)، ومقاطعة العاملين في زراعته وحصاده، فبعد أكثر من قرن من إصدارها، يتحرك علماء دين للتلويح بفتوى تحريم التعامل مع البضائع الأميركية، ردا على سياسة أميركا تجاه لبنان، وفي مقدمة تلك البضائع التبغ الأميركي، الذي يشكل مع البيبسي كولا وملابس الجينز ثلاثي الهيمنة النفسية على شباب العالم. وسنركز على ما صُنف مِن كتب في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر.

أصل شجرة التبغ


شجرة التبغ هندية حمراء، نسج الهنود الحُمر، حولها، حكايات وأساطير عديدة دارت حولها، بأكثر انفعال ووجدان من حكاياتنا حول شجرة النخيل والسدر، فالتبغ عندهم مثل ذات أنواط، عند العرب، في الزمن الغابر. فبدخانها كانوا يتبركون، وينتظرون مواسم أجمل، تجلب لهم الخير الوفير، ومن حكاياتهم حولها “والآن إن كل الأرواح تأتي من بعيد، بعاطفة شديدة، من أجل التبغ” (جوردان كوودمان، التبغ في التاريخ ص26). لذا لا يجوز، عندهم، قطعها أو إيذاؤها بشكل من الأشكال. ولا يذكر مقاتلو العصابات في أودية الجبال مع البندقية، غير التتن. إنها شجرة ليست طبقية، تدخل أوراقها بيوت الفقراء لفقرهم وبيوت الأغنياء لغناهم، توهم الجميع بالسّعادة، فمع دخانها يخرج الضجر، ليخلفه “نيكوتينها” القاتل. كثيرا ما تقاس، في مجتمعاتنا، أخلاق الصبيان والطلاب والنساء على الموقف من ممارسة تدخينها، ففيها وهم اكتمال الرجولة، كما يظن الصغار. ينهى عنها الأطباء ويدخنونها في عياداتهم، وتنقش على علبها عبارات محذرة مخيفة، مثله مثل التحذير من مجال كهربائي أو سموم مميتة، ومع ذلك تُعد سوقها من أنشط الأسواق، لكن في العديد من الدّول يمنع تدخينها في الأماكن المغلقة.

أي شجرة هذه تذل الكبار وترفع الصغار؟ لهذه الشجرة قصص طويلة مع المبدعين من فنانين وأدباء، السيجارة بيد والقلم بيد أخرى. ومن هروب الفقراء من تكاليف أوراق التبغ اعتادوا تدخين سجائر فارغة من التبغ، تُسمى في العراق بـ”المزبن”، لكنهم سرعان ما يتحولون إلى مدمنين على أي دخان.

لا أنقل نكتة ولا أنسج حكاية، عندما أروي مشاهدتي لحمار بقريتنا في جنوب العراق، يحمل التراب الذي يُدرأ فيه الطوفان السنوي، مع سرب من الحمير، يحرن ذلك الحمار على سايسه ولا يتحرك، وكأن حافره تسمّر في الأرض، إلا بعد أن يضع السايس في أنفه سيجارة كبيرة، تتناسب مع فتحة منخره، بعد أن تُلف له من عدة أوراق من “البافرة” في داخلها قليل من التتن ثم يضعها في منخره بعد أن يشعلها. فما هو جبروت هذه الشجرة الذي غلب دخانها صبر الحمار؟

شجرة التبغ ليست طبقية، إذ تدخل أوراقها بيوت الفقراء لفقرهم وبيوت الأغنياء لغناهم، وهي توهم الجميع بالسعادة

وصفت شجرة التبغ في “الموسوعة الميسرة” بأنها نبات من الفصلية الباذنجانية، اسمها العلمي “نيكوتيانا تاباكوم”. وموطنها الأصلي الدنيا الجديدة (أميركا)، أستعملها الهنود الحمر في المناسبات الدينية، وانتشرت زراعتها في الأميركيتين، قبل وصول الأوروبيين بزمن طويل. أدخل التبغ إلى أوروبا عام 1556، واستعمل نباتا للزينة وللأغراض الطبية. لكن انتشار التدخين فيها كان في العام 1586. وحسب معلومات الموسوعة المذكورة، فإن هناك حوالي مئة نوع من نبات التبغ.

ووصل التبغ إلى الشرق بعد أن استمتع بدخانه الأوروبيون ردحا من الزمن، ولم يكن هذا التأخير مقصودا، بقدر ما يعود الأمر إلى رداءة المواصلات، وغياب فن الدعاية، كما هي دعاية سجائر ونستون والروثمان والكنت والكريفن.

لهذا تأخرت زراعته أو تعاطيه بمصر حوالي 30 عاما من وجوده في أوروبا. لكن بعد 300 عام أصدرت الحكومة المصرية قانونا يُحرم زراعته، وذلك بسبب إهمال الأشجار الأُخرى من قبل الفلاحين، فزراعته مربحة قياسا ببقية المزروعات، وربما غير مكلفة. فمن الصعب التّصديق بأن الحكومة المصرية آنذاك منعت زراعته للسبب المذكور أو حفاظا على قوت وصحة المواطن، فالأمر لا يخلو من الامتثال لإرادة احتكاراته الدولية.

أشجار مكيفة أخرى

مقابل قدم شجرة التبغ، حتى أن بعض الباحثين يتصورونها قبل التأريخ الميلادي بثمانية آلاف عام، في الشرق هناك من المؤثرات الورقية على العصب ومطيبات المزاج. يذكر النويري في “نهاية الأرب” شجرة الشهدانج أو الشاهدانق، ومن هذه الشجرة البري والبُستاني، ورقها يغلب عليه البياض، إنه الحشيش. استخدمه الشرقيون الأوائل في المحاسن من الأمور، قبل أن يدخلها المتاجرون، ويحولوها إلى مقاصد أخرى. فتعاطيها بكميات محسوبة يطرد الريح، ويخفف الألم، ويزيل عسر الهضم، ويسهل الأمعاء، ويزيل البلغم. ومثلما عدد ابن سينا منافعه عدد مضاره أيضا. فهو: يُظلم البصر، ويخفف المني، ويضعف المعدة.

يذكر النويري أيضا، من الشجر القاتل لتفكير الإنسان ونشاطه العضلي، شجرة الخشخاش، ويقول ابن سينا “وعصارة الخشخاش المصري الأسود هو الأفيون، وهو مخدر مُسكّن لكل وجع، سواء شُرب أم طُلي به”. ومن الشعر فيه “خضراء قد نيطت على حسن حالها/ بإكليلها لما استطاعت قناتها”.

الغريب أن كل الأشجار الروحية، من التبغ أو الحشيش أو الخشخاش، تتوّج بورد جميل الألوان، يستلطفه النَّاس فيزينون به منازلهم، قبل أن يكشف المجربون عن ماهيته. ما عدا شجرة القات فهي أوراق خضراء من شجرة دائمة الخضرة، لم تنلها فكرة التحريم، فهي عصب مجتمعات القرن الأفريقي. رغم أن اليمن الديمقراطية سابقا، حاصرتها أكثر من عشرين عاما، وكانت النتائج إيجابية جدا، فبعد الوحدة مع شمال اليمن سرى قانون الشَّمال، بتعاطيها في كل أيام الأسبوع بعد أن كان يتم تعاطيها يومي الخميس والجمعة فقط، ويُحرم دخولها محافظة حضرموت، فهي تاريخيا ظلت بعيدة عنها.

ليس هناك من أثر للتبغ أو التنباك في معاجم اللغة العربية، ولا اللغات الشرقية، لأنها غير معروفة بالمنطقة، لكن بلدان الشرق ألفته باسم جديد هو “التتن”، ثم أختزل إلى دخان، ويُعاد إلى أصله الأميركي، وأوروبا باسم دخان أو سيجارة، وهناك منْ يرى أن سيجار لفظة أجنبية، رغم أن الفعل عربي، يسجر أو يشجر التنور، وهذا له مناسبة أخرى في العلاقة بين الشجر والنّار.

حرم بعض الفقهاء التدخين وآخرون أباحوه، حتى أن البعض اعتبره لا يُفطر الصائم، وكل هذا جرى لعلل دينية لا صلة لها بالصحة

شنت الحرب على التّتن أو الدُّخان قديما، وكان استعمالها غير مرغوب فيه، فقام الفقهاء بمهمة محاربتها أولا، أول ما غشي دخانه المنطقة، دون انتظار مختبرات مراكز السرطان العالمية، لكن مثلما تقدم ليس لسبب يخص صحة النّاس. كذلك حربهم عليه لم يكن بكتابة عبارة أقرب للدعاية له، تكتب تحت الكلمة الممتعة “سبب رئيسي لسرطان الرِّئة وتصلب الشَّرايين”.

جرت حرب الفقهاء بالفتاوى، والتدخل المباشر عند السُّلطات، على أنها حرام، مثلما جرى تحريم شرب القهوة أيضا، وهذا موضوع آخر، سنأتي عليه في موضع آخر لكنهم لم يقدروا حتى على التقليل منه. ظهر تحريم الدُّخان في القرنين الثامن والتاسع عشر، أي بعد دخول التتن إلى المنطقة، وممارسة زراعته وتجارته وصناعته.

في ذلك الوقت لم يدخل حتى الشَّاي نفسه، إلى الجنوب العراقي، أو البادية على سبيل المثال لا الحصر. فكانت ثمرة شجرة النَّخيل تعوض عما يؤخذ بعد الطَّعام، فمِن العادة أن تناول التمر بعد أكل السَّمك يقطع العطش، وهذا ما يقوم به الشَّاي. لكن سرعان ما تحولت البادية إلى دروب نملٍ في تهريب أجود أنواع التبغ، على حدّ ما تقوله الدعاية.

مخطوطات موضوعها التبغ

وجدنا عدة مخطوطات في المكتبة البريطانية، يؤرخ أصحابها لظاهرة التدخين، ويبدون رأيهم فيها بين مُحرّمٍ ومحايد. مخطوطة رقم “D717b” بعنوان “رسالة تخليص الإنسان من ظلمات الدخان”، مؤلفها أو مالكها مولانا نافع أفندي. ورد فيها “وحدث في أوائل القرن العاشر شيء يُقال له دخان (في التركية يسمى، التبغ، دخان فقط/ المنجد)، والطائفة التنباك والتتن. أول منْ جلبه إلى البر الرومي (التركي حاليا) رجل يهودي، يزعمونه حكيما (طبيبا). وأول منْ جلبه إلى بلاد السودان المجوس، ثم جُلب إلى مصر والحجاز واليمن والهند، والآفاق وعمت البلوى… في الخامسة بعد الألف ظهرت أوراق في بلدنا (لعلها مصر) تسمى طابا وتنباكا، ابتلى الله تعالى المسلمين بتدخينها، وشرب دخانها، وزعموا أن ذلك دواء لكل مرض، وشح عليها الأمر… حتى صارت غالية الأثمان. فما رأي العلماء فيها، فقال بعضهم، والذي عندي في ذلك إنها من غش الشيطان وتزيينه لهم”.

يذكر صاحب المخطوط رأي الفقهاء الدخان بقوله “سُئل عنه العلماء، منهم العلامة السنهوري، فأفتوا بالتحريم، وتابعه على ذلك أهل الدين والصلاح من الحنفية والمالكية، وخالف بعض الشافعية”.

كُتبت مخطوطة رقم “G717D” اسمها “تحريم الدخان” تحت العنوان عبارة “رسالة حرمت التنباكو”. ورد فيها “أعلم أن شرب الدخان حرام لوجوه عدة؛ الأول: أنه خبيث والله سبحانه وتعالى أحل لنا الطيبات. وحرم علينا الخبائث بأثر، حيث قال الله: قُل أحل لكم الطيبات. وقال البيضاوي (صاحب التفسير) رحمه الله: أي ما لم تستخبثه الطبائع السليمة ولم تنفر عنه. الثَّاني: أن شربه تغيير لخلق الله تعالى، وهو بأمر الشيطان، كما قال الله تعالى حكاية عن الشيطان: ولأمرنهم فليغيرن خلق الله. قال الله خلق أفواه الإنسان طيبة. الثالث: أن فيه إيذاء للمسلمين والملائكة، في تغيير رائحة الهواء. الرابع: أنه إسراف المال وإتلافه. الخامس: أن فيه مخالفة لولي الأمر، حيث نهى عنه السلاطين”.

مخطوطة رقم “C717D” بعنوان “نصيحة عباد الله وأمة رسول الله” مسجل على غلافها التاريخ 1180هـ، ورد فيها ما نصه “أن شرب الدخان الخبيث، وإدخاله في الجوف حدث في عصر قل ورثة الأنبياء، وكثر نصوص الدين، لأنه ظهر بعد ألف ونيف من السنين الهجرية. وشاع وانتشر بالآفاق والأرضين. ولم يكن في زمان الصحابة الكرام، ولا في أوان المجتهدين العظام والتابعين لهم بإحسان. ولهذا ما وجد حكمه منصوصا في الكتب الفقهية، والأحاديث النبوية العامة والآيات القرآنية الشاملة الأحكام. وكنتُ سُئلتُ قديما في بلدة أحمد أباد، صانها الله عن الآفات عز حكمه. فأجبتُ لو كان في زمان المجتهدين لحكموا عليه بالتحريم وسموه أبا الخبائث، كما سموا الخمر أم الخبائث… يستأصل شرب هذا الدخان من البلاد ويحصل له الأجر الجزيل”.

مخطوطة رقم “d717D” بعنوان “رفع الاشتباك عن تناول التِّنباك”، لإمام مقام خليل الرحمن عبدالقادر الحسيني الطبري. نقرأ فيها الحياد التام “قد ظهر في هذه الأزمان القريبة نبات يُسمى التّنباك، ويُقال له طاب وتتن. وهو أنواع مختلفة، باعتبار البلدان التي غرست أو استنبت فيها. كان أصل ظهوره في بلاد المغرب وبلاد الهند، وذلك أجود أنواعه، ثم استنبتت في الحرمين الشريفين ونواحيها… واستمر أمره في التزايد. ورفعت أسئلة السائلين عن حكمه الشرعي، واختلف إفتاء العلماء فيه، ووردت أسئلة من بلاد البصرة وبلاد الأحساء، صحبة الحجاج، في أنواع هذا النبات وكيفية استعماله، وبيان طبعه، وذكر بعض منافعه. فأما أنواعه فمختلفة، باعتبار الأماكن التي يستنبت فيها. فمنه الكناية وهو أجود الأنواع طعما وريحا ونفعا. يُجلب من أماكن مخصوصة من بلاد الهند… للناس في ما يعشقون مذاهب”.

كتاب تحفة الإخوان

إلى جانب تلك المخطوطات صدر كتاب صنفه الشيخ الجزائري عبدالقادر القسنطيني (ت. 1780) تحت عنوان “تحفة الإخوان في تحريم الدّخان”، جاء فيه على آراء الفقهاء وما يمكن قياسه لتحريم أو تحليل الدخان، من المالكية والحنفية والشافعية، ومِن أبرز التحريمات التي وردت في الكتاب، أنه يُذكر بالنَّار (جهنم)، مستشهدا ببيت لأبي العلاء المعري (ت.449هـ)، مع أن الشَّاعر لا يقصد التبغ “وكالنَّار الحياة فمِن رمادها/ وآخرها وأولها دخانُ” (ورد في لزوم ما لا يلزم).

عدَّ القسنطيني أسباب تحريم الدخان بخمسة عشر سببا، منها أن السلف لم يعرفه مِن قبل، وأنه بدعة وكل بدعة ضلالة، ويُغير البدن ويؤذيه، ويُشغل عن عبادة الله، يُشبه بأكل النَّار وهي جنس مِن العذاب، فيه رائحة كريهة وقذارة، إضاعة المال وغيرها. يختم القسنطيني كتابه في نقل ما قاله الشعراء. “وبعد فالقول في هذا الدُّخان الذي/ عمَّ في الأقطار في كلِّ الميادينِ/ فشربه وتعاطيه بلا سببٍ/ حقٌّ حرام بتحقيقّ وتمكينِ/ لخبثه وظهر النتن م وكه/ وما يُحلله سوى الشياطينِ”.

ليس ما ذكرنا هو كلّ ما ورد مِن مخطوطات أو كتب في تحريم الدُّخان، فهناك عدد من المخطوطات التي يُذكر أصحاب معاجم الكتب، ومنها “الربهان في اجتناب الدُّخان” لإبراهيم القاني المالكي (ت.1041هـ)، و“الرسالة الدّخانية” لأحمد القصاري الحنفي (ت.1043هـ)، و“هدية الإخوان في شرب الدّخان” لمرتضة الزبيدي (ت.1205هـ)، “تُحفة النّساك في شرب التّنباك” لعبدالرَّمن مقبول اليمني (ت.1250هـ)، وغيرها.

قلنا: لا يُشير المحرمون إلى أضرار صحية، بل إن المخطوط الأخير أشار إلى المنافع. لكن بعضهم ربط بين الدخان والنار واحترام المجوس لها، وعذاب الآخرة. كذلك أن للتحريم المذكور علاقة مباشرة بالضرر الاقتصادي واللهو عن الواجبات، إضافة إلى مصدرها الأجنبي. هذا، ومن دون إغفال إشارة بعض الفقهاء إلى تغيير شرب الدُّخان لرائحة فم الإنسان، والتأثير السلبي في الهواء المحيط، بالجملة “أن شربه تغيير لخلق الله تعالى”، وهذا مِن عمل الشَّيطان.

فإذا كان الفقهاء حرموا التَّدخين، وآخرون أباحوه حتى البعض اعتبره لا يُفطر الصائم، وكل هذا جرى لعلل دينية لا صلة لها بالصِّحة، مِن بعيد أو قريب، لكنَّ اليوم يأتي المنع لأسباب صحية، حتى أن بعض الدول تفكر في منع التَّدخين في الحدائق والمنتزهات، بعد منعه في الأماكن المغلقة.