ناصر التميمي يكتب لـ(اليوم الثامن):

الانتقالي والرؤية الى المستقبل

على مدى السنوات الماضية من عمرك الحراك الجنوبي ظل الجنوب يتأرجح مابين حمى المكونات التي تزايدت مع إشتداد وتيرة الثورة الجنوبية ودخلت معها في معمعة الخلافات والانقسام وهو ما فتح الطريق أمام قوى الاحتلال على الإنغماس داخل بعض المكونات من خلال عناصر باعت نفسها للشيطان على حساب قضية الشعب وأغلب هذه المكونات عندما كان الشعب بحاجة لها في الغزو على الجنوب من قبل الحوثيين أتباع ايران أدواتها إختفت ولم يبقى منها الا المكونات الحقيقية المؤمنة بالتحرير وهي ماحملت على عاتقها مهمة الكفاح المسلح مع الشعب الذي دافع عن الأرض والعرض بدعم الأشقاء في دول التحالف العربي.

ومن رحم هذه الحرب ولد لنا مولودنا الحقيقي الذي كان بالنسبة لنا كجنوبيين الوعاء الكبير الذي ضم أكبر المكونات الحراكية والمؤمنة بقضية الشعب ومن يومها أصبج للجنوب حامل حقيقي للقضية وصادق نبع من بين صفوف الجماهير ولاقى ترحيباً كبيراً لن يسبق له مثيل في تاريخ الجنوب ومنذ الإعلان عن ميلاد المجلس الانتقالي شرع مباشرة في البدء في بناء مؤسسات الجنوب الأمنية والمدنية التي دمرها الاحتلال اليمني البغيض وشكل الانتقالي ضربة قاضية لكل المكونات الهلامية التي فرختها قوى الشمال وأربك حسابات شرعية الفساد والفنادق التي إعتبرت ذلك تهديداً لها ولمصالحها وبدءوا في العداء له كونه بات يحمل هم شعب الجنوب فزادت من عويلها في الفضائيات ليس هذا فحسب بل أعدت جيوشها الجرارة التي عجزت على دخول صنعاء ومرتزقتها من أبناء الجنوب الذين إنسلخوا من الجسد وراحوا يلهثون وراء سراب العربية اليمنية التي تستخدمهم كمطايا لتحقيق مكاسبها ثم ترمي بهم كجثث للتنهشها السباع بعد ان تنتهي مهمتم غير مأسوف عليهم لأنهم نفر حمقاء يستحقون الذل والعار.

لقد استطاع المجلس الانتقالي الجنوبي بحنكة قياداته الجبارة تحمل المسئولية على عاتقة وخاض غمار المواجهة وحيداً ومن خلفه الشعب الذي فوضه ضد قوى الشمال السياسية والقبلية والعسكربة والخونة وهي مهمة صعبة جداً لكن قيادتنا كانت على قدر المهمة وتمكنوا من اللعب بحنكة مع الأزمة وكانت واثقة من نفسها وهي تعلم انها لن تفرط في قضية الشعب مهما كلفها ذلك من ثمن ومن خلفها شعب جبار لايهاب الصعاب والمحن ونجح المجلس الانتقالي الجنوبي في لي عنق الشرعية المهترئة واجبرها على الجلوس معه على طاولة الحوار رغم تعنتها طيلة السنوات الماضية التي حاولت فيها صم آذانها بالطين ولم تستمع لكل الأصوات التي خرجت في الجنوب وهي تهتف بالحرية والاستقلال ووصفت ذلك بالخروج عن الطاعة وواجت ذلك بكل ماتملك من مال وقوة ولم تضع في حسبانها انه سيأتي يوم من الأيام وتركع رغماً عن أنفها وتأتي صاغرة مذلولة مقطعة الإجنحة والأوصال وحينها لن ينفعها أحد وسيفرض الجنوبيين مايشاؤون عليها والعصا الغليظة على رقابهم ورؤوسهم مططأة كالنعام والإوز وهذا ماحصل لها فعلاً بعد أن تم تأديبها في عدن وخروجها مذلولة مفضوحة أرغمت على الجلوس مع المجلس الانتقالي الجنوبي نداً لأنها قد عرفت ماذا يعني الإنتقالي وماهو حجمه داخلياً وخارجياً وأنه لا مجال أمامها للمراوغة أو اللعب على أي ورقة من الأوراق التي باتت مكشوفة ولم يعرها الإنتقالي أي إهتمام لامن قريب ولا من بعيد وفضلوا الجلوس والتحاور قبل ان يقع الفأس على رقابهم جميعاً وفي المقابل تمكن الوفد الجنوبي من خوض غمار الحوار مع الشرعية الهاربة وفق الخطط التي وضعها لرسم مستقبل الجنوب والحفاظ على الثوابث الوطنية الجنوبية وقد حقق مكاسب كبيرة وأعاد الجنوب الى وضعه الصحيح بعد إن أقصي جراء الحرب الظالمة في عام 1994م بالاضافة الى انتزاع الإعتراف الإقليمي والدولي بشرعية المجلس الانتقالي وأنه الحامل الفعلي للقضية الجنوبية في المفاوضات القادمة لحل الأزمة اليمنية وبهذا يكون قد قطع الطريق أمام المكونات المزيفة التي تتدعي بأنها تمثل القضية وهي ليس إلا أبواق مدفوعة الأجر تستخدم لإعاقة مسيرة الجنوبيين المطالبين بإستعادة الدولة فقد دخل الجنوب على خط اللعب مع الكبار بعد أثبت جدارته على كل المستويات فحوار جدة كان واحد من المحطات التي خاضها الوفد الجنوبي وتمكن من انجتيازها بحكمة القيادة التي باتت تنظر الى كيفية وضع اللمسات الأخيرة لإستعادة الدولة.

بإتفاق الرياض دخل الجنوب في مرحلة جديدة لا تقل أهمية عن سابقاتها وهي مرحلة البناء والتنمية وهي بحاجة الى مزيد من الثبات والصمود ويعد الاتفاق تاريخي ومهم وضع الجنوب في مكانه الطبيعي فقيادتنا السياسية باتت تنظر للمستقبل وتضع الرؤئ التي من خلالها يتم انتزاع إستقلالنا الناجز فهنيئاً لشعبنا الجنوبي الإنتصار الذي تحقق في اتفاق الرياض الذي فتح الباب على مصراعيه للوصول الى الهدف المنشود والله من وراء القصد.


مدير الدائرة السياسية لانتقالي بروم ميفع