د. علوي عمر بن فريد يكتب:

الوحدة اليمنية ليست وحدة بل كرامة مسفوحة !!

ترسخ غياب مفردة "الوحدة" في الوجدان والذهنية العربية أن عدم تطبيقها عمليا بين الدول العربية أنها سبب رئيسي في الخلل والقصور الذي تعاني منه الأمة العربية وأنها سبب ضعفهم وهزائمهم و تفككهم لدول صغيرة، مع أن الكثير من الدول الصغيرة تمكنت من تأمين حياة عزيزة وكريمة وسعيدة لأبنائها مثل : سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان وسويسرا والنمسا ،وكذلك شاهد الحال في دول الخليج بشكل واضح لا يخفى إلا على من هو أعمى البصر والبصيرة !!

ومن المفارقات العجيبة والشواهد الماثلة أمامنا أن بعض الدول الكبيرة رغم ثرائها الفاحش لم تستطع أن تقدم لأبنائها الرفاهية ولا الكرامة مثل إيران وروسيا.

 ونجحت الحركات القومية في ترسيخ هذه القناعة عند الشعوب العربية مع أن هذه الحركات لم تجلب لشعوبها سوى أسوأ الأنظمة وأكثرها إجراما!!!

 

وفي اليمن أعادت أحداث رفض الجنوبيين للوحدة منذ البداية بعد أن جرى تهميشهم واستبعادهم بل وسلخهم نهائيا من الكيان الجديد لدولة الوحدة التي أستأثر المتنفذون الشماليون بخيراتها واحتكروها لهم !!

ومن سخرية ذلك أن كبار مشايخهم قد تعاقدوا مع بعض شركات النفط العالمية على بعض الحقول والمربعات النفطية الكاملة في الجنوب وسجلوها كعقارات خاصة بأسمائهم وكأنها ليست من أملاك دولة الوحدة وهذا لم يحدث في أي دولة في العالم القديم والحديث حتى في حكم الإقطاع في أوربا.

وعندما شعر الجنوبيون أنه قد جرى استدراجهم وإيقاعهم في شراك الوحدة الكاذبة لسلب ونهب مواردهم و حقوقهم وعدم الاعتراف بهم كإخوة وشركاء في وحدة متكافئة بل وأصبحت أحزاب الإصلاح والمؤتمر تصنفهم بأنهم ليسو يمنيين وأنهم مجرد دخلاء ولقطاء جلبهم الاستعمار إلى الجنوب وهذا طعن صريح في الأصول والأنساب والأعراق بل والوجود الكلي لشعب كامل لم يعد الحوار والتفاهم ممكنا معهم في حين أن الموقع الجغرافي للجنوب وخاصة ميناء عدن والموانئ الأخرى الممتدة على طول سواحل البحر العربي قد أكسبت أهلها عمقا وانفتاحا حضاريا من خلال الاتصال بالشعوب الأخرى منذ فجر التاريخ وقد برعوا في التجارة والزراعة وبقية الحرف الأخرى !!

 

في المقابل، كان سكان الشمال فلاحين ورعاة ومحاربين، يعيشون في شبه عزلة عن العالم الخارجي، وينقسمون إلى عدة قبائل ومذاهب، وعندما كانت تقوى شوكتهم كان الجنوب العربي هو المكان المفضل لغزواتهم، بحيث طبعت الحرب شكل العلاقة بين الشمال والجنوب لقرون عدة!!

 

في بداية عام 1959 شكلت بريطانيا اتحاد إمارات الجنوب العربي، ثم مع تحول اليمن "الشمالي" إلى النظام الجمهوري عام 1962م ..

في هذا الوقت كانت حركة القومية العربية في أوجها وانعكس ذلك في فكر بعض القيادات السياسية الجنوبية التي تواطأت مع بريطانيا وسلمتها الحكم!!!

ولكنها ارتكبت أخطاء قاتلة حيث مزقت النسيج الجنوبي المتعايش و متجانس مع بعضه البعض رغم أنه يعيش في أكثر من 20 إمارة وسلطنة وهذه نقطة ضعفه ولجأ الحكام الجدد إلى سياسة القتل والعنف وأهلكوا الحرث والنسل في الجنوب وشردوا أكثر من ثلث سكانه ..وكانوا مسكونين بالوحدة و لم يكن أمام هؤلاء من يحققون معه الوحدة سوى الجارة الشمالية ربما اعتقد بعض الحالمين من اليساريين والاشتراكيين الجنوبيين أنه باتحادهم مع الشمال سيتمكنون من نشر أفكارهم في الشمال ولكن ما حدث هو أنه خلال ثلاث سنوات تم اغتيال 158 سياسي من قيادات الحزب الاشتراكي من قبل إسلاميين أو جهاديين، يكفرون تلك القيادات علنا.

وفي الانتخابات البرلمانية التي جرت عام 1993 تحالف حزبا المؤتمر والإصلاح الشماليان ضد الحزب الاشتراكي الجنوبي وصفيت قياداته فخسر الانتخابات وتم إبعاده عن العملية السياسية

 

إن حقيقة الوضع القائم في الجنوب اليوم هو: أنه شعب استبيحت أراضيه ونهبت ثرواته وشرد أبنائه في أصقاع الأرض!!

وتكرر الغزو الشمالي للمرة الثانية عام 2015م وهذه المرة على أيدي المليشيات الحوثية فترسخ لدى الجنوبيين أن العقلية الشمالية هي عصا واحدة وإن اختلفت شعاراتها وعناوينها !!

واليوم أوجه حديثي للأشقاء الجنوبيين وأقول لهم :

ألم تتعلموا من دروس التاريخ ؟ أم أنكم لا تقرؤون حركاته وارتداداته؟ وثقوا أنه 

لن تقوم لنا دولة مستقلة في الجنوب إلا إذا أ قمنا الحق والعدل والمساواة والكرامة لبعضنا البعض !!

لن نستعيد دولتنا ونحن شذر مذر ومتفرقين كغنم بلا راعي تفترسها الذئاب .

لن تستعيدوا دولتكم وأنتم عسكر تأتمرون بأوامر علي محسن وابن معيلي وغيرهم من المتنفذين الشماليين .

لن نستعيد الجنوب ونحن نفكر ونمارس المناطقية ضد بعضنا البعض .

لن نستعيد الجنوب إلا إذا وضعنا الرجل المناسب في المكان المناسب .

 

لن نستعيد الدولة إلا إذا ألغينا القوانين التعسفية التي أقامها الحزب الاشتراكي اليمني وأعدنا أملاك الناس إلى أهلها والتي تقدر ب65 ألف منزل مؤمم ظلما وعدوانا !!

لن نستعيد الدولة إلا إذا أعدنا الأراضي والمزارع المنهوبة على أيدي المتنفذين من الشماليين والجنوبيين على السواء!!

لن نستعيد الجنوب إلا إذا طبقنا معايير الكفاءة بدل المحسوبية في الوظائف العامة .

 

لن تقوم لنا دولة إلا إذا أعطينا كل محافظة حقها في التنمية والبناء والمشاريع .

لن نستعيد الجنوب إلا إذا أقمنا علاقات حسن جوار ومصالح مشتركة مع أشقائنا في السعودية ودول الخليج العربي .

وختاما أقول رحم الله امرئ عرف قدر نفسه .

د. علوي عمر بن فريد