فهد ديباجي يكتب:

إيران تهتز

أثبتت انتفاضتا شعبي العراق ولبنان أن شعبية وقوة وهيمنة إيران كانت من ورق وعلى ورق، وأن نظام الملالي يمر بمرحلة بالغة الحساسية والخطورة بعد أن تكالبت وتجمعت على رأسه المشاكل والأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية والتي لا تجد لها حلولا شافية، وإنما يقوم هذا النظام بمعالجتها بأسلوب الترقيع وأحيانا بالترهيب وأحيانا بالهروب إلى الأمام من أجل ضمان إمساكه بزمام المبادرة، وأنه يعيش على وقع ظروف صعبة، حيث يزداد الاحتقان الشعبي ضده وارتفعت نسبة الفقر إلى درجة كبيرة حيث ترى تقارير بأنها وصلت إلى 50 مليون فقير.

إذاً إيران تهتز وترتعد أركانها على إيقاع ثورتي لبنان والعراق، بعدما عملت على تصدير الفساد، وعملت على استنزاف ثرواتهما وخيراتهما، وتهتز اقتصاديا نتيجة العقوبات، وتهتز في الداخل على وقع الانتفاضة الشعبية الداخلية لكل الشعوب الإيرانية، وتهتز شعبيتها وقدسيتها عند الكثير من الموالين لها
أصبح الكل يعلم أن السياسات العشوائية للنظام والمراهنة دوما على إيجاد الحلول والبدائل المناسبة خارج إيران من خلال تصدير الثورة والمشاکل والأزمات إلى دول المنطقة خصوصا الإرهاب والطائفية، وتعويله على تقوية وتوسيع أجهزته القمعية من جانب والاستمرار في تمسکه بالمظاهر العسکرية وتعزيز الأجهزة الأمنية والتدخلات الواسعة خارج إيران، دفع بالأوضاع الاقتصادية الإيرانية إلى الحضيض، وهو ما يدفع بخطورة الأوضاع ووصول الأمر ربما إلى سقوط النظام بعدما سقطت شعبيته داخليا وخارجيا .

نظام الملالي الإرهابي الذي كان يفتخر بإجرامه وإرهابه وبدعمه لمليشيات إرهابية يعيش مرحلة رعب حقيقية، فهو ينشر تهديداته هنا وهناك في محاولة لإبعاد شبح السقوط المتوقعة وانتفاضة العراقيين واللبنانيين أرعبته تماما ودفعته نحو الهاوية بشكل أسرع وأكبر مما يتوقعه، وها هو يتعرض لهزة وانتفاضة داخلية قوية وحالة تمرد كاملة الأركان، وليس احتجاجا على وقود كما يتوقع ويردد البعض، جعل النظام يوقف الإنترنت لقطع التواصل والتحشيد بين المتظاهرين، ولإخفاء جرائمه، وقطع المتظاهرين عن العالم الخارجي ونقل معاناتهم، وهي هزة شبيهة للهزات الأرضية التي تُقدر بثمان أو تسع درجات، وهذا سر شعوره بالرعب حاليا.

لا شك أن المظاهرات العراقية هزت السلطات الإيرانية تماما مما جعلها تُسفر منذ انطلاقتها عن مقتل المئات وإصابة الآلاف حسب الحصيلة والأرقام الرسمية، والتي زادت وتيرتها مع وصول السفاح الإيراني قاسم سليماني واتفاقه مع القيادات الموالية لإيران، بإبقاء النظام العراقي الحالي وقتل وتفريق المتظاهرين بالقوة والسلاح وإطلاق الرصاص على المحتجين العراقيين لمحاولة إبعادهم عن قلب العاصمة بغداد، وإنهاء الاحتجاجات بكل الوسائل، فإيران ترى في العراق أنه من أملاكها وملاذها للهروب والتحايل على العقوبات الأمريكية والدولية، وهو ما يجعل القتلى في مظاهرات العراق ربما الأكثر عالميا ورغم ذلك لا يوجد صدى لهذا القتل وهذه المظاهرات التي تريد التحرر والتحرير لبلادهم من الاحتلال الإيراني.

إذاً إيران تهتز وترتعد أركانها على إيقاع ثورتي لبنان والعراق بعدما عملت على تصدير الفساد وعملت على استنزاف ثرواتهما وخيراتهما، وتهتز اقتصاديا نتيجة العقوبات، وتهتز في الداخل على وقع الانتفاضة الشعبية الداخلية لكل الشعوب الإيرانية، وتهتز شعبيتها وقدسيتها عند الكثير من الموالين لها، وهو ما يجعل عمق نظام الملالي الاستراتيجي في مأزق حقيقي لاسيما أن خامنئي صرّح بأن العراق وسوريا ولبنان تعدّ العمق الاستراتيجي لنظامه.

‏لم ولن تنتهي الانتفاضة للشعوب الإيرانية كما يروج النظام الإيراني، وإنما انقطعت أخبارها، وحتى لو نجح الحرس الثوري‬ في وأدها، فإن هيبة النظام قد اهتزت وكسرت، وسقطت ووهنت وضعفت قبضته الأمنية، والشعب الذي امتلك جرأة إحراق تحطيم صور الملالي قادر على إشعال نار الثورة من جديد، وقادر على إسقاط هذا النظام في نهاية المطاف.