د. علوي عمر بن فريد يكتب لـ(اليوم الثامن):
إلى متى سنظل نبحث عن هويتنا الضائعة ؟!! 2-3
كنت أتمنى أن ابدأ سلسلة مقالاتي بربط تاريخي عن الهوية الجنوبية كيف بدأت ؟وكيف تشكلت ؟من واقع التاريخ الضارب في جذور الأرض والإنسان الذي نشأ في جنوب الجزيرة العربية ولاشك أن لدى الكثير ممن قرؤوا التاريخ من القراء الكرام سواء منهم من كان على مقاعد الدراسة أو ممن له اهتمامات بالثقافة والمطالعات والإبحار في بطون كتب التاريخ من لا زال يتذكر ولو بعض السطور من ذلك التاريخ و يحتفظ به في خلايا ذاكرته ...رغم أن الزيف والتدليس قد طاله و طال معه الهوية الجنوبية في إطار الحملات المتعاقبة منذ الخمسينيات من القرن الماضي!! .
ولكن دعونا نحصر مقالنا اليوم في البحث عن الهوية الجنوبية الضائعة...من خلال ما يجري اليوم على الساحة السياسية في اليمن من أحداث متلاحقة تشكل امتدادا تاريخيا لما جاء قبلها ..ولاشك انه يجري بتوافق إقليمي ودولي ..في إطار المصالح الإستراتيجية لتلك الدول ولو كان الثمن باهظا ومن دماء شعب الجنوب الذي مضت عليه سنوات وهو يتظاهر في الساحات ويقوم بالإعتصامات يطالب باستعادة حريته وكرامته ..وأنا أعلم مسبقا أن الاتهامات ستطالني على ما أقول فهي جاهزة للإشهار كسيوف مسلطة على أصحاب الرأي أو من يحاول مجرد الخروج على النص الذي سمحوا به والخروج عنه جريمة لا تغتفر..!!
وسينعتون من خرج عليه بشتى التهم فهؤلاء تهمهم مصالحهم بالدرجة الأولى ..
ولا زلنا نتذكر أن الإنجليز هم من بدأ تلك المخططات الجهنمية ولا زالوا وبرلمانهم يشهد باللوحة المكتوبة على مدخلة التي تقول (من هنا تخرج سياسة العالم ) وهم عندما يرسمون سياساتهم وخططهم ليس لعقد من السنين بل لقرن كامل ..
وقد قالها الضابط البريطاني "الميجر فرنسيس" علانية وهو يمهد لإسقاط امارات شبوة آنذاك من خلال تواجده في عتق وتوزيعه المال والسلاح لمساعدة الجبهة القومية في إسقاط تلك الإمارات قال ذلك عندما قابله الشيخ فريد بن محسن نائب أمير العوالق والرجل القوي في تلك الفترة قال له:
(بريطانيا ليس لها أصدقاء دائمون بل مصالح دائمة )!!
وقال مسؤول بريطاني آخر عبارة مشابهة لها في ذروة القتال في منطقة حطيب في أوائل الخمسينيات من القرن الماضي والمحاولات البريطانية لإخضاعها للنفوذ البريطاني ومعارضة سلطان العوالق العليا عوض بن صالح على ذلك حيث كانت قبائل آل شمس- الربيز- تتصدى للقوافل العسكرية البريطانية آنذاك وفي إطار المساعي الإنجليزية معهم كتبت لهم إدارة المعتمد البريطاني رسالة طويلة جاء في آخرها ما يلي :
(إن الزيود يعطونكم اليوم ملأ بطونكم وغدا سيعطونكم الموت والهلاك إنكم أضعتم بلادكم ولا يمكنكم أن تعودوا إليها وستكونون مرغمين على العيش خارجها)
وهذا ما حدث مع الحزب الاشتراكي(اليمني) عندما ذهب بشعب الجنوب في وحدة اندماجية عام 1990م ودفع خلال الفترة الانتقالية ثمنآ باهظا لذلك عندما تم اغتيال أكثر من 150 من قياداته وكوادره ثم ما لحق ذلك من تدمير دولة الجنوب وكامل مؤسساتها وابتلاع كامل ارض الجنوب بخيانات وتواطؤ بعض أبنائه مقابل مناصب صورية هزيلة وحفنة دولارات ..
وهذا هو حالنا اليوم ولا زال العرض والطلب على بيع ماتبقى من ارض الجنوب ساري المفعول بصكوك مغلفة بشرعية زائفة من أبناء الجنوب أنفسهم !!..
وبالعودة إلى سياسة الإنجليز قد يقول البعض منا ..كيف يقول الإنجليز هذا الكلام وينفذون ما يناقضه ؟..وأقول لهم : نعم لقد تغيرت سياستهم بعد حرب السويس عام 1956م بعد المد الروسي – الأمريكي والناصري وأرادوا الانسحاب من كافة قواعدهم شرق السويس.
وهنا الفرق عندما كانت الإمارات المتصالحة (الإمارات العربية )اليوم عندما كانت مستعمرة والكويت كذلك خرج الإنجليز منها بطريقة مختلفة عن الجنوب رغم وجود أكبر قاعدة عسكرية في عدن تدير قيادة عمليات الشرق الأوسط ومع ذلك قررت الخروج منها ، أتدرون لماذا؟؟
حتى تعتبر دول و شعوب الخليج مما سيجري في الجنوب من أحداث امتدادا لتصدير الثورات إبان المد الناصري ..والكل في الخليج يعرف التقدم الحضاري الذي وصلته عدن قبل الكويت ودبي وابوظبي وقطر والبحرين بمراحل طويلة .
كل تلك الخطط البريطانية المشئومة كانت مقررة سلفا لشعب الجنوب ومستقبله ليتدمر على أيدي أبنائه ولا زلنا نتجرع مرارته حتى اليوم !!..
فتأملوا حولكم من يسمون أنفسهم بالقيادات التاريخية وهم يبيعون قضية شعب الجنوب ويزايدون عليه في سوق النخاسة الدولية مقابل مناصب زائفة أو حفنة من المال ولا داعي للإفصاح أكثر من ذلك ّ!!
فهم سيطلون عليكم عبر الفضائيات في القريب العاجل وهم يتقمصون لباس الوطنية ومسوح الرهبان والمخلصين لكم من أدران الذنوب والمظالم التي لحقت بكم ، والسؤال هو : ما هو الحل ؟
الجواب في الحلقة الثالثة
د. علوي عمر بن فريد