محمد مرشد عقابي يكتب لـ(اليوم الثامن):
لصوص ثورة العربية اليمنية المتنكرين بزي الحرية
عندما خرجت التظاهرات التي تطالب بإسقاط نظام علي عبد الله صالح في الجمهورية العربية اليمنية وتشكلت الجموع في الساحات والباحات للتنديد بهيمنة هذا النظام وبالظلم والجور كان المشهد الطاغي عليها انها شبابية صرفة دون النظر الى من يتربص فيها، فجموع الغاضبين في ساحات التغيير في المدن الرئيسية مثل صنعاء وتعز وغيرها كانوا من فئات عمرية لم تعش الفترة السابقة، وهم في غالبيتهم الساحقة جيل الألفية الذين فتحوا أعينهم على نظام علي عبد الله صالح، وكل ما يعرفونه عن وطنهم أنه بلد فاحش الثراء بخيراته المختلفة، لكنهم يعيشون الفقر فقد قضوا سنوات الطفولة على الأرصفة والطرقات والشوارع يمارسون أبسط الأعمال ليعيلوا أهاليهم، وقد ترك قسم منهم الدراسة لظروف معيشية صعبة، كان هذا الجيل يكبر وحده بعيداً عن أعين القادة والمسؤولين والمهتمين، فقد كانت الأنظار كلها متوجهة نحو ميدان السياسة الصاخب بأحداث ومتغيرات تتنافس عليها النخب والأحزاب التقليدية التي تمسك السلطة او قوى المعارضة وما يشوبها من تبادل الإتهامات والتسابق على المكاسب ومعارك الكلام التي لا تتوقف بين فرقاء النفوذ السلطوي، لقد انشغل هذا الجيل مع نفسه، بعد أن وجد أن الكبار ليسوا معه وأنهم يغرقون في عالمهم المتصل بسنوات سابقة متفقين فيما بينهم لإعادة تدوير وإنتاج سنوات القهر
والظلم وحين يصلون الى الحاضر يتحولون الى فئات متصارعة تروج لصراعها الزائف وتصدره عبر وسائلها الإعلامية لمغالطة وتضليل الرأي العام، في هذه الفترة كان هذا الجيل الشبابي يسمع عن ظلم سابق لكنه لا يمكن أن يلمسه بيده لا يتذوقه بلسانه فهو كلام مسموع والكلام لا يحرق يداً ولا يلسع لساناً بينما كان الواقع الذي يعيشونه يجرح الجسد ويدمي القلب ويترك الحسرة والإسى قائمة في الشغاف ولا تندمل، كان هذا الجيل يكبر بسرعة مع سرعة تطور وسائل التواصل الإجتماعي وصرعات الموضة وتقليعات الشباب في العالم وأفلام اليوتيوب والبث المباشر على الفيسبوك وصور أنستغرام ومحادثات واتساب وكل هذه الوسائل لا تعترف بالحدود والضوابط والقيم إنها عالم جديد يتشكل ويتبلور بسرعة وتتشكل معه فئات شبابية تحدد وجهاتها لتعيش الحرية التي تريد وبالشكل الذي تحب، وحين يختلي هذا الجيل مع نفسه فانه يرى التقدم في دول لا تملك معشار ما يملكه اليمن لكن شبابه يعيشون أجمل حياة وأرق نعيم فما الذي يجعل من أولئك الشباب حلماً بينما يجب أن يكون الشباب اليمني هم الحلم للآخرين في النعيم والرخاء والكرامة والتعليم والحاضر
والمستقبل بفضل ما يملكه بلدهم من ثروات وخامات، وعندما يدور التفكير عن الأسباب فان الشاب اليمني يجد شريط الأسباب مدوناً على كل قائمة وجدار وصفحة إنه الفساد الذي تتقاسمه طبقة الحكم المتوارثه ويتستر بعضهم على بعض فهؤلاء الذين يحكمونه بعناوين قانونية ورسمية ودستورية يسرقون منه أجمل سنوات عمره وينتزعون منه حاضره ومستقبله بجشع يتزايد ولا يتوقف عند حد، وكان من سوء حظ جيل العربية اليمنية الذي قاد ثورة التغيير ضد نظام صالح أنه ترك الفرصة امام عناصر الحوثي لكي تندس الى وسط الساحات وتنصب مخيمات كفئة مشاركة في هذه الثورة وهذا الخطأ التاريخي الجسيم الذي كلف المنطقة فيما بعد الكثير والكثير من الخسائر البالغة فكانت المحصلة النهائية لما سمي بثورة التغيير بعدما تم حرفها عن مسارها لتصبح خائبة في مقدماتها ومساراتها فقد اختلط فيها الحابل بالنابل وتلاشت منها مشروعية اغلب المطالب بعدما تدثر في ردائها جمع من كبار قادة الدولة المتورطين بجرائم مختلفة وجمعت الغث والسمين من الذين ابتاعوا مناصبهم بصفقات مكشوفة ليصبحوا فيما بعد عكازاً يسخدمه الحوثي للسير نحو إعادة سلطة اجداده، وحين مارس الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي مهامه الرئاسية في صنعاء فانه كان أشبه بشخص مطارد ومحاصر خائف من الذين حوله فكان مجرد قلم يوقع على تعليمات تصل اليه من قادة الإنقلاب على ثورة الشباب، فتيقن هذا الجيل بأن الإصلاح مع هذا الواقع لا يمكن أن يتحقق وأن اليأس الذي أجله
بعض الوقت هو الذي سيكون حالته القادمة فيما لو سكت ولم يعترض هنا جاءت المناسبة جاءت إنتفاضته العفوية الصادقة للتحرر من الوصاية الحوثية وهيمنتها على القرار الرئاسي والذي وصل حد ذروته من خلال الضغط على هادي لإصدار قرار بتعيين نائباً له من عناصر الجماعة، من هنا احس هادي بخطورة الموقف وبالمرحلة التي جرى فيها تقويض مطالب من يريدون الحياة ويطالبون بحقهم في هذا الوطن وتحويلها لمصلحة سلالة تريد الهيمنة والتسلط وفرض الكهنوتية من جديد على ركاب تظاهرات شعب شبابية عفوية سلمية حقوقية مطلبية مشروعة اكتظت بها ساحات العربية اليمنية تحولت فيما بعد الى ثورة بركانية كبرى اقتلعت نظام جمهوري حتى ان اذا كان شكلي او صوري وحولته الى نظام إمامي ملكي طغياني تسلطي كهنوتي ظالم بيد سلالة تدعي الإمامة والحق اللإلهي بالحكم،فالمشكلة هي ان ثورة الشباب الصادقة لم يتركها المغرضون على حالها بل دسوا سمومهم فيها لتقف أطراف عديدة موقف المتربص بإنتظار أي متغير أو حدث طارئ ليكون لها ردة فعل في التأثير والتوجيه وهو ما حدث بوقوف نظام الملالي الإيراني لوئد مشروع الثورة اليمنية وتجييرها لمصلحة السلالة الحوثية التي تواليها عقيدة وسياسة، وهذه الدولة التي هي بمثابة الداء العضال في منطقة الشرق الأوسط لها مخططاتها المسبقة في استغلال أي تظاهرة لكي يندس فيها عناصرها المتقمصه بثوب المطالب الحقوقية والإنسانية لغرض حرف المسار وإستبدال الهدف الذي خرج لأجله
الناس، من هنا يجب ان يعي شباب العربية اليمنية المخلصين الذين صنعوا هذه الثورة إنهم ما يزالوا مستهدفين بالخديعة من جهة نظام الملالي وادواته في اليمن وأن هناك من يريد تحويلهم الى محارق وادوات تخريب بعدما كانوا يحلمون بحياة ومستقبل افضل، عليهم ان يقفوا في هذه اللحظة وفي كافة مناطقهم الشمالية ويقولوا للحوثي لا والف لا لمشروعك الظلامي والضلالي الذي يريد إعادة تاريخنا الى ما قبل مائة عام، عليكم ايها الشباب يامن حملتم مشعل الثورة وانهار بسبب تلاحمكم وعدالة ومشروعية مطالبكم اعتى واقوى نظام حكم استمر اكثر من 3 عقود من الزمن يمارس طغيانه وهيمنته على بلادكم سقط وتهاوى بفعل صلابة موقفكم فليس صعباً عليكم ان تهزموا وتوهنوا كيد أسرة او جماعة خرجت بفكرها الطائفي القذر من ديباج وقانون ودستور نظام كهوف مران، فقد حان الوقت يا ابناء شعب العربية اليمنية ان تنتفضوا في وجه هذه الجماعة الإجرامية وان تضعوا لها حداً ونهاية في يوم اسود لا يشهد له التاريخ مثيل، فقد حددوا الهدف وتجاوزا التفكير بحجم ما ستدفعوا من تضحيات فمن يريد وطن يرخص عليه الفداء.