شهاب الحامد يكتب:
ارهاصات السقوط من الداخل
قال ايش معنى: "تلوّح بإغلاق عدن والسيطرة على الإيرادات بعد 72 ساعة"؟
قلت: معناه ان الجوع زاد والليل طال.
قال : انته مع قرار التصعيد؟
قلت: نعم ، لكن القرار كبير والمطالب صغيرة.
وبينما هو مستمر في تساؤلاته التي لاتخلو من المقارنات العبيطة مع (دولة الحوثي) في الشمال وبأنها مثالا للإقتداء ، كانت فكرة المقال تتخلق في مخيلتي ، وكيف لمثله ان يرى الدجال في صورة نبي !
التلويح بالتصعيد لانتزاع الحقوق الوطنية او لمنفعة عامة او لتصحيح إعوجاج ما قد يضر بالوطن والمواطن حاضرا ومستقبلا امر مطلوب ومحمود، اما ان يكون التصعيد بإغلاق عدن والسيطرة على الموارد الى ان يصدر بيان من جهة ما بصرف راتب شهر او شهرين لفصيل عسكري او امني ثم يأتي فصيل آخر بعد ذلك ويكرر الدعوة بالتصعيد كانما نتسوّل الفتات فهذا أمر معيب ومهين.
نعم للسيطرة على الموارد في المناطق الجنوبية المحررة لتأمين الرواتب والخدمات الأساسية بشكل دائم ومستمر ولو في حدها الأدني، لا ان تحفظ الموارد كوديعة في حساب خاص لايام او اشهر ، ثم تقدم للفاسدين كمكرمة لهم ليعبثوا بنا كما يحلو لهم من جديد وهكذا نبدأ أزمة جديدة بدلا من صفحة جديدة تنهي الصراع العبثي وتفتح آفاقا لمستقبل يحفظ لنا ولهم القليل من الحقوق والقليل من الكرامة.
ماذا لو ان الدعوة للتصعيد كانت مثلا:
-لمنع تدهور العملة المحلية امام الدولار ، وبالتالي سعر المواد الغذائية.
-لاعادة الاعتبار للعملة الجديدة امام العملة القديمة ومنع استخفاف الحوثي بها وبارزاقنا ومعيشتنا ، حيث اصبح الألف ريال (جديد) يساوي 500 ريال في مناطق سيطرة الحوثي.
-لرفض الاتاوات الجائرة على الحوالات الداخلية المحددة بـ %30 او على تعرفة الاتصالات وخدمة الانترنت بـ % 33.
-لوقف الحرب في ابين وسحب القوات الى مأرب وفقا لاتفاف الرياض.
لاشيء اسوأ من قبح الحوثي وتماديه الا صمت الحكومة وعجزها عن ايجاد بدائل عملية فاعلة او معالجات إجرائية نافذة ، تكبح جماحه وتوقف تطاوله وتمنعه من إدارة الموارد ، بل ومن فرض سياسة اقتصادية ومالية تخدم مصالحه واهدافه ، وازاء حالة الشلل الحكومي تحوم ثورة من الشك والتساؤلات حول علاقة الشرعية بالحوثي ومن فيهم الدولة ومن المليشيا ، ومن يخدم الثاني اكثر ؟.
متفقان كما يبدو على تمكين الحوثي من اسباب الصمود والنصر في الشمال، وعلى محاصرة وإضعاف وهزيمة الإنتقالي في الجنوب اما بالحرب والسقوط من الخارج بالقوة ان امكن ذلك، او بنفاذ صبر الشعب جراء سياسة التجويع والتركيع المتصاعدة وبالتالي السقوط من الداخل.
ولهذا تصمت الشرعية عن قبح الحوثي وتماديه في افقارنا وتجويعنا ، وتصر على استمرار المعارك في شقرة رغم عجزها وفشلها ورغم الهدنة ولجان المراقبة ورغم إنعاش إتفاق الرياض، تماما كما يصر الحوثي على إستمرار المعارك في الضالع رغم انكسارهم وهزائمهم المتلاحقة.
-هل تعجز الشرعية عن الغاء التعامل بالعملة النقدية القديمة التي يسلطها الحوثي سوطا على كواهلنا المتعبة؟.
-هل تعجز الشرعية عن الغاء الإتفاق مع من خولتهم باستبدال رواتب قوات الدعم والاسناد وغيرهم من الريال السعودي الى الريال اليمني، وتوفر بذلك عملة صعبة تساعد بقدر ما في إستقرار قيمة الريال في الجنوب ، وتمنعها بالتالي عن الحوثي؟.
-هل تعجز الشرعية عن حجز حصة المناطق المحررة من المواد التموينية في الميناء ومنع نقلها إلى الشمال.
-هل تعجز الشرعية عن تكليف مستوردين جنوبيين للمواد الغذائية والدوائية وغيرها، خدمة للمستهلك في الجنوب ولتحرم الحوثي من فوارق التحويلات المليارية يوميا.
-هل تعجز الشرعية عن انشاء شركة إتصالات خاصة او عامة او مختلط في الجنوب، لتمنع عن الحوثي عائدات ثلاثة مليون مشترك على الأقل.
تستطيع الشرعية ان تجعل الحوثي متسولا في الشمال ان ارادت ذلك ، لكنها لم تفعل لانها لا ترى في سقوطه نصرا للشرعية كما نعتقد بل تراها هزيمة للشمال ، ولهذا تتفق معه وتدعمه لكي ينتصرا معا على الجنوب وبادوات جنوبية للاسف.
الكرة الآن في ملعب الانتقالي، وبقدر الثبات والصمود والانتصارات في جبهات المواجهة ، تنتظره تحديات في الداخل بذات القدر من السوء والقبح فإن عجزت الشرعية او تواطأت مع الحوثي لكسرنا، فكلنا ثقة من قدرة الانتقالي وخلفه شعب الجنوب من تأمين الجبهة الجنوبية الداخلية وتوجيه كل الطاقات والامكانات لمنع الحوثي من التطاول ومنع الشرعية من التواطؤ .
شهاب الحامد