أحمد سعيد كرامة يكتب:

المجلس الإنتقالي .. وترشيد الخطاب القيادي

الشراكة أو التحالف الإستراتيجي بين دولة الإمارات العربية المتحدة والجنوب يجب أن يكون مبنى على المصالح الأخوية والإستراتيجية المشتركة ، وبالتالي يجب أن نوازن بين الإفراط والتفريط للحفاظ على ديمومة تلك العلاقة والشراكة وعدم تعرضها لأي إهتزاز . 

أمامنا تحديات داخلية وخارجية كبيرة كجنوبيين ومجلس ، وخلق عداوات داخلية وخارجية أو خسارة جزء من الحاضنة بهذا التوقيت يعتبر خطأ كبير وجسيم ، للإمارات مصالحها الإقليمية والدولية ، ومواقفها وتحركاتها تتم بالتنسيق والتعاون التام مع القوى العالمية الكبرى لضمان نجاح تلك التحركات والمواقف ، وبالتالي لن تعول كثيراً على مواقفنا كجنوبيين يبحثون عن ذاتهم بين زحام الأزمات والكوارث والحروب .

 

يجب أن تكون تصريحات وتحركات القيادة منسجمة تماما مع شعبها الذي يعتبر قوتها وسبب حضورها على المستوى الإقليمي والدولي ، نكن لدولة الإمارات العربية المتحدة كل الحب والاحترام والتقدير والعرفان ، وحبنا لها يجب اللا ينطبق عليه المثل السائد  : من الحب ما قتل .

 

أخي القائد أو الزعيم أنت لم تعد تعبر عن رأيك الشخصي بعد الآن على منصات التواصل الاجتماعى أو وسائل الإعلام المختلفة بل أصبحت لسان حال شعبك ، رأيك الشخصي تستطيع أن تعبر عنه بديوان خاص أو على مستوى حلقة ضيقة جدآ من الأصدقاء والمقربين .

 

ما أقدمت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة شأن داخلي خاص بها ، وقد درست جيدآ عواقب ونتائج وتوقعات وإفرازات ذلك القرار على المستوى الداخلي الإماراتي والإقليمي والدولي ، لم تتخذ الإمارات هكذا قرار إلا بعد تطورات الأحداث الأخيرة والخطيرة بالمنطقة .

 

كمتابع جيد أرى أن الخطوة الإماراتية كانت مؤازرة للإدارة الأمريكية قبل الإنتخابات الرئاسية المقبلة للرفع من شعبية الرئيس ترمب ،  لا مصالح مشتركة حيوية أو إقتصادية أو حتى ثقافية بين الإمارات وإسرائيل لا في الماضي ولا بالمستقبل ، وقد تكون وسيط جيد مستقبلاً بين الفلسطينيين والإسرائيليين كمصر اليوم ، فكما نلاحظ مضت عقود طويلة من التطبيع الكامل بين إسرائيل ومصر والأردن والمغرب وموريتانيا وتونس وعمان وغيرها من الدول العربية والإسلامية لم يكن تطبيع طبيعي بل شكلي فقط . 

 

من خلال هذه الخطوة وجهت الإمارات رسالة للوبي اليهودي المسيطر على سدة الحكم والقرار بالمؤسسات التشريعية والتنفيذية بالولايات المتحدة الأمريكية أننا أصبحنا حلفاء . 

 

التوقيت الإماراتي كان مدروس بعناية فائقة ، ولهذا ستجني الإمارات ثماره بسرعة على المستوى العالمي ، أما على المستوى العربي الايام كفيلة بتجاوز ردة فعل الجماهير العربية ،  عانت الإمارات كثيرا من تداعيات الحرب اليمنية والمؤامرات القطرية والتركية الإيرانية بالخصوص ، وترى أنه آن الأوان لتشكيل تحالف دولي قوي لمواجهة تلك المؤامرات والتحديات .

 

إذا أردنا الخوض بخطوة الإمارات التطبيعية علينا البحث بحيادية تامة عن أسبابها الموضوعية التي أجبرتها على إختيار هذا القرار الصعب ، فعلا كانت إسرائيل عدونا الأول ، وكلي أسف أن أقول كانت وهي من الماضي ، لأن الحاضر يقول أن سبب حروبنا وأزماتنا وتشريدنا ومعاناتنا اليوم ليس إسرائيل بل إيران وتركيا وقطر ووكلائهم بالمنطقة . 

 

لن تكن أول أو أخر دولة عربية تعلن التطبيع الرسمي العلني مع إسرائيل ، وكنت أتمنى أن تصدر رئاسة الجمهورية اليمنية المسيطر عليها من قبل حزب الإصلاح بيان يندد بالموقف الإماراتي بدلا من العزف على وتر القدس الشريف ونصرة الشعب الفلسطيني ، أو أن تصدر أي دولة عربية معترضة بيان تستنكر فيه الخطوة الإماراتية ، السكوت علامة الرضا إخواني الأعزاء الكرام ، وغالبية الدول طبعت أو ستطبع ومنتظره التوقيت المناسب للإعلان .

وعلى الشعب الفلسطيني اليوم أن يوحد جبهته الداخلية أولا ، ويختار بين الثورة المسلحة أو الانتفاضة الشعبية لتحرير أرضه ، وبهذا لن يترك لنا خيار أخر غير دعمه ومؤازرته ، أما الدول العربية فأنها تمر اليوم بمنعطف وجودي خطير يهدد أمنها وإستقرارها وكيانها بسبب التآمر الإيراني التركي الإخواني .