فادي عيد يكتب لـ(اليوم الثامن):
في ذكري رحيله.. رأي أربكان في تلميذه أردوغان
في ذكرى رحيل نجم الدين أربكان أبرز سياسيين تركيا في العصر الحديث كان علينا ان نتذكر رأيه ورأي رفاقه في تلميذهم ورئيس تركيا الحالي أردوغان.
فقد جاء على لسان مصطفى كمالاك رئيس حزب السعادة فى حوار له بصحيفة "بوغون" التركية قائلا: "أن الإسرائيليين عرضوا على أربكان عروضًا لو قبلها الأخير ما كان ظهر حزب العدالة والتنمية على السطح، فقدموا هؤلاء لأربكان عرض سخي بداية بتصعيد حزبه إلى سدة الحكم، مرورا بتحمل التكاليف المالية وتقديم الدعم المادي للحزب، وصولا لازاحة المعارضين من طريق حزب الفضيلة كي تتثنى له السلطة منفردا، وفى المقابل ضمان أمن أسرائيل، والتعاون فى وضع صيغة ورؤية جديدة للاسلام ككل وليس الاسلام السياسي فقط، وأخيرا المساهمة فى تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، ولكن رفض أربكان الأمر تماما".
ويكمل مصطفى كمالاك حديثه قائلا: أن نفس العرض الذى قدم لأربكان، قدم لرئيس حزب الوحدة الكبرى محسن يازجي أوغلو ورفضه أيضا، إلى أن نجحت إسرائيل فى المحاولة الثالثة لها بعد أن تقدمت بالمشروع لأردوغان ورفاقه الذين قبلوا بكل الشروط.
وبنفس الصدد تحدث عبد اللطيف شنر (نائب رئيس الوزراء أردوغان من عام 2002 الى 2007 في حكومة الرئيس عبد الله جول) فى برنامج تلفزيوني على قناة "هلك تى في"، قائلا :أن مهمة أردوغان الأولى هى تطبيق سياسات إسرائيل.
وفى سؤال صادم طرحته صحيفة "ملي غازيت" فى عنوانها الرئيسي "هل قاعدة كوراجيك أسست ضد الصهيونية؟"
والذى تضمن شهادة مجلة "دفينس نيوز" الأمريكية والتي توضح دور قاعدة كوراجيك الرادارية الأمريكية فى مدينة ملاطية بوسط تركيا، موضحة أن قاعدة كوراجيك الرادارية تعمل بصورة متناسقة مع نظام القبة الحديدي بإسرائيل، وهو النظام الراداري الذى أقامته إسرائيل بعد كم الصواريخ التى أصابها أثناء حرب تموز 2006 على يد حزب الله اللبناني.
وفي عام 2007 صرح أربكان قائلا: "لقد تقلد أردوغان عام 2002 خلال لقائه مع جورج بوش على منصب مدير مشروع الشرق الأوسط الكبير، وبعدها تحصل أردوغان على وسام الشجاعة اليهودي، وبعد ذلك بأقل من عامين بدأ أردوغان فى طرح مصطلح "الشرق الأوسط الكبير"، وصرح لوسائل الأعلام عن ماهية ذلك المشروع، وأن حجم تركيا فى ظل قيادة حزب إسلامي يحافظ على علمانية الدولة يؤهلها لقيادة المنطقة، ويجعل من تركيا عمود رئيسي لتنفيذ أي مشروع بالاقليم، وفى مقدمتها مشروع الشرق الأوسط الكبير".
ولا يفوتني مشهد هام فى مسيرة أردوغان، عندما زار متحف "ياد فاشيم" الخاص بضحايا الهولوكوست، وكتب فى دفتر التوقيعات التذكارية:
"إن المجزرة من أبشع الجرائم غير المعقولة في حق الإنسانية، ويجب ألا يتكرر حدوث مثل هذه الوقائع مرة أخرى، والشعب التركي سيستمر في مواصلة علاقة المحبة مع اليهود في المستقبل أيضا، مثلما كانت عليه منذ مئات السنين، فلا يمكننا أن نكون طرفا داعما للعرقية والتعصب، فلدينا إصرار على مقاومة هذا التوجه، وأنا بالنيابة عن الشعب التركي وبالأصالة عن نفسي، أبدى احتراما أمام النصب التذكاري للمجزرة التي راح ضحيتها الآلاف من النساء والرجال والشباب والكهل في هذا المكان الذي يعرض واحدة من أقسى ذكريات التاريخ الإنساني."
وعلى أثر تلك العلاقة الحميمة بين أردوغان والكيان الصهيوني تسلم أردوغان "وسام الشجاعة اليهودي" كي يكون الغير أمريكي والمسلم الوحيد من بين 10 اشخاص جميعهم تولوا رئاسة الولايات المتحدة يحصل على هذا الوسام.
خلاصة القول كان أربكان أبن المشروع الإسلامي وكذلك أردوغان أيضا، ولكن أربكان كان يريد إخراج تركيا من دائرة التحكم الغربية، وسعى بكل قوة للعودة لمحيط تركيا الإسلامي عبر الشراكة والتواصل والبناء، وليس التدخل فى شؤون دول الجوار الداخلية كما فعل أردوغان، فتلاقت أحلام أردوغان التوسعية مع أهداف الغرب الاستعمارية الذي سعى لتمزيق المنطقة بمخطط الشرق الاوسط الكبير، فجاء ما جاء في 2011م، وكانت تركيا اردوغان هي رأس حربة ذلك المشروع.