فيصل الصوفي يكتب:
معرض كبير للأخطاء
أزعم أني مدمن قراءة، ومتابع جيد، وراصد حريص، واحتملوا قولة واحد يزعم أنه بيطار كُتّاب ومحرري الصحف الإلكترونية في اليمن.. وفي جوانب سترد تحت، استنتجت أن هذه الصحف عبارة عن معرض كبير للأخطاء اللُغوية والنحوية المُحرجة والمضحكة، كما هي مدرسة أنموذجية لإهانة اللغة العربية.. ولا أحسب نفسي قاسياً، لو قلت إنك كلما قرأتها وصدَّقت كل ما تنشره هذه ازددت ارتباكاً وجهلاً، وإن شئتم الاستثناء فموقع نيوزيمن، والمصدراون لاين، ووكالة 2ديسمبر، وموقع حديث هو مدى برس.
وعاد بعض أصحاب تلك المواقع يعملون لها دعاية من نوع فريد لكي يجذبوا القرَّاء لعلّ مواقعهم تحسب عند المقومين الكبار.. يريدون لفت انتباهك إلى مواقعهم ليكسبوا قراء، فلا يجدون حيلة سوى أن يكتبوا قبل العناوين كلمات وجملاً من قبيل:
عاجل.. وردنا الآن.. هام وعاجل.. هام وخطير جداً.. عاجل وخطير.. عاجل وصادم.. صادم.. مفاجأة من العيار الثقيل.. فتفتح وتقرأ لتكتشف أن هذه المواقع تغشك.. فلا هام ولا خطر ولا صادم ولا مفاجأة، ولا عيار ثقيل، ولا معيار محترم، ولا شيء مستعجل أو عاجل أيضاً.. وكأنك أمام أصحاب بعض المطاعم والغسيل والتصوير.. يكتب قسم المستعجل، ويأتيك بالمطلوب بعد خروج النفس، فبعض صحفنا الإلكترونية مثل هذه الأقسام.
هذا بالنسبة لعناوين الأخبار والتهويمات.. أما في التفاصيل سوف تقابلك المضحكات، مثلاً:
"انهتاكات الحوثيين.. الممكلة المتحدة.. زرع البعوات الناسفة.. إلغاء قنبلة يدوية.. خنق وظائف جديدة.. وبسبت الوضع الأمني.. درات اشتباكات بينهم".. والمقصود حسب الترتيب السابق: انتهاكات، المملكة، العبوات، إلقاء، خلق، بسبب، دارت.
وتقرأ: "إذا كان عندهم حسن بنية"، يعني نية.. و"بينهما علاقة ود واحتراب!" احترام يعني.. و"قاموا بالتفاوض مع قيادة اللواء بشأن تسليه لهم"، أي تسليمه لهم.
وبعض الأخطاء تتسبب في سوء فهم وخجل، وخاصة تلك التي ترتبط بدلالات أو موضوعات دينية وجنسية، مثلاً: "مخاطر السنة"، يقصد السمنة.. "مفجرة للبنات"، والصواب مفخرة للبنات.. ويريد يكتب الأطياف السياسية، فتجده قد قلب الحرف الأخير من كلمة الأطياف إلى حرف زاي أو زين.
أما في النحو.. فالفاعل مخفوض، والمفعول به مرفوع، والمجرور منصوب، حيث يكتبون لك: "وذكرت وكالة كذا في خبرا عاجلا".. و"أكد فلان في تصريحا صحفي له اليوم"، "مصرع قياديان".
وفي السرقات الصحفية.. للعاملين في هذه المواقع مهارات كمهارة سارق الكحل من العين.. كله خاص وحصري.. وكله في الحقيقة مسروق من مواقع مماثلة، وأكثر السراق هم في الأصل راقدين وكسالى طول الوقت، ثم يخزنون بعد الغداء ويتنقلوا بين المواقع ليسرقوا ويسبكوا الخاص والحصري وينشروا، أو يعيدوا النشر، فإذا بك أمام ساقية جحا التي تملأ من البحر وتصب في البحر.
خلاصته.. عجائب صحافتنا لا تنقضي، ونكتفي بما سبق، وثمة إضافة قصيرة فقط، وهي كثيراً ما نقرأ فيها عبارات من قبيل: محافظة المهرة التي كانت جزءا من الشمال قبل الوحدة!... عقب منعه من السفر برا وجوا إلى عدن.
فالمهرة كانت جزءا من الشمال قبل الوحدة، والرجل كان يريد السفر إلى عدن جوا وبرا في آن واحد لكنه منع من ذلك.. وخيرا فعل المانعون من أجل سلامته من الانشطار إلى نصفين بري وجوي.. والسلام ختام.