فهد ديباجي يكتب:

كورونا من التضييق إلى المرونة

مع تزايد حالات الشفاء من وباء كورونا عالميا، وتناقص حالات الإصابة، يعيش العالم هاجس العودة إلى ما قبل الجائحة، بعد حالات الذعر والهلع التي أصابت المليارات من البشر .

وبعد أن بات معروفا للجميع أن هذا الوباء قد يصيب الجميع، إلا أن أعراضه لا تظهر إلا على خُمس المصابين، بينما الآخرين يمر عليهم الوباء من دون أن يعلموا بإصابتهم به أصلا، لكن الخطورة ترتفع بين الأطفال و الكبار في السن والذين يعانون من أمراض مزمنة .

أعتقد تاريخيا أن فيروس كورونا ليس أسوأ وباء عرفه تاريخ البشرية من الناحية الصحية و ليس هو الوباء الوحيد، كما أنه ليس الأكثر خطرًا، إلا إنه يعتبر الأكثر ضررا على العالم اقتصاديا بعد أن أوقف كل شؤون الحياة وعزل الناس في منازلهم.

عالميا كل الدول تبذل جهودا استثنائية لمحاصرة وباء كورونا، وعينها على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضها الوباء، وجاءت مضاعفاتها نتيجة مباشرة للتأخّر في عملية الإصلاح المطلوبة منذ سنوات، وعلى رأسها تنويع مصادر الدخل والحدّ من الارتهان لعوائد ومداخيل سلع بعينها، ومعالجة الخلل الكبير في المصروفات.

إن استمرار المعالجات الحكومية وحدها سيفاقم الضربة المزدوجة والركود الاقتصادي العالمي، لهذا سنرى الكثير من الانفتاح وفك الكثير من قيود العزل تدريجيا؛ من أجل التعايش مع الوباء والاستمرار في رعاية وحماية الاقتصاد من الانهيار الكلي لضمان الاستمرارية لبقاء الدول والقدرة في رعاية ومعالجة المرضى، وهو الخيار الأسلم، لكنه يحتاج تعاونا من المجتمعات والأفراد، ومن بينها: وقاية أنفسهم من هذا الوباء، واتباع التعليمات والتدابير التي تحقق ذلك، وعدم التهاون في أي منها، وإدارة يومهم بشكل إيجابي، والتفاعل البناء مع الإجراءات الحكومية .

عالميا كل الدول تبذل جهودا استثنائية لمحاصرة وباء كورونا، وعينها على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي فرضها الوبا.
فالتزام الجميع يعني عبور الأزمة بسلام وأمان، لكن الخروج من الأزمة لا يعني هزيمة كورونا الذي ربما يستمر حتى يجد العلماء اللقاح والعلاج الناجع الذي مازال بين الأمل والحذر، كما أن تخفيف القيود لا يعني التهاون، وهدفه دعم القطاعات الحيوية والمهمة في الدول وذات الطابع المُلح وترميم الأوضاع المالية .

وهو ما يؤكد مسؤوليتنا المشتركة في مواجهة الأزمة وأهمية الحجر المنزلي والوقاية الذاتية والخروج للحاجة والضرورة القصوى؛ لأن مسؤولية الأفراد في مكافحة الفيروس جزء لا يتجزأ من مسؤولية ومنظومة الدول في المكافحة، والدول التي نجحت في تجاوز الأزمة واستطاعت الحد من انتشار الفيروس نجدها اعتمدت كليا على التزام الجميع بالإجراءات المتبعة، وكان تعاون الأفراد والمجتمعات هو الركن الأساس والثابت للخروج من عنق الزجاجة بعد الالتزام الشعبي والمجتمعي الصارم، وهذا ما يجب أن يدركه الجميع بدون استثناء؛ لأن المسؤولية تقع على عاتق الجميع والمواجهة مع الجائحة لم تنته بعد، والوعي المجتمعي هو سلاحنا القادم للعبور بوضوح بعدما تأكد أن الخطر مازال قائما وأن الوباء ما زال يرمي بظلاله وأن الأمر يتطلب اليقظة والانتباه والإدراك من كل الفئات وأن عدم الاكتراث يعني سقوط الكثير من المرضى ومزيدا من الأموات وقد تتدحرج المنظومات الصحية والاقتصادية معا.