د. علوي عمر بن فريد يكتب:
نفسي أصدقك يا أمين العكيمي !!!
ما جرى في اليمن الشمالي من أحداث في جبهات القتال يذكرني بمسرحية مصرية هزلية بين رجل وزوجته وما يقوم به من مقالب عليها وفي كل مرة يكذب عليها حتى تكاد تقتنع بكلامه ولكن الشك يساورها ويلتبس عليها الأمر في كل مقلب جديد ولم تعد تفرق بين صدقه وكذبه فترد عليه بالقول : نفسي أصدقك يا زنكلوني "
وهذا هو واقع الحال مع معظم الشماليين الذين يوزعون أدوارهم بدقة وحنكة وسرية تامة فيما بينهم ...وهم مثلث المسرحية الرهيب الذين يتقاسمون تنفيذ فصول المسرحية في اليمن منذ خمس سنوات وهم الأطراف التالية :
1 – الحوثيون الذين اختطفوا صنعاء بكل ما فيها من مؤسسات الدولة والجيش والأمن وكافة الفروع والأجهزة الحكومية في ليلة ما فيها ضوء قمر بتواطؤ من الرئيس المعزول "صالح" !!
2- الشرعية العرجاء برئاسة " هادي " الذي لحقه الجنرال والثعلب الماكر "علي محسن " مع مئات الضباط والجنود الموالين له !!
3 – حزب الإصلاح اليمني وحلفاؤه الذين يلعبون على كل الحبال ومعهم القاعدة والمتطرفين الدواعش وأصحاب العمائم واللحى الحمراء الذين يتاجرون ويفتون بالدين ويسفكون دماء الأبرياء بالتفجيرات والاغتيالات !!
والسؤال الذي يطرح نفسه ويتكرر طوال خمس سنوات هو: ما الذي يجري في الجبهات الشمالية من صفقات سرية بين الأطراف المذكورة بعاليه ؟؟!!
وهو نفس المسلسل والمسرحية الدائرة في جبهات البيضاء وصعده ونهم والجوف والحبل على الجرار !!
وبعد سقوط الجوف من فبل الحوثيين قال المحافظ أمين العكيمي:
"أقدم اعتذاري وأسفي الشديد لأبناء محافظه شبوة خاصة والجنوب عامه
كان هذا الأمر الحقير اجتياح شبوة نزولا عند رغبات حزبيه مقيتة ورغبات أشخاص نافذين فاسدين لا هم لهم إلا السيطرة على مواقع الثروات في الجنوب!!
همهم اليوم من يخذل ويبيع الجوف لجحافل المجوس بكل سهوله وقد تركونا وحيدين في غبار المعركة دون سابق إنذار!!
لا أطلب من الجنوبيين السماح أو الغفران ...فهذا الأمر نطلبه من الله سبحانه وتعالى ولهم كامل الحق في الاقتصاص مني شخصيا عبر القانون في المحاكم أنا مستعد ومعترف بأخطائي وذنبي "
ليس هذا فحسب بل هناك تجري وساطات لتسليم مأرب يشارك فيها كل من : الشيخ ناجي بن معيلي ،والشيخ قناف الغلق ،وحسين القبلي ،والشريف ،مع ضمان بقاء سلطان العراده محافظا لمأرب بشرط تشغيل الكهرباء وإيراد النفط إلى صنعاء !!
"ونفسي أصدقك يا زنكلوني !!"
وكلنا يعرف أن الخيانة صفة ذميمة في التاريخ الإنساني لأنها ترمز للغدر ونكث العهود وتتسبب في انهيار الدول والأنظمة وهزيمة الجيوش واشتعال الحروب بوسائل رخيصة وهي من أحط وأقذر الوسائل الدنيئة في التاريخ البشري .
ولليمن تاريخ حافل من الغدر والخيانة .. وعندما نعود ونقرأ التاريخ بتمعن وتفكير واعتبار يتضح لنا أن هناك سلسلة دموية من الأحداث السوداء الحافلة بالغدر والخيانة في التاريخ البشري عامة واليمني خاصة ..!!
وفي العصر الحديث لليمن تاريخ حافل بالخيانات والغدر فعند دخول الأتراك إلى الساحل اليمني عام 1554م لحماية الثغور الإسلامية من الغزوات البرتغالية حوربوا وخرجوا مهزومين على يد الإمام الزيدي محمد المؤيد عام 1635م ثم عادوا ثانية إلى اليمن عام 1849م للتصدي للصليبيين لحماية المقدسات الإسلامية وخرجوا مهزومين على يد قوات الإمام يحيى حميد الدين عام 1911م وقد خلفوا ورائهم آلاف القتلى والمفقودين !! مما تسبب في جرح نازف في ذاكرة الأتراك تتوارثه الأجيال عن اليمن وغدر أهله بهم ..!
وللمصريين تجربة مريرة في حرب اليمن عند قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962م فقد ذكر وجيه أبو ذكرى في كتابه : " الزهور تدفن في اليمن " : أن شهداء مصر في حرب اليمن تقدر بعشرين ألف جندي وضابط ، وترى مصادر أخرى أنها بين عشرة إلى خمسة عشر ألفا " وقال قائد القوات العربية في اليمن الفريق أول عبد المحسن مرتجى : " حاربت القوات المصرية في اليمن أصنافاً كثيرة من البشر مرتزقة من كل مكان في العالم ولم تكن تعرف العدو من الصديق ، وهل هذا مؤيد للجمهورية أو ضدها ، وكانت طبيعة العدو الذي تقاتله القوات المصرية يتميز بالغدر والخيانة "!
وهكذا تورطت مصر في حرب اليمن وتحولت السرايا إلى كتائب ثم ألوية وتطلب ذلك جسراً جوياً وبحرياً هائلاً لنقل الجنود والمعدات والذهب !!
حيث كانت القبائل تعلن ولائها للثورة بطريقتين إما بالقوة أو الذهب وكانت قبائل كثيرة تقبل الذهب وتعلن ولائها للثورة ثم وبعد عدة أيام تنقلب إلى الملكية مرة أخرى
وللمتنفذين في اليمن باع طويل وتاريخ دام من الحروب والمكر والاغتيالات فعندما نهض المقدم إبراهيم الحمدي وقام بالثورة التصحيحية كان عمره لم يتجاوز 31 عاماً وقد واجه ثقافة الاستعلاء الطبقي من المشايخ وبعض رموز التخلف لمشروعه النهضوي ، وبالرغم من الإرث الثقيل لنظام الجمهورية الوليد والمثقل بجراحات الماضي ورواسب حقبة الإمامة إلا أن الرئيس الحمدي واصل مشروعه الوطني لبناء اليمن وفرض هيبة الدولة وتم اغتياله ظهر يوم 11 أكتوبر عام 1977م .
وقد استولى الحوثيون على صنعاء بنفس الطريقة بالتواطؤ مع عدة أطراف يمنية متنفذة في السلطة وخارجها ، وظهر قادتهم براغماتيين يجيدون المقايضة عند الحاجة وكسب المعارك السياسية بالتصعيد الشعبي عندما امتطوا عاطفة الناس وتصدروا المشهد بالدفاع عن مظلومية الشعب إزاء قرار حكومة باسندوه الخاطئ برفع أسعار المشتقات النفطية وتحت هذه الذريعة استولوا على صنعاء !!.
إذن لا غرابة في إطلاق الشعارات والصرخات وقطع الرؤوس وقصف الأحياء السكنية فوق أهلها وقتل الأبرياء وقصف المنازل والمساجد دون أن تردعهم قيم ولا أخلاق ولا ذرة من رحمة أو إنسانية .
وهذه هي نفس المسرحية التي تتكرر مشاهدها أمامنا اليوم فهذه القوى الشمالية التي تعيش على الخيانة والارتزاق تؤدي دورها ببراعة ولا يردعها دين ولا أعراف قبلية ولا أخلاق تكرر نفسها كلما اشتعلت حرب جديدة في اليمن !!
فهل الدور القادم سيكون اجتياح الجنوب ؟؟
انه الاجتياح القادم والله كان في عون أهل الجنوب