د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):

عندما تموت الكلمة الشريفة على عتبات الطغاة !!!

في ظل هذه الحرب العبثية التي تكاد تقارب السبع السنوات العجاف التي  تعصف باليمن والشبيهة  بمصر القديمة  عندما  ألهت فرعون و ضللت المصريين القدماء حتى نزل عليهم غضب الله وأغرق فرعون وجنوده في اليم  كعقاب سماوي عن إنكار وجوده وهو  الواحد الأحد الفرد الصمد وتنكيله ببني إسرائيل .

وفي هذه المقاربة أكاد أجزم أن ما يجري من قمع وتنكيل في اليمن شمالا وجنوبا هو أن الفارق الوحيد بين الفرعون المصري أنه أدعى الإلوهية على شعبه في مصر القديمة ، في حين أن ما جرى في  مصر ويجري اليوم في اليمن  هو:  أن  الأول كرس طغيان الإنسان وادعى الألوهية!!

أما في اليمن فهناك فئتان تتصارعان  ظاهريا هما :

-     الحوثيون الذين يعتبرون أنفسهم  ظل الله في الأرض والورثة والسلالة المختارة دون سائر الخلق في حكم اليمن وما عليها .

-     الفئة الثانية هي الشرعية التي تستند على الدستور والقانون المختطف بقوة السلاح وفي ظل غياب الوعي والتعصب القبلي والمناطقي المستند للقوة الغاشمة وكغطاء للنهب والسلب  .

وبين هذه وتلك توجد  عشرات المنظمات التي  تناسلت منها العديد من  المليشيات وكل منها يدعي أنه صاحب الحق في حكم البلاد والعباد ونهب الأراضي والممتلكات العامة والخاصة وأصبحت ثروات البلاد نهبا للمتنفذين  وأتباعهم بل لقد وصلت بجاحة " صادق الأحمر" المحتجز كرهينة بيد الحوثيين في صنعاء  القول أن يطالب  بإيجار مطار سيئون في حضرموت ؟؟ّ!!

هكذا بكل صفاقة ووقاحة !!

ليس هذا فحسب بل إن شقيقه الأصغر ينهب احد المنافذ ؟؟ !!

ولا غرابة في ذلك أن نشاهد هذا التغول و نسمع مثل هذا الهذيان   في غياب فاضح لسلطة الدولة المسماة بالشرعية  التي هي في احتضار وموت سريري قد يمتد إلى مالا نهاية  !!

وفي ظل هذه الفوضى ماتت الكلمة الشريفة على عتبات الطغاة  ولا توجد  مساحة كافية لحرية التعبير وأن بإمكان الكاتب الإفصاح عن رأيه  وليس له الحق في توجيه النقد لما يسمى بالرموز فهو غير منصف ومجاف للحقيقة ،فهناك رموز وعناوين  حمراء لا يمكن المساس بقدسيتها مهما ارتكبت من فظائع فساد  وتجاوزات .

أما من يستل قلمه ويكتب عنها فليبدأ بكتابة وصيته أولا ..في ظل  انتشار ظاهرة "الوعيد" للنشطاء والصحفيين ومنعهم من التغطية في بعض الأماكن ،ما يعني "مصادرة" حقهم في الحصول على المعلومة والوصول إلى الحقيقة ،وباتت سياسة إذلال الصحافة وقتل  أصحاب الأقلام الحرة وتخشى وميض عدساتهم مثل " نبيل القعيطي" الشهيد الحي  وعشرات من أصحاب الرأي هم  السمة الغالبة لدى بعض الأمزجة السياسية التي تخشى الأقلام الحرة  المستقلة.

في حين لا توجد حماية لأصحاب الرأي والكلمة من هيمنة بعض الأحزاب والمليشيات الظلامية  المتنمرة التي لم تفهم  معنى الحرية ،وأن الإنسان خلق حرا كريما...والسؤال هو:

أليس من الصواب بدلا من التضييق والمنع الذي تلوح به هذه القوى السياسية السماح ل"صناع الوعي" بالمساهمة في نشر الحريات و تعزيز القيم الديمقراطية ؟ بدلا من تسليط بعض الأقلام المأجورة عليهم أومن خلال بعض الأصوات النكرة التي تطل علينا  عبر الشاشات كل مساء َ!!

 أعتقد أن من المنطق بمكان أن تعود إلى الوراء بتفكيرها وتتذكر مرارة القمع المفرط الذي يستخدمه الحوثيون وغيرهم من المنظمات الإرهابية  مع رجال الفكر والصحافة  سيما المثقفين والنخبة  تحت يافطات و ذرائع واهية لا تصمد أمام شعاع الحقيقة...وأخيرا وليس آخرا نقول : .

في وطن ولود مثل اليمن  لن تجف أحبار الحقيقة ،ولن تتوقف العقول عن التفكير وتنحني الأقلام وتتمزق القراطيس ما دام لنا قلب ينبض ،لذا أسعوا سعيكم فلن تميتوا وعينا ، ولن تغيبوا فكرنا الصاعد!!

والسؤال هو : لماذا يتهم بالعته والزندقة من يحاول الخروج من النسق التنويري البارد صوب إيقاظ مجتمع غيبوا وعيه وسرقوا أحلامه ؟؟ !! ،ولمصلحة من بقاء اليمن  يغرق  في الدماء ويحاولون  بقاءه  في مستنقع الحروب  ؟.!!!

 

د. علوي عمر بن فريد