د. علوي عمر بن فريد يكتب:

الحوثيون وطموحاتهم في حكم اليمن ؟؟!!

منذ تأسيس الدولة الأموية و نشوب القتال بين سيدنا علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان والنزاع على أحقية الخلافة التي لم يحدد نبينا محمد صل الله عليه وسلم من له الحق فيها وتركها شورى بين المسلمين وأتخذ معاوية بن أبي سفيان ( قميص عثمان الملطخ بدمائه ) حجة ومظلمة ليخدع بها عامة المسلمين عندما رفعه على المنبر في دمشق كذريعة للمطالبة بدمه ليقصي الإمام علي بن أبي طالب عن الخلافة .. و منذ ذلك الحين تفجر الصراع على السلطة بين قبائل قريش وتوزعت قبائل العرب بينها ... ونشأت أحزاب معارضة اتخذت من الدين شعاراً و أدارت من خلاله حركة الصراع و كل حزب سياسي كان يرتبط بالدين كحامل أساسي , في حين أن الأهداف الحقيقية هي أهداف سياسية تصب في الصراع على السلطة بحيث يبدو أن الصراع دينياً في حين كان في العمق سياسياً مستتراً بأفكار دينية تمده بالتأييد و تجمعت حوله قبائل العرب , وكان (حزب آل البيت) هدفه هو منازعة بني أمية على السلطة و ليس على الدين الذي لم يكن محل خلاف ..و حين هزم الأمويون خصومهم من أتباع الإمام علي و أولاده أفرزت الساحة حركة سياسية و ليدة أنشأت(حزب بني العباس)الذي بقي ولاؤهم لآل البيت و لكن من جناح آخر . و لأن الفرس فقدوا نفوذهم بسقوط إمبراطوريتهم، أيدوا بني العباس حتى أسقطوا الحزب الأموي و أقاموا الدولة العباسية عام 132هجرية التي شهدت نفوذاً فارسياً واضحاً شكل ملامحها منذ البداية وانحسارا لنفوذ القبائل العربية!! .
ثم نشأ الحزب الفاطمي في مصر فاعتمد على حامل ديني يمتد بالولاء إلى فاطمة ابنة الرسول و من ثم أقاموا الدولة الفاطمية و حين جاء الأتراك من الشمال رؤوا أنهم لن يتمكنوا من بسط نفوذهم و سطوتهم على البلاد العربية إلا من خلال الدين فقاموا بالانتساب إلى الإسلام و استمروا باسم الدين في حكم العرب لمدة (400) سنة . و حين قرر الأوروبيون اقتسام الدولة العثمانية وجدوا أن استخدام الدين ضروري للوصول إلى الهدف , فجاءوا بشريف مكة و استخدموا مركزه الديني لإقناع العرب بالتعاون معهم ضد مركز الخلافة في اسطنبول و يجب نقله للعرب على كون أن شريف مكة يمثل هذا المركز , و كان للأوروبيين ما أرادوا . و بعد قيام الثورة الشيوعية لم يتوقف استخدام الغرب للدين في الشرق العربي و الإسلامي لمنع امتدادها و خلال 70 عاماً من الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي و المنظومة الاشتراكية تم استخدام الدين ضد الشيوعية على أساس أن السوفييت و من يواليهم في معسكر الكفر و الإلحاد , فصارت كل التيارات الدينية تقف بجانب الغرب خوفاً من الدب الشيوعي الذي يهدد دين المنطقة لا الغرب و لا استعماره!!
وقد دفع السوفييت جنودهم لمساندة أول دولة شيوعية في بلاد المسلمين في أفغانستان فاستغل الغرب العاطفة الدينية لدى العرب والمسلمين للجهاد ضد الاتحاد السوفيتي .
وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد حيث تبنى صالح نفس الشعارات ليسقط دولة الجنوب ..ثم تبنى الحوثيون الشعارات الدينية بوجه آخر ومنها المظلمة التاريخية التي لحقت بآل البيت وادعاء القرب من النبي محمد صل الله عليه وسلم والقرآن الكريم..وعملوا جاهدين على الإيحاء للقبائل اليمنية الزيدية في شمال اليمن بأن لهم الحق وحدهم في الولاية عليهم!!
وأعادوا شحنهم عاطفيا بالولاء لآل بيت النبي وأنهم وحدهم أصحاب الحق الحصري في الولاية والخلافة دون سائر العرب وعملوا بجهد على تقرير أصالة وشرعية ومصداقية هذا النسب الذي جاء امتدادا لحكم الأئمة الذي أطاحت به ثورة السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962م وترجم ذلك الحوثيون إلى أفعال هم وجميع الذين يدعون أنهم ينتسبون إلى آل البيت .
هذا النموذج هو الأكثر تعقيداً لأنه منذ البداية يحاول إجهاض الثورة اليمنية في محاولة رخيصة ومكشوفة على إبقاء الظاهر من الحكم الجمهوري الذي غلفه برداء دخيل ومكشوف من الثورة الإيرانية التي يجاهر اليوم بموالاتها ليس كند بل كذيل تابع لها بواسطة عمالته المكشوفة .. وقام بامتطاء عواطف القبائل اليمنية الشمالية وجرى استخدامه في حياة اليمنيين الخاصة و العامة.
كما جرى توظيف المراجع الدينية ليحكم سيطرته على قضية إخلاص الأشخاص عند استخدامهم للدين. ويعد هذا الشكل استغلالاً سياسياً للدين لأن الهدف النهائي سياسي أو ذو تأثير سياسي!!
واستلب الحوثي العواطف الدينية والعقول البسيطة للقبائل الزيدية لتكريس نهجه والدفاع عن مشروعه السلالي بصكوك يوعدهم فيها بالجنة لمن قتل في سبيل مشروعه ، والسؤال الذي يظل دون إجابة هو: هل يريد الحوثي مقايضة المجتمع بكامل جغرافية اليمن وتنوعات الطيف السياسي فيه ويضعها في كفة وأسرته السلالية في كفة أخرى من خلال فرض حكم وراثي جثم على أنفاسه ما يزيد عن ألف عام في تجاوز سافر لطموحات شعب قدم آلاف التضحيات للانعتاق من العبودية الكهنوتية ؟؟!!

لذا فالتعايش ليس خيارا ولا خصلة أخلاقية، بل ضرورة وواجب وطني، وفيه قوانين دولية ملزمة به اليوم. على الدولة اليوم أن تعتبر التداعي الطائفي والتحريض أمرا محرما حتى تشعر بأن اللحمة الوطنية صارت تغلب على الانتماءات الطائفية والعرقية