د.علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

الحوثي والمتاجرة بآلام اليمنيين في الحرب !!

خمس سنوات عجاف عانى فيها اليمنيون ولا زالوا الحروب والدمار والمجاعات والأمراض الفتاكة ويترصدهم الموت كل يوم في كل مدينة وقرية وسهل وجبل ليس هذا فحسب بل ويتخذ منهم الحوثيون دروعا بشرية ، ومن سلم منهم يتاجرون بآلامه وأوجاعه كما يجري اليوم في ذمار من احتجاز للمسافرين...وهذا هو فعل الجبناء الذين يختبئون في الكهوف ... أما الشجعان الذين يستحقون لقبهم فهم يحاربون المشروع الحوثي – الإيراني حتى آخر قطرة من دمائهم وهذه الجملة هي التي ترد في القسم العسكري الذي يردده الرجال !!
و هناك من حصل على البطولة من جانب الحوثي وهو لا يستحقها ولكنه قلد الشجعان في قسمهم على أنفسهم ، وخير دليل على كذبهم " الصرخة " التي ابتدعها عبد الملك الحوثي و يضلل بها السذج من أتباعه لتحقيق مشروعه السلالي – الذيلي-الإيراني.. ويقول الباحث اليمني أحمد مفضل والمختص في المذهب الزيدي ( حسين الحوثي ورث خطابا تكفيريا جهاديا لا فرق بينه وبين خطاب القاعدة وداعش والجماعات التكفيرية وهذا موجود في ملازم حسين الحوثي حتى اليوم )
والمضمون هو نفسه عنصري الذي كان يعنيه تشرشل لخوض الحرب بالهنود حتى آخر هندي!!
وعبد الملك يخوض حربه اليوم حتى آخر يمني !!

وما أشبه الليلة بالبارحة ففي ذروة الحرب العالمية الثانية عام 1943م كانت وزارة الحرب البريطانية منعقدة في لندن لمناقشة المجاعة التي كانت تعصف آنذاك بالهند، حيث كان الملايين من الهنود، خصوصا في إقليم البنغال الشرقي، يموتون جوعا. وكان ليوبولد إيمري، وزير الدولة لشؤون الهند، والمارشال السير أرشيبالد ويفل، الذي عُيّن فيما بعد مندوبا ساميا في الهند، يناقشان كيفية إرسال مزيد من المساعدات الغذائية إلى الهند ـــ ولكن جهودهما كانت تصطدم برفض رئيس الحكومة ونستون تشرشل!!
. وفي كتاب صدر حديثا للصحفية الهندية مادوسري مكرجي بعنوان ''حرب تشرشل السرية''، تلقي المؤلفة بالمسؤولية عن واحدة من أسوأ المجاعات التي شهدتها الهند في تاريخها على عاتق رئيس الوزراء البريطاني الشهير. ويعد الكتاب دراسة مؤثرة بقدر ما هي أكاديمية لما قد يعتبر أكثر الفصول إثارة للخجل في سفر الإمبراطورية البريطانية. وتقول مكرجي في كتابها إن شح المواد الغذائية في الهند آنذاك كان نتيجة استحواذ البريطانيين عليها وتصديرها إلى بلادهم وإلى جبهات الحرب المختلفة. وكانت الهند قد صدرت أكثر من 70 ألف طن من الأرز إلى بريطانيا في الفترة المحصورة بين كانون الثاني (يناير) 1943 وآب (أغسطس) من العام نفسه، وذلك رغم المجاعة التي كانت بوادرها قد ظهرت في ذلك الحين. وكانت هذه الكمية من الأرز تكفي لإبقاء أكثر من 400 ألف هندي على قيد الحياة لمدة سنة كاملة. إلا أن تشرشل رفض الطلبات المتكررة بإرسال المواد الغذائية إلى الهند متعللا بقلة عدد السفن المتوافرة لذلك، على الرغم من وفرة السفن الأسترالية ـــ على سبيل المثال ـــ التي كانت تمر بالمياه الهندية في طريقها إلى أوروبا وهي محملة بالقمح. وقد أدى شح المواد الغذائية في الهند إلى ارتفاع أسعارها بشكل مريع. كما اعتمد تشرشل سياسة الأرض المحروقة في المناطق الساحلية في البنغال، حيث كان المستعمرون البريطانيون يخشون غزواً يابانياً. فقد قاموا بمصادرة الزوارق التي كان يعتمد عليها السكان في صيد الأسماك، وصادروا وأتلفوا ما عثروا عليه من مخزون الأرز. لم يخف تشرشل احتقاره الهند وتصف مكرجي في كتابها مشاهد مروعة لمعاناة الشعب البنغالي في تلك الحقبة من خلال الشهادات التي أدلى بها الناجون. فقد عمد بعضهم إلى الإلقاء بأبنائهم في الأنهر والآبار، بينما انتحر عديد منهم بإلقاء أنفسهم أمام القطارات. وكان الأطفال يقتاتون على أوراق الأشجار والحشائشّ !!
وهي نفس المعاناة التي يتكبدها اليمنيون منذ خمس سنوات.. حيث تقوم مليشيات الحوثي بمصادرة كل المساعدات الغذائية والأدوية التي قدمتها ولا زالت تقدمها المملكة العربية السعودية للشعب اليمني عن طريق الأمم المتحدة منذ بداية الحرب والتي يصادرها الحوثيون ويعيدون بيعها في اليمن لرفد جبهاتهم في الحرب أو توزيعها على أنصارهم الذين يصرفون ببذخ ويعيشون في ترف بينما عامة اليمنيين يتضورون جوعا بل ويتاجرون بآلامهم !!
وقد ذكر تقرير "سي إن إن" أن برنامج الغذاء العالمي، احتج العام الماضي على سرقة 1200 طن من مساعدات الغذاء عن المكان الذي كان مقررا أن تصل إليه في العاصمة صنعاء.
وبحسب التحقيق، فإن 60 بالمائة من المستفيدين من المساعدات والموزعين على سبع مناطق في العاصمة لم يتسلموا أي مساعدة، فيما أكد برنامج الغذاء العالمي أن هناك تزويرا في السجلات قد حدث، إذ تم تسليم معونات لأشخاص غير مصرح لهم، فيما بيعت بعضها في أسواق صنعاء!!
وما أشبه ما يجرى في اليمن اليوم بما جرى في الهند بالأمس حيث
تقول الكاتبة الهندية " مكرجي" في كتابها إنه ''في نهاية المطاف، لم تكن العنصرية لتفسر السبب الذي حدا بالبريطانيين إلى غض الطرف عن المجاعة في الهند، بينما لم يكن بوسعهم حتى التفكير في تقنين الخبز على مواطنيهم، بل كان السبب الرئيس هو اختلال موازين القوى المتأصل في الهرم الاجتماعي الدارويني''.
يعد كتاب مكرجي مرجعاً لا بد للمدافعين عن النظام الاستعماري أن يقرأوه. فهو يشرح الطبيعة الاستغلالية للاستعمار، وفي هذه الحالة تحديداً يبين كيف تمكن تشرشل ــ الذي لم يخف يوما احتقاره وازدراءه للهند والهنود.
وهو نفس ما يفعله اليوم عبد الملك الحوثي مع اليمنيين !!!
د. علوي عمر بن فريد