د. ياسين سعيد نعمان يكتب:
الطريق إلى زعامة الحزب
في المجتمعات الديمقراطية يقرر زعيم الحزب التنحي عن الزعامة والحياة السياسية، لأي سبب كان، فيخلف وراءه طابوراً من المؤهلين للقيادة، يقدمون أنفسهم على قائمة الترشح لزعامة الحزب.
كل عضو في الحزب هو "مشروع" قائد، تساعده في ذلك دينامية الحزب، ودينامية الحياة السياسية.. واللتان غالباً ما تكونان بمستوى دينامية المجتمعات وتطورها العلمي والمعرفي.
وفي المسيرة نحو زعامة الحزب تكون المنافسة شديدة بمستوى تقارب الكفاءات والقدرات التي يتمتع بها المتنافسون.
وربما برزت شروط ترجيحية يتم تقديرها في ضوء حاجة الحزب إلى المنهج السياسي الذي يتقبله المجتمع في مرحلة ما.
فالاحزاب المحافظة، مثلا، يمين الوسط تركز على الشخصية التي لن تذهب بالحزب نحو اليمين المتطرف بحيث تكون قادرة على إبقائه في وضع الاعتدال، ملتزما بقيم التسامح والتعايش، وأحزاب اليسار تركز على المرشح الملتزم بقيم اليسار دون تطرف.. ليبقى الحزب محافظاً كان أو يسارياً، حزباً سياسياً دون اندفاع نحو أيديولوجيا الدوغما، وهو ما تتعرض له بعض الاحزاب بسبب ضغوط الاستقطابات الاجتماعية الحادة التي تشهدها بعض هذه المجتمعات.
تاريخ الحزبين الكبيرين في بريطانيا، المحافظون، والعمال، هو تاريخ الصراع الداخلي لكل منهما للحفاظ على يمين الوسط ويسار الوسط.
وخلال مسيرتهما السياسية حافظ الحزبان على هذا الوضع كشوكة ميزان دون تفريط بمكاسبهما السياسية والاجتماعية رغم ضغوط الاستقطابات الاجتماعية التي تعرضا لها.
لذلك احتفظ الحزبان بحدود دقيقة وحاسمة مع التطرف، كان له الأثر الكبير في تجنيب بريطانيا نزعات التطرف على أي نحو كان، وخاصة اليمين المتطرف الذي أخذ يزعزع أرضية استقرار أوروبا على أكثر من صعيد.