ميلاد عمر المزوغي يكتب:
في ذكرى التحرير.. انعدام ضمير
بمقتل راس النظام ورفاقه تنفس الثوار ومعهم الناتو الصعداء، اذ جثم على صدورهم لأربعة عقود، صبوا جام غضبهم على آخر المعاقل سرت، فلحق بها من التدمير والقتل والتشريد والتنكيل، ما يدل على همجية المعتدين، فاقوا التتار في تصرفاتهم، تخاله حقد دفين، تجاه اخوة لهم في الوطن. مع مرور الوقت وجلاء الحقيقة لم نستغرب تصرفاتهم تلك، انهم خريجي تورا بورا، تلامذة ابن لادن وحوارييه، لم يحاربوا لأجل تحرير فلسطين، بل لإعادة فح بلاد العرب من جديد، لان حكامها، بل شعوبها لا تقيم شعائر الاسلام، فارتكبت بحقهم جميعا اعمالا اجرامية بشعة، نيابة عن الغرب.
بتدمير سرت، اعلنوا تحرير البلاد، عمت الافراح والزغاريد، اقيمت الولائم على قول عبدالرحمن شلقم (ترحيبا بقدوم الثوار الى تاورغاء)، وبان البلاد ستنعم بالرخاء والامان، وستصبح قريبا في مصاف الدول المتحضرة، ناطحات سحاب، طرق برية وسكك حديدية، ومطار بكل مدينة، ومرتبات لمنتسبي القطاع العام تضاهي بل تفوق ما يتقاضاه اقرانهم في الدول الغربية.
استنزفوا وبسرعة البرق الخزينة العامة، دمروا الاحياء السكنية بمختلف المناطق وخاصة المجاورة للعاصمة، بدلا عن ناطحات السحاب، جرفوا الطرق المعبدة وأقاموا بها بوابات، لنهب المارة املاكهم، والقبض على الهوية بدلا عن الامن الموعود، تاجروا بالوقود فقاموا بتهريبه الى دور الجوار والثراء الفاحش (المشروع)، والمتاجرة بالأفارقة وتهريبهم (تصديرهم) الى خارج الوطن، ويكونوا بذلك قد اعادونا الى عصور الرق، اما القمامة فقد اصبحت احد معالم العاصمة، ما تسبب في انتشار الاوبئة، وبخصوص التيار الكهربائي فقد اعادونا الى خمسينيات القرن الماضي واستعمال الفتيلة (لامبات الشحن)، ربما ليذكرونا بمعاناة ابائنا، ولسان حالهم يقول ان لم تكونوا في طوعنا فسنردكم الى ذلك الزمن البئيس.
وفي مجال النقل الجوي، يسطر الثوار اروع الملاحم في تدمير اسطول شركات الطيران العامة، احرقوا المطار الرئيس بالعاصمة، لم يسلم مطار امعيتيقة هو الاخر من صلفهم، تم اقفاله فلم يعد للعاصمة والمناطق المجاورة منفذ جوي، واخيرا استخدم مكبا لنفايات العاصمة، ومصدرا للامراض.
حكومات فبراير المتعاقبة كافأت مستخدميها (المتفانون في خدمها)، بان عينتهم مدراء مؤسسات عامة لاستنزاف ما تبقى من اموال، اما النخبة فقد كلفتهم بمناصب دبلوماسية بمختلف اقطار العالم، بما فيها الدول التي لا تربطنا بها اية علاقات، المهم ان يتحصل هؤلاء على نصيبهم من ثروة المجتمع بالعملة الصعبة، والعمل بجهود مضنية لأجل رفع الحظر عن الاموال المجمدة بالخارج.
المؤكد ان الثوار الميامين المرابطين في مختلف الثغور وعلى مدى 8 سنوات يقومون بتحقيق اهداف ثورة 17 فبراير، بكل ما يملكون من قوة ورباطة جأش وعزيمة واصرار وتفاني في خدمة الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في الثورة، وما ذكرناه اعلاه هو جزء يسير من انجازاتهم التي ابهرت الابصار واحيت العقول وانعشت الارواح، وشنفت اذان السامعين ومن بهم صمم.
ان من يتولون امورنا اليوم يتمتعون بحالة انعدام الضمير، انفصام في الشخصية، فالبلد مسرح للصراعات الاقليمية لاجل نهب خيراته وجعله تحت الوصاية وألا تقوم له قائمة، وما صرح به السلطان اردوغان باشا عن رغبته في عودة الهيمنة على المناطق الي كانت تخضع للسلطة العثمانية خير دليل، انهم سوس ينخر جسد الوطن ويحاولون جاهدين تقطيعه اربا، يسارعون الزمن، انهم يدركون ان القوى الحية لن تتركهم يعبثون بمقدرات البلد، وان مصيرهم الى زوال.
من حق ثوارنا ان يحتفلوا بيوم التحرير 23 اكتوبر، لقد حررونا من كل القيم والمثل السامية وممتلكاتنا الثابتة والمنقولة.