معاناة شاب يسعى للاغتراب

كشاب أنهى تعليمه الثانوي او حتى الجامعي في هذه البلاد الكئيبة والكبيسة، سعيت بعد التخرج إلى الإغتراب لتحسين مستوى الدخل وللحصول على فرصة عمل تنتشلني مما أنا فيه ، خصوصاً وأني عملت في عدت نشاطات في مدينتي بالكاد عائدها المادي كان يكفي لوسيلة المواصلات مِن وإلى العمل .

كعادتي بعد كل مغربٍ أذهب لصديقي محمد لاقتل وقت الفراغ الذي يحيط بي وبه ايضاً ، ذات يومٍ قال لي سمعتُ أن رجلاً يدعى باحكيم  لديه مكتب في المنصورة ومعلن عن وظائف أمنية وغيرها من الوظائف لمحطة تحلية مياة في دولةالكويت . ما المطلوب ؟ مئتي ألف ريال تدفع على دفعتين الاولى عند القبول والثانية عند حضور لجنة الفحص والإختيار

بدايةً لم أتحمس كثيراً للقصة لعدة أسباب ، أولها عدم إمتلاك المبلغ حينها لأن المبلغ حينها كان كبيراً في العام 2008 وثانياً لأن الدفع غير مضمون في حال حصل شيء معاكس ولا تاخذ غير سند لايوجد لديه أي مرجع أو اي ضمين تجاري

مر الاسبوع وبدأ صيت المكتب ينتشر ، والمتقدمين كثر .. لا أخفيكم عشت ايام فيها كثير من التفكير العميق بالأمر ومما زاد من حيرتي معرفتي أن صاحب المكتب حضرمي متزوج من عائلة أبينية يسكنون  بالقرب منا في عدن وأن قرائب زوجته أيضاً مسجلين على فرصة عمل عنده للكويت !

شاورنا أمرنا أنا وصديقي مالعمل يارفيق ؟ كيف سنأتي بالمبلغ هذا ومن سيقرضنا هذا المبلغ الكبير نوعاً ما ! قال لي طالما أن السفر مضمون وان صاحب المكتب حضرمي وفي حياتنا لم نسمع عن حضرمي تورط في عمليات نصب وما إلى ذلك فلا توجود مشكلة إن إستدنا حتى بكمبيالات ونتعهد ان نسدد اول شهرين من مرتباتنا ...

ولأني لا أحبذ الدَين او السَلف بالفطرة كنت في حالة من أمري ، ولاحظت ذلك والدتي أطال الله في عمرها وعندما شرحت لها الأمر قالت لي سنذهب غداً إلى السوق وابيع لك بعضاً من ذهبي بالمبلغ الكلي الذي تحتاجه ولا تشيل هم ابداً ، باعت الوالدة بعضاً من ذهبها ووفرت لي المبلغ الذي كنت احتاجه وذهب انا وصديقي ودفعنا الجزء الاول من قيمة الفيزا وإستملنا مقابله سند لايستند على أي مرجع اوعلى اي ضمين تجاري كما أسلفت سابقاً لكنها الخيارات كانت محدودة جداً في ظل وضع مأساوي لي ولغالبية الشباب مثلي حينها ..

دفعنا المبلغ ومرت الايام يوماً بعد يوم إسبوعاً يعقبه آخر مر الشهر الاول والثاني ودخلنا في الشهر الثالث ونحن ننتظر وصول اللجنة وأعتقد أني دفعت  10% من قيمة المبلغ نظير إتصالاتي المتكررة للمكتب " وصلت اللجنة ؟ لا لسى "!

عموماً شرّفت اللجنة بعد طول إنتظار وقلق وترقّب ، من هم اللجنة ؟! كانوا طلاب سوريين او فلسطينيين يدرسون في كلية الطب وأعتقد جاؤوا بهم من صنعاء كي لايكشف أمرهم ، كما تعلمون عدن صغيرة .

خضعنا للجنة الإختيار وتم قبولنا ، الإختيار كان قياس نسبة الطول وقياس ضغط  الدم والشكل الخارجي بشكل عام !  يا لها من لجنة مقاييس دولية ننتظرها أشهر

لأجل ذلك !

مرت أسابيع بعد ذلك وإذا بنا نتفاجئ ان المكتب اُغلق ! كيف ذلك ولمَ وأسئلة كثيرة كانت تدور في ذهننا، تجمّع كل من نُصبَ عليه أمام المكتب وجميعنا لانعلم السبب كيف وإلى إين هرب مالك المكتب باحكيم ؟! وللمفارقة المؤلمة أن المكتب كان لايبعد سوى

أمتار قليلة عن قسم شرطة المنصورة ، كان ينصب على الناس أمام مرأى ومسمع الأمن ! والمضحك المبكي أن افراد شرطة المنصورة من كانوا يشرفون على ترتيب وتنظيم طوابير المتقدمين للجنة !

ذهبنا جميعاً وعددنا يكاد يتجاوز الـ 500 شخص إلى مدير الشرطة أنذاك عوض السعيدي ، قال لنا الرجل هرب وسنقوم بالبحث عنه ! هكذا بكل برودة ..

مرت الايام دفنت القضيّة بفعل فاعل لان الشرطة تسترت على مالك المكتب  وامطرتنا وعود بالقبض عليه دون أن تحرك ساكن .

الأكثر إيلاماً من كل هذه المعمعة أن هذه الشرطة قامت بالقبض على كثيراً من الشباب لأنهم قاموا بتسجيل كمبيالات عليهم لغرض الحصول على قيمة الفيزا والذي إنتهى بهم المطاف خلف القضبان .