كرم نعمة يكتب:
مزاج المطارات السيء يحسن جودة نومنا
المهووسون بالسفر يرسمون اليوم في خيالهم المزاج المفترض للمطارات في الأشهر القادمة، فحتى قبل الإغلاق والحظر كان قطاع السفر يترنح من عام شهد فيه من العقبات إلى درجة أنها أخذت بالفعل تبدو وكأنها نهاية حقبة، بينما ما زالت المحاذير قائمة بشأن وجهات السفر للبلدان العربية، انهارت شركة توماس كوك، غرقت البندقية، ثم جاء فايروس كورونا.
مع احتمالات إعادة فتح المطارات بشكل طبيعي على أقل تقدير في أعياد الميلاد ورأس السنة، فإن لا أحد يتوقع بأن المزاج الإيجابي سيكون حاضرا وبجودة عالية. الأهم من كل ذلك من سيكون بمقدوره دفع تذاكر مضاعفة لنوعية سفر صارم فرضه انتشار الوباء، إذا اضطرت شركات الطيران إلى الامتثال لإجراءات الإبعاد الجسدي، على سبيل المثال، عن طريق ترك المقعد الأوسط مفتوحا.
الأسبوع الماضي حذرت منظمة إياتا، الهيئة التجارية العالمية لشركات الطيران، من أن أسعار الرحلات الجوية يمكن أن ترتفع بنسبة تصل إلى 54 في المئة مقارنة بعام 2019، إذا طلب من شركات الطيران اتخاذ تدابير للتباعد الاجتماعي على الطائرات.
وهذا يعني أنه لا يمكن للمصابين بـ”مرض السفر” حجز تذاكرهم قبل أسبوعين على الأقل للحصول على أسعار منافسة، فأين سيذهبون؟ في أقل اعتبار سيشفون من هذا المرض الذي لم يعد يصيب البريطانيين فقط.
فقد فرض فايروس كورونا على بيئة تدير عمل 330 مليون قطاع معنية بشؤون السفر، إعادة توزيع الثروة بشكل لا مثيل له، لذلك تتصاعد الأمنيات أن تبقى المطارات على قيد الحياة، لكن ذلك سيكون صعبا على صناعة الطيران، فمطار غاتويك مثلا ثاني أكبر مطار في بريطانيا حذر من أن العودة إلى مستويات حركة المرور قبل الأزمة قد تستغرق ما يصل إلى أربعة أعوام.
لي صديقة بريطانية الحياة بالنسبة لها تعني السفر المستمر، فهي على الأقل تسافر في عشرين رحلة سنويا، لكن عن أي رحلات نتحدث، أحيانا تضع حقيبة صغيرة على ظهرها وتنطلق فجرا من لندن إلى فيينا، تنزل صباحا وتدور في طرقات المدينة ومتاحفها لساعات لأن رحلة العودة ستكون قبل منتصف الليل في نفس اليوم! لا فندق ولا تكاليف مضافة، ومع ذلك تشعر بطعم السفر، فكم سيكون ثمن هذه الرحلة!
مثل هذه السيدة يوجد منها الآلاف، لكنهم على وشك الانقراض كما يقول توني ويلر، أحد مؤسسي دار نشر خاصة بالسفر والسياحة، “لن ننهي الإغلاق ونعود إلى ما كان من قبل، لا أعتقد أن سلوك إلى أين سنذهب في أوروبا خلال عطلة نهاية الأسبوع سيعود بالطريقة العفوية نفسها”.
أما أنا فأشعر بنوم مريح فجرا لم أحصل عليه منذ أكثر من عشر سنوات في بيتي القريب من مطار هيثرو، فمكوث الطائرات في المدارج يعني تحسن جودة نومنا