حازم الشهابي يكتب:

منهجية الدولة والثورة

ما كان للتاريخ ان يظلم احدا، لو لا انغماس المجتمع في ترهات الضحالة، والتردي البنيوي والانسياق الاعمى نحو تاثير العقل الجمعي, وافرازات متغيرات الواقع ونتائجه، المتحققة من مقدمات فاسدة, خاضعة للامزجة والارادات الشخصية، المتمحورة حول المصالح السياسية والحزبية والاجتماعية ايضا. 
المجتمع الذي لا يحترم تاريخه ولا يقدس حاضره, سيكون سهل الامتطاء والانقياد والتوجيه، دون اي عناء وجهد يذكر.. بالتالي فان غض الطرف وتجاهل دور الزعامات التاريخية، وما قدموه من عطاء لهذه الامة, يمثل انتكاسة مجتمعية لا يمكن المرور عليها مرور الكرام. 
ان الحيف الذي وقع على اسرة (ال الحكيم) كواحدة من الاسر العراقية المجاهدة, ببعدها الديني وارثها الجهادي لا يقل بشأنه، عن ما يحصل اليوم من تقهقر وتراجع على المستوى السياسي وكذلك الاجتماعي ايضا, فمتى ما ابتعد المجتمع عن استخلاص تلك القيم الروحية والانتفاع بخبراتها، في رسم السياسيات ومبادئ العمل والسلوك الاجتماعي, عند ذلك يكون قد وصل الى مراحل متقدمة من النكران و الابتذال, الذي سيجر عليه المزيد من الانتكاسات والازمات المتتالية, فليس من المنطقي قطعا تجاهل دور ومسيرة الزعامات، وما تمخضت عنه تجاربهم الممتدة لعشرات السنين، في ارساء اسس ودعائم النظم المجتمعية والسياسية على حد سواء, وما كان لاحد من دعاة الاصلاح ان يمارس دوره في النهوض بواقع الأمة، وانتشالها من على حافة الهاوية دون استلال المنافعة، من التجارب الماضية للزعامات التاريخية، ومزاوجتها مع معطيات الواقع لا تجاهلها ونكرانها, بما يقتضيه العقل وما يقره الوجدان.
ان المتتبع لارث الشهيد الخالد "محمد باقر الحكيم" بجميع ابعاده السياسية والجهادية والاجتماعية, سيجد ودون ان يبذل اي عناء, انه استطاع احتواء جميع الابعاد، وملئ الفراغات التي خلفتها سياسيات الجور والطغيان في كبد الامة, واهما البعد الاجتماعي والاخلاقي، الذي عمدت السلطة في حينها لسلب ارادته واعادة برمجتها، وفق ما منهجيتها الخاصة لتدعيم اركان سلطتها, حتى اخذت مظاهر التأييد لتلك السلطة في حينها مأخذ التسليم والولاء المطلق! رغم ما كان يعتري الامة في وقتها من اضطهاد وتشرد وحرمان وقتل ودمار ممنهج, حتى وصل الامر في بعض منعطفاته الى استهجان دور المصلحين والاشمئزاز من نهجهم عند بعض فئات المجتمع, مما عقد من امكانية التغيير واعادة البوصلة الى وضعها الطبيعي في التوجيه نحو جادة الصواب. ان المنهاج الذي رسمه الشهيد "محمد باقر الحكيم" والعناء الذي بذله، والتضحيات التي قدمها، لاجل تحقيق الاصلاح السياسي والعطب، في بعض سلوكيات الامة، وفق المنتهج الاسلامي يعد طفرة نوعية في التاريخ العراقي المعاصر, بل وحتى على المستوى العربي ايضا, حيث لم يسبقه احد قط في صناعة الفكر النوعي المضاد بكل اجزائه، والتصدي المباشر للهجمة البعثية العبثية وفكرها الهدام. 
من هنا كان حريا على القائمين على راس الهرم بجميع عناوينهم, السياسية والاجتماعية تبني متبنياته الفكرية واخضاعها للدراسة والتحليل والفهرسة, في خطوات عملية وعلمية مدروسة، بما يتسق ومتغيرات الواقع ومعطياته ومعالمه, لكونه يعد فكر شهيد المحراب منظمة بنيوية، توعوية متكاملة منفردة قل نظيرها في تاريخنا المعاصر..