مشاري الذايدي يكتب:
كرة الجائحة... السياسية
بما أنها مالئة الدنيا وشاغلة الناس، فإنَّ جائحة «كورونا» اصطبغت بكل الألوان السياسية التي كانت موجودة قبل هبوب عاصفة «كوفيد 19» الحمراء.
كل يريد جرّ الجائحة من قرنيها إلى حظيرته، ثم إطلاقها على من يريد الإضرار به، أو التباهي بامتطائها أمام الجمهور المراد إبهاره.
لعل أسطع الأمثلة على هذه التوظيفات السياسية لجائحة كورونا، ما نراه على مدار الكوكب من حملات دعاية و«بروباغندا» صينية، تقدّم المثال الصيني بوصفه الأدقّ والأحزم والأعلم والأفضل، على عكس النماذج الغربية خاصة، التي من المعلوم أنها على خلاف شامل ومتعدد الجبهات مع التنين الصيني الأحمر.
هذه الدعاية الصينية تجد من يرّوج لها من كارهي القطب الأميركي، وهم أمشاج من الإسلاميين، سنة وشيعة، داخل العالم الإسلامي، وفرق من اليسار الموتور، داخل العالم الإسلامي وخارجه، وأيضاً من أنصار الأنظمة الكارهة للقيادة الأميركية، خاصة في عهد رئيسها القوي دونالد ترمب، مثلما هو الحال في الصين وروسيا، وربما الهند، حتى بعض السياسيين في أوروبا.
داخل أميركا تم تسييس الجائحة بصورة صارخة، نجد الحزب الديمقراطي، بوجهه الأوبامي يكيل الضربات لإدارة الرئيس ترمب بسبب إدارته أزمة كورونا. ونجد بعض إعلامنا «العربي» يلوك هذه الدعايات الأوبامية ضد ترمب، بكل حبور وبلاهة.
لم يوفر الرئيس ترمب وإدارته خصومه الذين يحلبون جائحة كورونا ضده، فقد حذّر من أنه إذا فاز المرشح جو بايدن في الانتخابات المقبلة، فإن إيران والصين سوف تمتلكان الولايات المتحدة، مذكراً بالصفقات الكبيرة التي أجراها مع الصين ورسوم التعريفة التي فرضها عليها، وأجبرها على دفع مليارات الدولارات للولايات المتحدة الأميركية، والتي صبَّت في صالح المزارعين الأميركيين.
ليعود نائب باراك أوباما، ومرشح الديمقراطيين جو بايدن، فينشر على حسابه بـ«تويتر» مقطع فيديو يُظهر أحد العاملين معه سابقاً تحت ظل إدارة أوباما، قائلاً: «الحقيقة المرة هي أن دونالد ترمب ترك أميركا مكشوفة ومعرضة لهذه الجائحة. لقد تجاهل تحذيرات خبراء الصحة ووكالات المخابرات، وبدلاً من ذلك وضع ثقته بزعماء الصين».
إعلام الرئيس ترمب لم يفوّت هذه الدعاية الأوبامية - البايدنية، فذكّر الجميع بهجمات بايدن وزعيمة الديمقراطيين البرلمانية نانسي بيلوسي، حين قرّر ترمب منع السفر للصين في يناير (كانون الثاني) الماضي.
بعيداً عن العراك الأميركي الداخلي حول «كورونا» المستجد، نجد هذا المثال الظريف، أو الضاحك الباكي، من إيران، حين أعلن علي رضا أعرافي، مدير الحوزات الدينية الإيرانية، في رسائل منفصلة إلى 50 من الزعماء الدينيين حول العالم، بما في ذلك البابا فرنسيس، استعداده «لنقل الخبرات» في مجال مكافحة فيروس كورونا!
جائحة غيرّت حياة الناس، كل الناس على هذه البسيطة، لا غرو أن يتقاذف كرتها كل الناس في العالم، وفي مقدمة هؤلاء الناس... الساسة.
الشرق الأوسط