المقاومة الجنوبية: شركاء لا أتباع
ما إن تم الإعلان عن عاصفة الحزم إلا ونزل شباب عدن والجنوب حاملين أسلحتهم دفاعا عن الدين والعرض والأرض يذودون عن حياض الوطن مسترخصين أرواحهم في سبيل التحرر ، وهو ما تحقق لهم خلال أشهر قليلة من انطلاق عاصفة الحزم.
ولكن ما إن انتصروا حالمين بأن يتم مكافأتهم على تضحياتهم ويتم تنفيذ قرار رئيس الجمهورية بترقيمهم والحاقهم بالجيش والأمن لكن المعاناة زادت يوماً بعد يوم.
بعد تحرير عدن ولحج وأبين تبدأ رحلة جديدة من المعاناة والألم لهم وللمجتمع الجنوبي عامة من قبل الحكومة خاصة بعد أن سقط الكثير من الجرحى وكانت حالاتهم تستدعي العلاج بالخارج إلا أن تسفيرهم وجد إهمال وعوائق عدة من قبل الحكومة اليمنية ،عدا من تكرمت دول التحالف العربي بعلاجهم في مستشفيات أبوظبي أو الرياض فيما واجه بقية الجرحى الكثير من المعاناة سواء قبل تسفيرهم أو في مراكز تلقي العلاج بالخارج كالاردن والسودان.
ورغم كل ذلك صمد الكثير منهم في جبهات القتال أو في تأمين المدن صابرين على الفتات حيث يأتيهم راتب شهر وينقطع عنهم لخمسة أشهر لاحقة تشكل اللجان تلو اللجان لكن لا أحد منهم ينصف المقاومة ويوفر معالجة كاملة لملفهم ،بل يواجه ملفهم بحالة من التأجيل والمماطلة والإهمال وعدم الإكتراث!!!
فبالرغم من مرور أكثر من عامين على صدور قرار رئيس الجمهورية بدمج المقاومة بالجيش والأمن إلا أنه لم يتم الدمج بعد ولا نعلم متى سيتم ذلك. فحال المدن المحررة لا يزال يشوبه الكثير من الإهمال واللامبالاة فبالرغم من تكليف بعض قيادات المقاومة بإدارة السلطة المحلية للمحافظات المحررة إلا أن هناك جناح خفي في أروقة الحكومة المركزية يعمل على اعاقتهم وإظهار فشلهم فتارة تطلق الحكومة وعودٌ بتنفيذ مشاريع لتحسين الخدمات وإعادة الإعمار إلا أن تلك الوعود لا تعدو عن كونها مجرد حبر على ورق، ولعل ما يحز في النفس أن تلك الأطراف تتجه لإثارة الشارع ضد السلطات المحلية بالمحافظات المحررة باتهامها تارة بالفشل في أداء مهام عملها أو توفير الخدمات لأهلها ، فيما أن تلك الأطراف هي الفاعل الرئيسي والمتسبب الفعلي لذلك الفشل.
وبعد عدة حملات إعلامية شعواء يديرها حزب الإصلاح وبعض أتباعه مستغلون مطالبات ومناشدات أبناء المحافظات بالخدمات ، فتسخرها الأحزاب لتصفية حسابات سياسية من خلال تأجيج الرأي العام ضد قيادات المقاومة من جهة ، والتحريض عليهم لدى رئيس الجمهورية وقيادة التحالف العربي من جهة اخرى،لينتهي الأمر بالرئيس إزاء ما يسمعه ويقرأه عن قيادات المقاومة إلى اتخاذ قرار بإقالة عددٍ منهم ليقع في فخ حزب الإصلاح الذي ينوي إعادة الحال في المناطق الجنوبية إلى ما كان عليه قبل مارس 2015م.
ولكن ما إن صدرت تلك القرارات حتى أستشعر الشارع الجنوبي بأن هناك ما يحاك ضده وضد قضيته في أروقة الحكومة ممن يستغل انشغال الرئيس وقيادة التحالف بملف إدارة الحرب في المناطق الشمالية لتمرير قرارات تهدف إلى اقصاء أهم شركاء الشرعية والتحالف والمتمثلين بالحراك الجنوبي ومقاومته والسلفيين وازاحتهم من السلطة والقرار كي يصبح هو الفاعل الوحيد والمؤثر ، وعليه فقد كان للشعب الجنوبي كلمته والذي سارع لاستنكار ذلك النهج ونزل إلى الشارع بمئات الآلاف ليحسموا أمرهم ويخرجون بإعلان عدن التاريخي والذي فوض القائد اللواء عيدروس الزبيدي ممثلاً للشعب الجنوبي في الداخل والخارج وقائداً لمسيرته نحو التحرر والاستقلال.
وبهذا يتم أسدال الستار على ذلك الملف الشائك الذي لطالما أشغل الجنوب منذ أكثر من عشر سنوات من النضال والذي كان مليئاً بتفريخ العديد من المكونات والقيادات التي ساهمت في إعاقة الحراك عن تحقيق أهدافه أكثر مما أفادته.
وأمام هذا تقف الشرعية اليوم أمام محك مفصلي واختبار هام فإما أن تشارك المقاومة والحراك الجنوبي في السلطة والقرار وتعيد لهم وللمحافظات الجنوبية اعتبارها من خلال الاسراع بتوفير الخدمات وإعادة الاعمار ودمج المقاومة بالجيش والأمن وتوفير الموازنة التشغيلية للسلطات المحلية ، وإما أن تتجاهلهم وستواجه بكثير من التصعيد وذلك وفق ما نقرأه من متابعتنا للشأن الجنوبي.