مشاري الذايدي يكتب:

«ممالك النار»... وغضب أهل الدار

مسلسل «ممالك النار» وبعد انتظار، بدأ عرض حلقاته على شاشة «إم بي سي»، ومن الحلقة الأولى، بل من الإعلان الترويجي للمسلسل «البرومو»، والجدل مندلع بين «مع» و«ضد».
ميزة هذا العمل، هو أنه نُفذ بحرفية متقدمة، قياساً بالأعمال العربية، من خلال شركة «جينو ميديا» الإماراتية، بميزانية بلغت زهاء 40 مليون دولار، بإخراج 3 مخرجين؛ عربي وإسباني، ويشرف عليهم البريطاني بيتر ويبر.
خلاصة القصة هي في الصدام بين تركيا العثمانية، ومصر المملوكية، تحت قيادة السلطانيين قانصوه الغوري، ثم طومان باي، أيام السلطان العثماني سليم، أو سليم «ياووز»، أي العبوس، وهو بالمناسبة قدوة الرئيس التركي الحالي رجب طيب إردوغان الأول. تعودنا على مشاهدة تاريخ العثمانيين، بالعين التركية، بل قل الإردوغانية، ولدينا عمل ضخم شهير مثل «قيامة أرطغرل» يعبّر عن هذه الرؤية الإسقاطية على الواقع الحالي. بالمناسبة، المعلومات التاريخية عن أرطغرل بيك، جدّ السلالة العثمانية، شحيحة جداً، ومع ذلك، استطاع نسّاج الخيال الدرامي التركي، صناعة مسلسل من عشرات الحلقات عنه!
حتى نعرف لماذا هذا العمل «ممالك النار» مهم، نورد هنا بعض الغضبات العربية المستعثمة (نسبة للعثماني). خذ لديك؛ جريدة صادرة في لندن: «ممالك النار... الكيد الإماراتي للأتراك حين تُجسده الدراما». «مسلسل (ممالك النار)... هل تشوّه الإمارات التاريخ التركي العثماني؟» - (BBC). وهو نفس عنوان قناة «الجزيرة» القطرية!
في قناة «الشرق» «الإخوانية» ظهرت زوجة أيمن نور، المقيم في تركيا والمحالف لـ«الإخوان» وداعميهم، واتهمت المسلسل بتشويه الدولة العثمانية، وأنه جزء من حرب الدراما التي تشنّها الإمارات، وتنفق فيها المليارات (مليارات حتة وحدة!) ضد تركيا وقطر.
عاصم عبد الماجد، وهو إرهابي معروف هارب من مصر، قال: «الذي أسعدني وزاد من تفاؤلي أن بطل مسلسلهم (طومان باي) انهزم أمام العثمانيين الذين قتلوه وعلقوه على (باب زويلة) بالقاهرة». موقع «البوابة الإخبارية» اليمني، المحسوب على جماعة «الإخوان»، تحدث عن مسلسل «ممالك النار»، معتبراً أنه «سعي من الإمارات اليوم لتزوير تاريخ (تركيا) بمهاجمة الدولة العثمانية من خلال مسلسل (ممالك النار)».
المغرد القطري «فيصل بن جاسم آل ثاني» هاجم المنتج الإماراتي على حسابه بـ«تويتر»، فقال: «الأخ يقول المحتل العثماني، الجهل مصيبة؛ خصوصاً إذا رافقه حقد».
معنى هذا كله، ونحن فقط مع «أول» عمل حقيقي يقدم رؤية مختلفة عن الرؤية التركية لتاريخنا، أن عمل «ممالك النار» أصاب هدفه! يظلّ القول إن ميدان الدراما من ميادين الحروب الناعمة، هذا الأمر على مستوى العالم بالمناسبة، دون مثاليات، والجانب التركي بدأ الأمر مبّكراً، في ظل غفلة أو تغافل من صنّاع الإعلام العربي.
حسب «وكالة الأناضول»، المعبّرة عن جماعة إردوغان، فقد بلغ إجمالي إيراد تركيا من المسلسلات 500 مليون دولار، العام الماضي.
عسى أن يكون عمل «ممالك النار»، بداية مبشرة لنهضة عربية درامية حقيقية، تقدم وجهة نظرنا الخاصة عن التاريخ.