د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
اليمن جوهرة بيد فحام !!
سبقتنا الأمم وتجاوزتنا شعوب الأرض في التقدم والإنتاج والإبداع والنمو ونحن لا زلنا شبه مغيبين نتوسد الماضي ونستجر التاريخ كما نمضغ آفة القات من القيلولة حتى مضي ثلث الليل وعند انتهاء تلك الطقوس اليومية المقيته نفيق على واقعنا المر وقد أصابنا الخمول والكسل والإحباط والفشل ونفرغ شحنات الغضب منذ الصباح الباكر على بعضنا البعض فنقتل بعضنا البعض ونسرق ونرتشي ونتحول إلى شياطين في صورة بشر نحلل الحرام لأنفسنا سواء كان رشوة أو سرقة أو سفك الدم كل ذلك لتحقيق مآرب شيطانية تحت شعارات واهية أبتدعناها تارة باسم الدين وأخرى من أجل الوطن ونحن ندرك أننا نكذب على أنفسنا وعلى من حولنا !!
دخلنا نفق الحروب المظلم منذ عقود ..مسلسل لا يكاد ينتهي بغير عناوين ولا نهاية
وأصبنا بعجز وشلل تام في وقف نزيف الدم في الإنسان ..كما نخر الفساد الاقتصاد وتوسعت الانقسامات والتشظيات وحلت مكانها القبلية والجهوية والمناطقية |!!
ونكتفي بتوسد التاريخ ونستجر أحداثه وأحقاده في لحظات اليأس والقنوط لمواساة أنفسنا بخرافاته وبطولاته الأسطورية لمواساة أنفسنا ومعالجة جراحات الزمن التي حفرت أخاديده في أعمارنا !!
وعندما نقرأ تاريخ الدول التي هزمت في الحرب العالمية الثانية نأخذ العبر والعظات مما جرى لها ولكنها نهضت ومن ذلك :
- اليابان ضربت بقنبلتين نوويتين على هيروشيما وناجازاكي فدمرتا واستسلمت لأعدائها وقبلت شروطهم وأصبحت اليوم من أقوى اقتصاديات العالم .
- المانيا انهارت تماما عام 1945م بعد غزو الحلفاء وقسمت إلى شرقية وغربية ولننظر إلى حالها اليوم حيث أصبحت معجزة الاقتصاد الأولى في أوربا ومنتجاتها تغزو أرجاء المعمورة !!
- النمور الآسيوية : ماليزيا – هونج كونج – تايوان – كوريا الجنوبيه – سنغافوره ، وعندما نتأمل تجارب هذه الدول نصاب بالدهشة من تطورها الهائل في سنوات قليلة ،وكذلك الهند والصين وقد باتت منتجاتهما تغزو العالم بأسره وأصبحت الصين اليوم ثاني أقوى اقتصاد في العالم !!
- البرازيل التي طحنتها الحرب الأهليه عشر سنوات كاملة (1975م-1985م)
قتل خلالها عشرات الألوف من مواطنيها ،فأصبحت اليوم من أقوى 10 اقتصاديات العالم ، وفي عام 2013م تفوقت البرازيل على بريطانيا اقتصاديا .
قد يقول قائل لا مجال للمقارنة بين اليمن الفقير المتخلف وهذه الدول في الموارد والاقتصاد والنهضة العلمية ومواكبة العصر؟؟؟؟؟!!
ولو قبلنا جدلا بهذه الحجة ، فماذا عسانا نقول عن " تجربة رواندا "الدولة الإفريقية التي خرجت من دائرة الحرب الأهلية والفقر والتخلف وتجاوزت الحرب الأهلية التي حصدت حوالي مليون إنسان خلال مائة يوم عام 1994م !!
دمرت البلاد اقتصاديا ،وهرب المستثمرون الأجانب والمحليون ، وفر الملايين من شبابها أو انخرطوا في الحرب الأهلية .ورغم ذلك كله استطاعت رواندا خلال سنوات قليلة الانتقال من حالة حرب شرسة إلى أسرع نمو اقتصادي في إفريقيا وأصبحت الدولة الأولى في أفريقيا سياحيا ، وعاصمتها "كيجالي "واحدة من أنظف المدن الأفريقية وأجملها!!؟؟
فماذا عن الدول العربية التي اجتاحتها الحروب والدمار منذ خمس سنوات ؟؟
وماذا عنا في اليمن ؟ هل فشلنا في التصالح مع أنفسنا ومع أشقائنا العرب في الجزيرة والخليج أم ماذا ؟؟!!
وهل نكتفي بالتغني بالماضي والبكاء على أطلال التاريخ وجدران الحضارات البائدة ،وننسى الخروج من مأزق الحاضر وضبابية المستقل ؟
والسؤال هو ما الذي ينقصنا ونحن نمتلك من الموارد والثروات والموقع الاستراتيجي ما يؤهلنا لبناء حاضرنا ومستقبلنا ؟
-ميناء عدن إذا تم تشغيله بصورة سليمة سيدر دخلا لا يقل عن 75 مليار دولار سنويا وتخيلوا حجم العمالة التي سيستوعبها ؟؟
-ميناء الحديدة والصليف وباب المندب ستدر 40 مليار دولار سنويا .
- موانئ البحر العربي إذا جرى تطويرها ستدر ما يتجاوز 100 مليار دولار سنويا ،هذا خلاف الثروة النفطية الهائلة في الجوف ومأرب وشبوة وحضرموت وسقطرى التي تعد من أغنى احتياطات النفط في العالم ،المهرة سيدر ميناؤها ما لا يقل عن 200 مليار دولار أجور نقل النفط الخليجي المصدر عبر موانئ بحر العرب ،حضرموت تمتلك أكبر خزان مياه في الجزيرة العربية مما يؤهلها لتكون سلة العرب الغذائية بدل السودان !!
-مناجم الذهب في لحج وأبين تعد من أنقى أنواع الذهب في العالم .
الموارد السمكية تقدر بنحو 40 مليار دولار سنويا ،البن اليمني إذا اقتلعت شجرة القات من الأراضي الزراعية سيعادل محصوله النفط والغاز معا !!
- السياحة في شبام واب وحجة وصنعاء ومأرب وشبوة ستدر ملايين الدولارات على اليمن ..ولكن السؤال هو :أين هو الإنسان الذي سيحمي هذه الثروات من السرقة والنهب ؟؟!! والى متى ونحن نعيش في المهاجر على رصيف الزمن وقد تكسرت أحلامنا في المنافي والغربة والكربة ومن شتات إلى شتات ؟؟!! وهل نستسلم لحيتان السياسة الذين يصادرون أحلامنا البسيطة في حياة كريمة على أرض الوطن ؟ هل نستسلم لحبتان المرحلة الذين يمثل لهم الوطن مجرد حقيبة ينهشون ما فيها متى شاؤا ثم يغادرون الوطن ؟
- شتان بين أحلام الأفاعي المرتهنين للغير وأحلام البسطاء المغمورين ؟!!
- وخلاصة القول إن اليمن جوهرة بيد فحام ،هذا هو واقع الحال الذي تجسده كلمات الشاعر العربي القائل :
- ابكيك يا وطني أم أنت تبكيني .... الجرح فيك ولكن نزفه فيني
د.علوي عمر بن فريد