مشاري الذايدي يكتب:

لكن من يمثِّل الجيشَ العراقي؟

حين نتحدث عن أنَّ المسؤول عن حماية الناس واحتكار تطبيق القانون، بما يعنيه من احتكار حمل السلاح، وحصر قرار الحرب والسلم بمؤسسات الدولة الرسمية، حين نقول ذلك ترياقاً لمعضلة فشل أو شبه فشل دور الدولة في كل من العراق ولبنان واليمن... فإنَّ ذلك لا يعني أننا حصلنا على الحل السحري ومفتاح مغارة علي بابا.
كيف ذلك؟
لأنَّ العصابات «اللادولتية» في هذه الدول، وجدت طريقها في هذه الدول المترنحة للتغلغل في مؤسسات الجيش والداخلية والأجهزة الأمنية.
يعني مثلاً، لو سألنا ما نفوذ «حزب الله» اللبناني في الجيش وجهاز الأمن العام؟ ما نفوذ «الحشد الشعبي» العراقي في مؤسسة الجيش والداخلية والقوى الأمنية؟
من هنا، فإن الخطر على عافية وصحة جسد الدولة، ليس فقط إضعافها، من خلال خلق أجهزة موازية... بل قد يأتي من اختراق هذه المؤسسات، فتصبح حين تطالب بالرجوع - حصراً - لمؤسسات الدولة العسكرية والأمنية، وربما القضائية، لست ضامناً أنك ترجع للدولة نقية سالمة من لوثات الميليشيات اللادولتية.
في العراق، يتعامل الشارع العراقي، تقريباً، مع الناطق باسم القوات العراقية المسلحة، اللواء عبد الكريم خلف، بوصفه ممثلاً لصوت ومصالح «الحشد الشعبي» الموالي لإيران، وليس باسم روح العراق الوطنية الخالصة السالمة من مصالح إيران.

في حوار، نشرته «العربية نت»، دار بين مذيع عراقي، وهذا المنصوب متحدثاً باسم القوات المسلحة، المنحاز لصوت وتفسيرات «الحشد الشعبي» ونوابه، عبد الكريم خلف، تفجرت هذه القضية، بعدما نفى خلف وجود حوادث عنف وقنص وجرائم قتل، عانى منها العراقيون، واتهم بها عناصر ضمن فصائل عراقية رسمية.

المحاور، نسب هذه التهم، يعني عدم مسؤولية وزارة الداخلية، بل قوى متحالفة باسم الدولة، لوزير الداخلية ياسين الياسري.

الإعلامي اتهم المسؤول بقتل الشعب، وردّ اللواء بأن مدير الحوار يرغب في لعب دور البطل أمام الناس، مؤكداً أن التوجيهات الرسمية تقتضي بعدم استخدام العنف، وأكد أن أرقام القتلى التي تحدث عنها الإعلامي «فلكية».

وعندما طلب الإعلامي من اللواء عبد الكريم خلف الحفاظ على رباطة جأشه، رد الأخير: «أنا رباطة جأشي أكبر منك». فأجاب الإعلامي قائلاً: «عبد الكريم تأدب، يا بوق السلطة، يا من تدافع عن القتل والعنف، تأدب يا بوق السلطة، يا بوق القتلة»، وهو ما دفع المتحدث باسم الجيش العراقي إلى إنهاء المداخلة، موجهاً كلامه للمذيع: «سعرك معروف... لن أكمل حديثي معك».
يبدو الحوار متوتراً، وغير مناسب لخلق جو صحي، لكن حين نعلم غزارة الدم المسال هذه الأيام في جسور وساحات العراق، وما يشعر به العراقيون من استهانة أمثال اللواء خلف، بهذه المآسي، وتغليب نظرية المؤامرة أو التخوين، نفهم لماذا الغضب.

جملة القول، قبل طلب تقوية أجهزة الدولة، ضد الميليشيات، يتوجب صون هذه المؤسسات الرسمية عن كل ما يناقضها.