ناصر التميمي يكتب لـ(اليوم الثامن):

المعلم بين الحقوق الضائعة وشبح الفقر !!

يحظى المعلم في أغلب بلدان العالم برعاية وإهتمام كبيرين نظراً للدور الكبير الذي يعلبه المعلم في تربية الأجيال وتقع على عاتقه مهمة كبيرة وعظيمة ورسالة سامية يؤديها المعلم بعيداً عن المماحكات الأخرى التي قد تعيق سير هذه العملية.

ففي بلادنا ترى العجائب والغرائب التي قلما تجدها في أي بلد آخر من بدان العالم فكل شئ يسير فيها عكس عقارب الساعة ولاندري لماذا ؟ وأنا اليوم سأتحدث عن شريحة تعبر أهم شريحة في المجتمع ولايمكن لأي بلد أن يركب قطار التقدم الحضاري مالم يهتم بها إنها شريحة المعلمين الذين يعانون الأمرين جراء السياسات العقيمة التي إتبعتها الحكومات السابقة ومازالت الحكومة الحالية تسير على نفس المنوال في هضم حقوق المعلم الذي لاحول له ولاقوة في هذا الزمن الذي ذل فيه المعلم وأهينت كرامته التي كان يتمتع بها في السابق أنا مازلت أتذكر كيف كان المعلم في ذلك الزمن الجميل عندما كنت طالباً في الإبتدائية في عهد جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية مطلع الثمانينيات من القرن الماضي التي كان فيها المعلم يحظى بالإإهتمام الكبير الذي كان ووصل الى مرتبة متقدمة من الرعاية والحول على الحقوق بشكل كامل ممكن أن نطلق عليه ملك زمانه إن جاز لنا التعبير وكانت تمنح له حقوقه كاملة غير منقوصة وكنت حينها أتمنى أصبح مدرساً كي أعلم الأجيال القادمة هذا كان مجرد حلم يدور في مخليتي لعله يتحقق لي في المستقبل.

ونتيجة للإهتمام الكبير بالتعليم والمعلم أصبح الجنوب اليمني من أفضل الدول العربية في التعليم وذلك بشهادة منظمة اليونسكو التي شهادة في عام 1984م كأفضل دولة عربية في التعليم والتي إستطاعت القضاء على الأمية في وقت قصير وهذا يعود كذلك للمعلم الناجح والمؤهل الذي يستطيع أن يصنع المستحيل في مجال عمله ولايمكن له أن يكون كذلك إلا إذا أعطيت له حقوقه كاملة.

ونتيجة للورطة الكبيرة التي وقعنا فيها والمسماة وحدة في عام 1990م جاءت الكارثة وأصيب جنوبنا بمرض الجرب المزمن نتيجة توحدنا الغير مدروس مع شعب الشمال الذي لم يعرف الدولة قط وكان من نتائج هذه الوحدة المشؤؤمة ضرب التعليم في الجنوب وتدمير المؤسسات التعليمية التي كانت في يوم من الأيام منارة للعلم وحلت معها النقمة على المعلم الذي قال عنه الشاعر كاد المعلم أن يكون رسولا لكنه في اليمن أصبح متسولاً ومجنوناً بسبب شظف العيش الذي حل بهم ولم تنظر لهم الحكومة ولو حتى بعين الرحمة إن كان فيها ذرة واحدة من الرحمة لكن هذا لايوجد في الحكومة التي لاترى إلا مصالحها دون أن تنظر للغير.

ومع ذلك تغيرت الظروف وتبدلت الأحوال بفعل السياسات الخاطئة من قبل الحكومات المتبادلة التي جاءت في إتجاه معاكس بالنسبة للمعلم على وجه الخصوص والتعليم بشكل عام الذي تعرض لإنتكاسة كبيرة لاسيما في الجنوب ومورست ضده سياسة ملعونة لضرب التعليم فيه وبدأ ذلك بمحاربة المعلم في حقوقه التي منحها له القانون في ظل الأوضاع الإقتصادية السيئة التي يعيشها شعبنا والغلاء الفاحش في المواد الأساسية كل ذلك زاد من تفاقم معاناة المعلم المغلوب على أمره.

لايمكن لأي شعب أو أمة من الأمم أن تتقدم في حياتها مالم تهتم بالتعليم فكل الأمم السابقة عندما إهتمت بالتعليم تقدمت وبنت حضاراتها التي كانت لها مكانتها في ذلك الزمن ومانشاهده اليوم في أوربا حصل بعد إهتمام بالتعليم الذي نقل الأوروبين من حياة التخلف التي كانت تعيشها في العصور الوسطى الى حياة التقدم الصناعي والتكنولوجي بعد أن سخروا كل إمكانياتهم في دعم التعليم.

وإذا أخذنا تجربة اليابانيون الذي دخلوا في الحرب العالمية الثانية وخرجوا منها مهزومين بعد ان ألقت الولايات المتحدة القنابل الذرية عليها وراح ضحيتها الملايين إستسلمت اليابان وبعد غيرت سياستها بتسخير كل إمكانيتها لصالح التعليم بعد أن كانت تنفق لصالح الجيش والتسليح وأعطوا المعلم مرتبة إمبراطور فأين هي اليوم اليابان فقد بلغت مرحلة من التقدم والتطور التكنولوجي الذي لايتخيله عقل ونحن في بلدنا هذا لماذا يهان المعلم ويذل وتهضم حقوقه لأننا مازلنا تعيش في اللادولة التي لاتؤمن بحقوق الناس بقدر ماهي تصرف الأموال من المليارات الوزراء والمسوؤلين الذين يسهرون ويلهون في المراقص والملاهي الليلية وكأن شئ لايعنيهم والمصيبة الكبرى إنهم يتشدقون عبر إعلامهم بالدجل والكذب الذي يجيدونه بإحترافية.

ونظراً لعدم الإستجابة لمطالب المعلمين التي رفعت لهم في العام الماضي وقطعت الحكومة عهوداً بتنفيذ هذه المطالب وإلى اللحظة لم تنفذ ماقطعت من وعود وهو مادفع نقابة المعلمين الجنوبيين إلى إعلان الإضراب في المحافظات الجنوبية حتى تستجيب الحكومة لمطابهم المشروعة التي كفلها لهم الدستور والقانون فهي تتذرع بأن الوقت غير مناسب وغيرها من الحجج والمبررات التي لاتقدم ولاتأخر.

الكل يعلم بالحالة التي وصل اليها المعلم في بلادنا جراء تماطل الحكومة في دفع المستحقات الماليةللمعلمين المتوقفة منذ سنوات طويلة أيها المعلم صانع الأجيال لن تأتي حقوقك إلا بوقوفكم وقفة جادة مع النقابة لإنجاح الإضراب وهو الطريقة الحضارية الأمثل لإنتزاع الحقوق من الحكومات المتعجرفة التي لايهمها شأن الموظف الغلبان والمثقل بجحيم الأسعار التي تكوي الأجساد فإذا لم تستجب حكومة المنافي لمطالب المعلمين فإنه سيظل المعلم يعيش بين الحقوق الضائعة وشبح الفقر الذي بدأ يحفر بين أقدام المعلم. والله من وراء القصد.