فيصل الصوفي يكتب:
رشد إماراتي
إخوان قطر في اليمن وخارجها، شغلوا أنفسهم ومتابعيهم هذه الأيام بالاتفاق الإماراتي – الإسرائيلي.. شغل من باب مكايدة الخصم السياسي، وإلا فدولة قطر هي السباقة، وأول رئيس عربي بعد السادات يزور فلسطين تحت إدارة إسرائيل، هو حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر، الذي ذهب إلى غزة في أكتوبر عام 2012 ومعه زوجه الحبوبة موزة.
نقول إن مشكلة العرب مع إسرائيل ليست مشكلة إسلام ويهودية، ولا عربية وعبرية.. مع العلم أن إسرائيل دولة علمانية من البداية.. المشكلة أن هناك أرضاً فلسطينية استولت عليها إسرائيل بالقوة عام 1967.. فإن أعادتها وأوقفت الاستيطان في الضفة الغربية تكون المشكلة قد انتهت.. ولا شيء يبرر عدم تطبيع العلاقات بين دولة إسرائيل وكل دول العرب.
مصر وإسرائيل تفاوضتا في كامب ديفيد، وتوصلتا في العام 1979 إلى اتفاق سلام، واستعادت مصر الجزء المحتل من سينا وآخرها طابا تقريباً، وتم تطبيع العلاقات بين الدولتين.
الأردن استردت حقوقها بموجب اتفاق وادي عربة المبرم بين الدولتين، الأردنية والإسرائيلية، في شهر أكتوبر عام 1994، وطبعتا علاقتهما..
والاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأميريكة قبل أيام بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل، وأيدته أهم الدول الغربية ودول عربية يلزم إسرائيل بوقف الاستيطان في الضفة الغربية.. كانت إسرائيل قد قررت ذلك من قبل وأيدتها عليه أميركا، ولم تقدر على منع ذلك دولة عربية، سوى دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم.
عندما أعلن بن جورويون في ليلة 15 مايو عام 1948 قيام دولة إسرائيل قرر العرب اقتلاعها مبكراً، فأرسلوا 15 ألف مقاتل ضعيفي التدريب والتسليح، حفاة عراة، لينكبوا أمام 60 ألف من نساء ورجال عصابتي شتيرن والهاجانا، ثم رفضوا قرار مجلس الأمن الدولي بتقسيم فلسطين إلى دولتين مع بقاء الأرض المقدسة تحت حكم أممي، واستعدوا لمعركة حزيران 1967، وخلال أربعة أيام انتكست جيوش العرب مفسحة المجال لجيش جولدا مائير تسطو على الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان وسينا وغور الأردن.. وقد قالوا إن إسرائيل تريد بلاد العرب من الفرات إلى النيل، وصدقوا قولتهم، ودليلهم على ذلك أن علمها القومي فيه خطين أزرقين!
قبل خمسين سنة كان للعرب أكثر من دولة عربية تسمى دولة بالمعنى الحقيقي لكلمة الدولة.. ومن يوم جعلت القضية الفلسطينية قضيتها المركزية، سخرت كل شيء للقضية: المال والجهد والإعلام والإنفاق على التسليح وبناء الجيوش.. رفعت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة، فجرَّمت الديمقراطية، وقيدت الحريات، وقمعت المعارضة، وخفضت الإنفاق على مشاريع التنمية.. و... و... و.. وبدلاً من استعادة دولة ضاعت علينا 21 دولة.. 21 دولة عربية من أجل استعادة دولة واحدة لم يقدر العرب على استعادتها.. ولما يفوق الحُكام العرب يرشدون ويهتمون بشعوبهم ومصالح دولهم، يهاجمهم عبيد موزة الحبوبة.
الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة، هناك في القرب الإسرائيلي أفضل حالاً من أي بقعة في بلاد العرب، على مستوى الحريات، والديمقراطية، وعلى مستوى دخل الفرد، والتنمية.. من ضمن الذين يشغبون على الاتفاق الإماراتي- الإسرائيلي نواب يمنيون يتلقى الواحد منهم كل شهر ما يساوي 900 دولار، بينما يتلقى نظيره الفلسطيني من الشيكل الإسرائيلي ما يوازي 6000 دولار.
إن القادة الفلسطينيين مستريحون للعيش الرغيد في ظروف اللا سلام، ولا يريدون حلاً، يحرمهم من الرخاء الإسرائيلي، ومن الأموال التي تتدفق إليهم من حكومات العرب، ومن الجمعيات العربية والإسلامية والدولية.. خرجت إسرائيل من قطاع غزة عام 2005 فأعادتها إليه حركة حماس، وبالتوكيد ليس بتطرفها وغبائها فقط.