مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
لبنان بغير كفَّتي ميزان
لنْ يتغيَّر ما طَالَ وأصحابه ما فطنوا أن الحَجَرَ والبَشَرَ مَلاَّ مِن طلعاتهم (غير البهية) أكانوا من الحكومات السابقة أو رئيساً ظَلَّ واحداً مُلْحِقاً بذلك الغَرابَة لنفس البرلمان . الذين بسبب إهمالهم البالغ الذروة انطلاقاً من 2014 لغاية 4 غشت 2020 وما بعده إن تمسَّكوا (كالعادة) بالجلوس على نفس الكراسي ولَن يرغمهم انفجار بيروت الرهيب على الرحيل المتبوع بما يطالهم من إنْصَافِ عَدالَةٍ يقيمها الشعب اللبناني بجدية هذه المرة وقد صَبَرَ عمَّا صبر حتَّى اشتكاه الصَّبر للصبر فأقرَّ لصالحه بأخذ القَصَاص على قياس ما لبنان في أعَزِّ ما مَلَكَ الضَّرَر لَمَس .
فسيفساء من ديانات ومِلَلٍ وطوائف وأحزاب توحِّدهم الهَوِيَة اللبنانية ذي الطعم العَصِيِّ على غير اللبناني تذوقه ، الوضعية سبَّبت في اندلاع اصطدامات مسلحة غالباً ما تنتهي بالتصالح أو التوافق المبدئي على أخذ كل طرف ما يناسب مصالحه من منافع وعلى رأسها جزء في الحكم الموزعة مقاليده حِصَصاً على الجميع ، لكن هذه الآونة الوجع أكبر من تركِ أي زاوية من رقعة الفسيفساء تنزوي لحالها حتى تتدبَّر الأمر الكفيل بارجاع ما ضاع منها ، هذه المرة الغضب شمل اللبنانيين بصرف النظر عن الديانات التي يعتنقونها أو الطوائف المنتسبين إليها أو الأحزاب المنضوين تحت راياتها ، هذه المرة لا حل للنكبة الكبرى التي أرغمت الدولة اللبنانية على الاعتراف الصامت أنها أضعف من الضعف الضعيف بأضعاف مضاعفة مهما كان المجال ، ما يُرتِّب لوقفة حازمة يُظهر بها الشعب اللبناني الموحَّد أنه قادر على إخراج وطنهم من بطون المتخصصين في نهب خيراته تارة وبيع قدراته أخرى والضرب عرض الحائط بمصالح المواطنين مهما كانوا شيوخاً أو شباباً رجالاَ أو نساءً ، واللعب بطموحاتهم المشروعة وتضييق الخناق عليهم لدرجة تحوَّلت لبنان لكرة تتقاذفها أرجل المبالغين في امتصاص رحيقها الثمين في السر والعَلَن.
... واهِمٌ مَنْ بَصَمَ على اختيار السَّهْل بإرضاء طلائع المَسِيرِ السِّياسِي كما جرى في السابق ، ذاك المسيطر في الجنوب بحماية سلاح مكدَّس جله في مغارات محفورة على عمق عجزت الأقمار الاصطناعية على ملاحقته عكس الحاضر المطور أصحابها الروس والأمريكان تقنية الرصد المطلوب والدقة في تشخيص الهدف بما يرافق من معلومات الكم والحجم ، وما التحقيق المحسوب على الجيش اللبناني القيام به سوى مظهر فلكلوري ينأى عن الواجب القيام به بواسطة خبراء من ذوي الاختصاص المتوفرين على حماية دول عظمى كالمملكة المتحدة مثلا ، ولم يكن الجنرال عون رئيس الجمهورية بعيداً عن رغبة الاستعانة بصور ملتقَطة من لدن أقمار مهتمة بمثل الوقائع على كل شبر تحدث فيه بطول وعرض الكرة الأرضية والتي لا يمكن أن يفوتها انفجار في حجم تجاوز تدميره مرفأ بيروت مع تسجيل السبب والمُسَبِّب، لاحساسه بأمر وصول لحظة يُبرئ به ذمته ، لكن الظاهر أن مقترحه لم ينل موافقة الخائف من اجراء أي تحقيق خارج المتوفر محلياً ، لأسبابٍ الأيام كفيلة بتوضيحها جملةً وتفصيلاً .
... المقاومة تفقد شرعيتها إن انسلخت عن المؤسسات الدستورية للبلاد مكونة دولة داخل دولة ، لها جيشها الخاص المسلح بما يزيد عن الحاجة ، متوفرة على زعيم مطيع لأوامر دولة أخرى غير لبنان ، فأي مقاومة هذه إن لم تكن خطراً فادحاً يهدِّد أمن وسلامة لبنان ، ويعجل بتصفيتها اسماً وكياناً لتصبح إقليماً من أقاليم ايران ؟؟؟، وأي مقاومة إن نسيت أهدافها المعلنة بمحاربة اسرائيل لغاية تحرير ما احتلته الأخيرة من أجزاء التراب الوطني ، واتجهت لتقاوم السوريين المطالبين تخليص وطنهم من نظام بشار الأسد ، ولتقاوم العراقيين الأحرار الراغبين في إبعاد عراقهم المجيد عن قبضة الإيرانيين ، ولتقاوم اليمنيين البواسل وهم يحاربون بما يملكون من وسائل ضعيفة لاسترجاع كرامة بلدهم ؟؟؟ .
... رئيس فرنسا لن يقدر على بسط ما يحضر من أجل تنفيذه على أرض الواقع أثناء زيارته المرتقبة المسبوقة كانت بالصفقة التي عقدتها وزيرة الجيوش الفرنسية مع الجيش اللبناني بالسماح لأزيد من 700 جندي فرنسي دخول الأراضي اللبنانية مقابل منح فرنسا الجيش اللبناني حق تصريف المساعدات الإنسانية على مستحقيها من متضرري الانفجار ، مع ما يمثل ذلك من موقف يتنافى والكرامة اللبنانية .
المقترحات المقدمة من طرف الرئيس الفرنسي المبطنة بالتدخل المباشر في اختصاصات الشعب اللبناني لن تقابل بما عوَّل عليه من ضوء أخضر ليتحرك في الموضوع كما شاء ، القضية أكبر من ذلك بكثير تتعلق أولاً بتطهير الجنوب من مقصلة حزب طهران المركبة لتهديد اختيار أغلبية الشعب بحل مثل الحزب حلاً لا هوادة فيه .