حازم الشهابي يكتب:
عراقيون.. بين الواو النون
لطالما كانت المبادرات السياسية (التحالفات) ومنذ انطلاقها من اول حكومة ما بعد عام 2003 وحتى اليوم, لم ترتقي لمستوى المسؤولية والهدف, فسرعان ما تناثرت وتشضت العديد من التحالفات وتساقطت اطرافها بمجرد اتمام الصفقة وتقسيم المناصب, وخير دليلا على ذلك ما شهدناه مؤخرا في التحالفين الكبيرين (الاصلاح- والبناء) حيث اخذ اطراف الفتح المنضوي في البناء, وسائرون المنضوي في الاصلاح بالتفرد بالاتفاقيات والقرارات والتخلي وتجاهل جميع اطراف تحلفيهما, بعد ما حصد كل منها حزمة من المناصب!!
في العادة وكما هو متعارف لدى الجميع, ان التحالفات السياسية تتشكل قبيل تشكيل الحكومات والتصويت عليها وليس بعدها! ومن المستغرب جدا تشكيل تحالف جديد باسم (عراقيون) بزعامة السيد(عمار الحكيم) بعد مضي حكومة الكاظمي وتمريرها في البرلمان. قد يظن البعض للوهلة الاولى ان المضي بتشكيل هذا التحالف –عراقيون- هو بدافع الحصول على المكاسب السياسية والمغانم الحزبية, التي طالما كانت هي الاطار الذي تبرم لاجله التحالفات, الا ان هذا التحالف بتوقيته قطع الطريق بالمجمل لمثل هذه التخرصات.
الخارطة السياسية في العراق وكما يعلم الجميع تدور في افق ثلاث محارو؛ الاول يتمثل بالمكون الكردي والثاني السني وثالثهما المحور الشيعي, وقد جرت الكثير من التغيرات في نمطية وطبيعة التحالفات في المحاور الثلاث تبعا للمتغيرات السياسية والاحداث الجارية, وبالخصوص التحالفات الشيعية منها, ابتداءا من التحالف الوطني الذي كان من المفترض ان يكون هو الخمية الجامعة لاطراف المكون الشيعي, باعتبار ان النظام البرلماني يتمحور حول مجموعة من التكل السياسية الموحدة في الراي والقرار, والتفرد سيؤدي بطبيعة الحال الى تشضي القرار وضياعه. الا ان ورغم اهمية وجود التحالفات على المستوى الاعم لكنه لم يحضى باتمام عمره الافتراضي اطلاقا!
فسرعان ما تهشمت اضلاعه وتأكلت اطرافة واصبح فتات متناثرة!
والسبب يعود بطبيعة الحال لعدة عوامل اهمها؛ غياب الرؤية الوطنية الموحدة, وثانيهما هي الغاية المرجوة من تشكيل التحالفات, والتي لا تعدو ولا تخرج عن اطار المغنام والمكاسب فقط ليس الا.
قد يشكل بعض المتابعين على ان تحالف (عراقيون) جاء متأخرا عن يساقات العملية السياسية, وان جل غايته هي التهيء ولم الشتات لاجل خوض غمار المعركة الانتخابية القادمة ليس الا, متجاهلين جميع الاخفاقات التي رافقت تشكيل التحالفات واخرها (الاصلاح – البناء) التي سرعان ما تحولت الى ركم بمجرد ابرام الصفقات والحصول على المناصب. في حين ان خطوة الاعلان عن تشكيل التحالف الجديد, جائت بعد انهاء التنافس والتفاوض ونزاع المغانم. مما يشير الى ان هناك اهداف اخرى لتشكيل التحالف بعيدة كل البعد عن الحصول على المنافع الحزبية والمكوناتية, والتي من المرجح ان تكون لاجل اسناد الحكومة الحالية ودعمها للمضي لاجل الخروج من المطب الذي تسبب بانهيار الحكومة السابقة, وهو غياب القاعدة البرلمانية الواضحة والداعمة والساندة والمتبنية للحكومة, مما جعلها –الحكومة السابقة- لقمة سائغة للمنقبين عن المصالح والمنافع الشخصية بمعول "الانا" الذي طالما كان هو المسطرة بالتعامل في ادبيات العملية السياسية, ومن جانب اخر ان غياب الدعم البرلماني وغياب وجود كتلة برلمانية منسجمة بالرؤى والقرارات, ومتزنة بالخطوات والاجراءات سيسهم كثيرا بانهيار العملية السياسية وترهلها, كما حصل في العديد من التجارب السابقة, وعلى وجه الخصوص التجربة الاخيرة حيث لم تستطع القوى السياسية بكافة الوانها من انهاء ملف الشخصية البديلة (لعبد المهدي) لعدة اشهر!
ان غياب الثقة بين الاطراف المتحالف, في التحالف الواحد تسبب بالكثير من المشاكل والويلات وجر البلد الى المزيد من الازمات والنكبات, وقد ان الاون للقوى السياسية ان تدرك حقيقة المتغيرات الواقعية والانسجام مع طبيعتها والتخلي عن كل ما من شأنه ان يكون معرقل لتاسيس نمطية جديدة متولدة من رحم حقيقة الواقع ومتغيراته, والتحرر من اطر الذات والمنافع الفئوية..