كرم نعمة يكتب:

لعبة اختبار ذكاء مع "سيري"

من الممتع العودة بالذاكرة إلى مسلسل كارتوني أنجز في سبعينات القرن الماضي يصور قرية إنجليزية في السنوات الأولى من دخول السيارة إليها كاكتشاف ثوري يغير الحياة التي كانت تسيرها عربات الخيول.

كان الرجل الأول في القرية الذي اقتنى السيارة مغرورا بصلافة وعنجهية وساخرا من سائقي العربات، وكان يتسابق معهم بلا سبب غير توجيه إهانة التفوق عليهم! بينما تتلبس الحيرة بسكان القرية بين التعاطف مع عربات الخيول بوصفها جزءا من حياتهم والوسيلة المثالية لنقلهم، أو الترحيب بالسيارة التي ستقلب حياتهم رأسا على عقب حيث ينجزون أعمالهم بوقت قياسي.

لم يكن أناس تلك القرية يخفون التعاطف مع عربات الخيول على الأقل لاستهجان المواقف المشينة لمالك السيارة المغرور.

وفي إحدى المرات شاهد حوذي تعطل السيارة في طريق خارج القرية بينما وقف مالكها حائرا أمامها لا يستطيع أن يفعل لها شيئا، ولم يجد غير خيار الاستنجاد بمن تهكم عليه من قبل، لجر سيارته والعودة بها إلى القرية!

كان مشهدا باهرا بينما عربة الخيول تتقدم بأناة وهي تجر خلفها السيارة المعطلة، فيما تجمع سكان القرية أمام مشهد انتصار مثير للحصان على السيارة مرحبين به بالتصفيق والهتاف.

ربما استوحى الاقتصادي واسيلي ليونتيف فكرته لاحقا من تلك القصة وهو يتحدث عن مصير الحصان عام 1979، فلطالما كانت الخيول ذات أهمية اقتصادية حيوية، إلا أن أهميتها تلاشت في النصف الثاني من القرن العشرين عندما أصبح محرك الاحتراق الداخلي المصدر الرئيس للقوة الحصانية.

ومع ذلك لا تزال للخيول مكانة متميزة في العالم، لكنها لن تتغلب أبدا على المحركات، بغض النظر عن مدى انخفاض أسعار الشوفان. على حد تعبير متهكم للصحافي تيم هارفورد.

واليوم يتحول الإنسان إلى معادل للحصان في قصته التاريخية مع اكتشاف المحركات، عند الحديث عن الروبوت، فالتهديد يتصاعد إلى حدّ التخويف من مستقبل الإنسان بوجود الإنسان الآلي.

فهل يمكن لأعداد كبيرة من العاملين البشر أن يخضعوا لمصير الحصان؟ يتساءل هارفورد في تقرير له بصحيفة فايننشيال تايمز.

يمكن ممارسة لعبة بسيطة مع إنسان أبل الآلي “سيري”، لإعادة تصحيح معادل الإنسان والروبوت التي لا تتوافق تماما مع قصة الخيول والمحركات.

تمارس زوجتي لعبة مسلية مع “سيري” عندما تسأله بوجودي أين زوجي الآن، فيرد عليها بإرسال رقم هاتفي وبريدي الإلكتروني، إنه مهيأ للإجابة بشكل صحيح على الأسئلة التي صيغت بطريقة منطقية، لكن عندما تسأل أذكى الروبوتات عن صورة أشخاص يجلسون حول طاولة وضعت عليها قناني المشروب أو أقداح الشاي، فسيقول لك إنهم يلعبون الورق! وهذا ما يمكن أن يجعلنا نقول أن التكنولوجيا تغير وظائفنا دون تدميرها