مشاري الذايدي يكتب:
غريتا تونبرغ... هل هي «جان دارك» البيئة؟
غريتا تونبرغ، مراهقة سويدية، ولدت عام 2013 حوّلها الإعلام المناصر - بصوفية - لقضايا البيئة، إلى أيقونة مقدسة، بل إلى «جان دارك» البيئة.
تنشط من أوروبا إلى أميركا إلى كندا وأستراليا، بل قطعت رحلة بزورق شراعي عبر المحيط الأطلسي من الساحل الأميركي إلى الساحل البرتغالي - تخيّلوا - ثم بالقطار إلى العاصمة الإسبانية لتنظيم المظاهرات المناصرة للنشاط البيئي هناك.
رفضت ركوب الطائرات لأنها تضر بالبيئة، وبّخت وفود قمة مدريد بسبب ركوبهم الطائرات فهي مسؤولة، حسب الفتاة غريتا، عن 2 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
هل يعقل أن تتولى فتاة بمقاعد الدراسة ما قبل الجامعية، كل هذا النشاط العالمي، وهي تعي تماماً كل الأبعاد المعقدة لهذه القضية العالمية الكبرى؟
هل تستوعب غريتا التداخل هنا بين السياسي والبيئي، الحقيقي، في هذا الاشتباك الدولي؟
لا نقول إن قضية الاحتباس الحراري وأهمية الطاقة المستدامة النظيفة، ودعم الصناعات والأدوات والأبنية والطرقات المصادقة للبيئة، ليست قضية حقيقية، لستُ أظن وجود عاقل يجادل في ذلك.
لكن أين الاستغلال السياسي في الأمر، من العفوي والبريء؟
صحيفة «إلموندو» الإسبانية علّقت على دور غريتا تونبرغ، قائلة إنه «شيء طيب أن توقظ قمة المناخ في مدريد الوعي الضروري من أجل التصدي بشكل فعال لاحترار الأرض، وهي قضية كونية تمسنا جميعاً، بصفتنا مواطنين وحكومات، ولكن يظل هناك السؤال عما إذا كانت شخصية تونبرغ التي تتدثر بلباس المخلِّص، في سن لا تتناسب مع هذا الدور، ليست بناءة بالنسبة للغاية التي ينشدها أتباعها». ورأت الصحيفة في تعليقها أن «هذه الاستعراضات الدعائية التي تلعب فيها مراهقة الدور الرئيسي ضمن سجال عقائدي، لا تساهم في إقناع المشككين».
دورية «نيتشر» العلمية نشرت تقريراً سابقاً عن هذا الأمر وقالت فيه إن ثمة علماء يحذرون من تزايد معدلات الانقراض لبعض الأنواع النباتية والحيوانية، بينما قال علماء آخرون من الدنمارك وغيرها إن الحديث عن الاحتباس الحراري دوافعه سياسية أكثر منها علمية.
بين السياسة والحقيقة العفوية الطبيعية، منطقة رمادية، يجب الحذر فيها من توظيف موضوع البيئة سياسيا، وسيلة ضغط للحدّ من النمو الاقتصادي الطبيعي، وطريقة للتجييش والتهييج، وقد رأينا كلنا كيف تم توظيف المراهقة «العالمية» غريتا ضد الرئيس الأميركي دونالد ترمب «المشيطن» في وعي جمهور غريتا، ونتذكر النظرات الحانقة من الصبية غريتا للشيخ دونالد!
قضية البيئة كما قضية الحريات الدينية وحقوق النساء والقوميات، قابلة جداً للمتاجرة بها سياسيا، وقد رأينا ذلك كثيراً، ولست أدري عن نشاط غريتا حين تبلغ العشرين فما فوق، هل ستنتمي لحزب سياسي ما؟