فادي عيد يكتب لـ(اليوم الثامن):

أردوغان بين شقيّ الرحى إدلب وطرابلس

بعد أن تكبد الجيش التركي عشرات القتلى في صفوف جنوده بإدلب السورية وطرابلس الليبية بالأيام الماضية، وخوفه من أن تتحول المواجهة على الميدان السوري تحديدا لمواجهة مباشرة ضد روسيا، أستجدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الناتو أكثر من مرة ولكن بلا جدوى، ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترك أمر أردوغان لوقت ليس بالقليل لبوتين، أما من لم يتردد في دعم أردوغان كانت دولة الإحتلال التى كلما رأت موقف أردوغان متأزم في شمال سوريا كانت تتجه للعدوان على جنوب سوريا، لتخفيف الضغط على المحتل التركي في شمال سوريا، وعند لحظة يأس أردوغان، أضطر الرئيس التركي لأبتزاز أوروبا بورقة اللاجئين كعادته (أخر ورقة يملكها وأكثر ما يقلق المستشارة الالمانية انجيلا ميركل)، ولكن بنفس الوقت هو مضطر أيضا للعودة لبيت الطاعة الروسي مجددا.

 

المضحك في قلب مسلسل سياسات رجب طيب أردوغان المتناقضة والتى أراها أكثر تشويقا من المسلسلات الدرامية التى تصدرها لنا إسطنبول، أن أردوغان وحزبه الذين كانوا يقولوا على حلف الناتو بـ "الحلف الصليبي" توسلوا له بكل طرق كي ينقذهم من فلاديمير بوتين وبشار الأسد.

وأن من يقال عنه ثاني أقوى قوى عسكرية في حلف الناتو (الجيش التركي) ومن يحمي بوابة أوروبا الجنوبية، فجاءة أكتشفنا أنه لا يمتلك منظومات دفاعات جوية في جنوب شرق تركيا على الحدود مع سوريا ذو كفاءة وبقدر كافي (كما صرحت أنقرة).

 

وأن الطائرات المسيرة التركية التى تباهي بها أردوغان وصدعنا صبيانه على القنوات الإخوانية التركية الناطقة بالعربية على أنها معجزة صناعية تطير في السماء، تتساقط في شمال سوريا وطرابلس كالذباب.

 

وأن الجيش الذي لقبه أردوغان بـ "الجيش المحمدي" عقيدته العسكرية هي جزء من أستراتيجية حلف الناتو الصليبي (كما يصرح قادة الجيش التركي وقيادات حزب العدالة والتنمية)، وأن قراره السياسي ليس في إسطنبول ولكن في مقر خلافة الإسلاميين بالقرن العشرين الا وهي لندن.

 

ووقت ما أعترضت سابقا المعارضة التركية على أسلوب أردوغان الرخيص في التعامل بورقة اللاجئين، وصرخ حينها الخليفة العثماني أردوغان الأول في وجههم، قائلا  :"هم المهاجرون ونحن الأنصار" !!!

ثم بعد أن تلقى أردوغان الصفعات من روسيا وسوريا على التوالي ولم يجد رد، فلم يعد أمامه الا أبتزاز أوروبا بتلك الورقة، وحينها لم يعد في خطاب أردوغان السوريين مهاجرون بل عبئ على الدولة التركية (حساب خطابات أنقرة)، ولم يعد الأتراك أنصار بل لصوص تستحل أعراض السوريين وأموالهم ومحلاتهم في شوارع تركيا، مع العلم أن أردوغان يتحصل على مليارات الدولارات من أوروبا لايواء هولاء اللاجئين منذ بداية الحرب.

 

خلاصة القول الحل لكل من أردوغان وإدلب وطرابلس بات في موسكو، والأهم أن بوتين لن يضحي بالأسد مقابل قرد لا يجيد الا القفز على الحبال، والأكثر أهمية هو التنسيق الأمني العالي بين ليبيا وسوريا والذي ترجم خلال اللقاء الذي جمع قيادات سياسية وأمنية سورية على رأسها وزير الخارجية السوري وليد المعلم مع الوفد الليبي الذي ضم كل من وزير الخارجية والتعاون الدولي عبدالهادي الحويج، ووزير الدفاع المكلف اللواء يونس فرحات، ورئيس جهاز المخابرات الليبية اللواء مصطفى المقرعن، وعبد الرحمن الأحيرش نائب رئيس مجلس الوزراء في الحكومة الليبية، وهو اللقاء الذي دار ببداية الأسبوع الجاري في العاصمة السورية دمشق.

 

كما يجب أن ننتبه لمحاولات المكتب الثاني (المخابرات الفرنسية) لتنحية الدمية الايطالية فايز السراج ذو الاصول التركية الليبية، واستبداله بدمية المخابرات الفرنسية الجديدة اللص فتحي باش اغا ذو الاصول التركية الليبية أيضا (فيبدو أن كل اللصوص ذو هجين تركي)، لصنع حكومة تسمى بحكومة وحدة وطنية تشكل بدلا من حكومة الصخيرات المسماه بحكومة الوفاق.

 

أخيراً وليس آخراً المشهد في الأعلى يتغير كما شاهدنا، وعلى أرض الميدان في تفاصيلة أيضا كان يتغير بسرعة شديدة، فصراعات المليشيات والمرتزقة في طرابلس هي أنعكاس واضح على مساعي فتحي باش أغا في أن يحل بديلا لحامد كرزاي ليبيا المدعو فايز السراج، وأن يشكل باش أغا حكومته الوطنية أو بالأدق حكومته الوهمية، قبل أن يكون السبب في الخلاف بين تلك المليشيات والتنظيمات هو حصص المال الموزعة من هنا أو من هناك، كما أن أردوغان الأن صار بين شقيّ الرحى (سوريا-ليبيا) بعد أن بات عدوهم واحد وبندقيتهم واحدة، ومن أستطاع طرد حريم وغلمان السلطان من ديارهم يستطيعوا إسقاط الخليفة نفسه من على عرش التنظيم الدولي لجماعة إخوان الشيطان.