صلاح السقلدي يكتب:

اتفاق الرياض وعوائق فريق "الوحدة أو الموت"

إن لم يُــنفّــذ اتفاق الرياض في عهد معين عبدالملك، فلا أظنه سيُــنفذ أبداً مع غيره في قادم الأيام.. نعم هكذا اعتقد، والله أعلم.

فالرجُــل يمثّـــل جناح الحمائم داخل حكومته ومِـن المعــوّل عليهم هو وبضعة وزراء، مقابل جناح الصقور الذي يستميت في إفشال الاتفاق ويمضي نحو المجهول والاحتراب.

فهو، أي رئيس الوزراء، أكثر اعتدالاً إزاء القضية الجنوبية، قياساً بمن سبقه من رؤساء الحكومات والذين كان آخرهم د. أحمد بن دغر، الذي عرف عنه تطرفه بخطاباته الاستفزازية المغموسة نفاقا وتزلفا لمراكز وقوى النفوذ في صنعاء، منذ عاد من منفاه القسري وحتى طرده من رئاسة الحكومة.

قد يقول البعض: إن معين عبدالملك يشتغل ضد الجنوب من تحت الطاولة. ربما، ولكن في بلد مكشوف كهذا الذي نعيش فيه وفي عالم أصبح فضاءً حُـــراً لثورة الاتصالات الهائلة وبات ما يُــسمع ويرى من المواقف والتصريحات لها تأثير السحر على المتلقي، يكون ضرر ما تحت الطاولة وما يخفى من مواقف وكولسة محدود التأثير قياسا مع ما يعلن فوقها وخارجها.

لهذا فإن ضرر معين عبدالملك الذي لا يختلف اثنان في أنه يتمنى أن يبقى الجنوب مجرد تابع للشمال يظل "معين" أقلهم ضرراً وأقلهم توحشاً بوجه الجنوب، ولو ظاهريا، بعد أن نأى بنفسه إلى حدٍ كبير عن التصريحات السياسية المستفزة تجاه الجنوب منذ صعوده للوزارة وحتى اللحظة، وبقاؤه على رأس الحكومة فرصة للمجلس الانتقالي وباقي القوى بالساحة شمالا وجنوبا لتنفيذ اتفاق الرياض، فالبديل لن يكون أهون منه، والفرصة مع غيره لن تكون اسنح من فرصة وجوده.

فالدائرة المتنفذة ترى فيه متهاونا بل وخائنا للوحدة، ومهادنا للانتقالي يجب الإطاحة به واستبداله بصقر من صقور التشدد، سيما وقد دخل مؤخرا عش دبابير لصوص المال، وهوامير النفط، وسماسر الوظائف، وحرامية المنح المالية والدراسية.

فإن كان للانتقالي أن يأمل في تنفيذ الاتفاق فلن يتحقق أمله بغير بقاء الرجُــل على رأس وزارته قبل أن تطيح به قوى النفوذ برجُــل آخر من صقورها الكاسرة، ونخشى أن يجد الانتقالي نفسه متحسرا على فرصة معين الضائعة.

صحيح أن الانتقالي هو من يسعى لتنفيذ الاتفاق ويفعل ما بوسعه لذلك، وصحيح أن الطرف الآخر يفعل بالسر والعلن لإجهاضه، إلّا انه، أي الانتقالي، بحاجة إلى طولة بال ونفس طويل بل وحتى مرونة كبيرة واستثمار وجود معين عبدالملك لتفويت فرصة إفشال الاتفاق وحشر الطرف الآخر في زاوية التنفيذ.

فالقادم المجهول مخيف، خصوصاً وأننا أمام وسيط شارد البال ومشتت الحال، ولا يمتلك أدنى فكرة أو مشروع لحل القضية الجنوبية، ناهيك عن الأزمة اليمنية ولن يقوى على فرض اتفاق الرياض على أحد خصوصاً إن صارَ هذا الأحد من الفريق الذي يقرفنا بخرافة: الوحدة أو الموت.