د. علي الخلاقي يكتب:
مبادرة لتحويل قصر(رِيْد) التاريخي لمتحف عام ليافع
ما يُدهش الزائر ليافع فرادة العمارة وروعة أسلوب البناء وارتفاع البنايات الحجرية الضخمة بما فيها من زخارف ونقوش وطراز معماري خاص لا مثيل له، وهذه الثروة المعمارية هي دون شك محصلة تراكمية لحضارة حِمْيَر العريقة التي ما زالت شواهدها باقية في الكثير من الخرائب التي تعود إلى قرون طويلة، وقد حافظ اليافعيون على تقاليدهم المعمارية حتى اليوم في طراز أبنيتهم الجرية التي شيدت بطرق يدوية، حجر فوق حجر، وبلغت الذروة في روعة البناء . ويصح فيهم وفي عمرانهم المتميز قول الشاعر:
هم الملوك إذا أرادوا ذكرها
من بعدهم فَبألسِن البنيان
إن البناء أذا تعاظم شأنه
أضحى يَدُلُّ على عظيم الشأن
ما دفعني للحديث هنا هي مبادرة قيمة لفتت انتباهي ويجب أن تحظى بالتفاعل الإيجابي من كل من يهمهم الحفاظ على موروثنا الحضاري.. فقد بادرت أسرة (آل بن علي الحاج الحوثري) في يافع إلى ترميم قصر (ريد) الضخم والعتيق الذي,يعود بنائه الى عام 901هجرية الموافق 1496م وتحويله إلى متحف لمكاتب يافع العشرة، فسررت أيما سرور لهذا الخبر السار الذي حملته رسالة الشيخ محسن منصر بن علي الحاج الحوثري، وأنقلها هنا كما جاءت نصاً:”
بسم الله الرحمن الرحيم
نحن آل علي الحاج الحوثرة – الموسطة – يافع بدأنا بترميم البيت التاريخي في قرية ريد/ الحوثرة، تأسس عام ٩٠١ هجرية.
تبلغ مساحة هذا الصرح التاريخي حوالي ٤٠٠ متر مربع، ويتكون من خمسة أدوار.
يعتبر هذا الصرح إرث تاريخي وتحفة معمارية رائعة تمثل تاريخ المعمار اليافعي وحضارته .
لهذا اقترح المهتمون بالتاريخ والتراث اليافعي أن يكون هذا الصرح متحف ليافع عامة وقد أبدى آل بن علي الحاج موافقتهم لذلك. بحيث يعطى كل مكتب من مكاتب يافع جناحاً خاصاً لعرض التراث اليافعي، وبهذا العمل يتم جمع وعرض الموروث التاريخي والحضاري ليافع في متحف واحد.
لهذا ندعوا كل المهتمين بالتاريخ والتراث اليافعي دعم هذا المشروع”.
وبما أنهم قد بدأوا لترميم هذا الحصن الأثري الواقع في منطقة قريبة من سوق 14اكتوبر في الموسطة حيث الكثافة السكانية بمديرية لبعوس فأرجو أن يتم الترميم بطريقة تحافظ على هيئته الخارجية واستكمال ما تهدم منه وإبعاد الطوب الاسمنتي (البردين) من حول القصر، وأن لا يتم تكسية الجدران الخارجية للبيت بالاسمنت بطريقة يختفي معها لون الحجارة، يل يجب الاكتفاء بتكحيل الفراغات بين الحجارة بالمياضير وهي رقائق صغيرة من الحجارة مع طبقة خفيفة من الأسمنت تكحل الفراغات بين الحجارة دون طمس لونها. أما سطح المنزل فيمكن تغطيته بطبقة من الاسمنت لمنع التشقق أو تسرب المياه إلى الداخل.
وإذ نشيد بهذه المبادرة التي تنم عن إدراك أصحابها لأهمية الحفاظ على تراثنا وتاريخنا، بترميم وتخصيص هذا القصر كمتحف ليافع، نتمنى أن تلقى هذه المبادرة الاستجابة من قبل الجميع سلطات محلية وشخصيات اجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والبدء بوضع الخطوات الأولى للملمة تراثنا وتاريخنا في أجنحة هذا القصر/المتحف، وطريق الألف ميل تبدأ بخطوة.
وأعتقد أن وجود المتحف في هذا القصر وبحماية أهلية لن يجعله عرضة للنهب، في حال التغيرات السياسية، كما جرى لمتاحف الجنوب بشكل عام، ومتحف يافع.
وتحية تقدير وتعظيم سلام لآل علي الحاج..على مبادرتهم القيمة التي ستسجل لهم في صفحات التاريخ..