مصطفى منيغ يكتب لـ(اليوم الثامن):
سرُّ كَنَدَا كما بَدَا
للإنسانيةِ شَطُّ حياةٍ رمله مُصَفّى نُعومَة مُغَطََّّى ثلجاً بياضه أبيض من البياض . ماؤه سَيْل نقيّ عن يَمٍّ قَعره أخضَر رِِياض . سطحه عَلْيَاء بسحابٍ ملَبَّذ خيراً تنثره أحياناًً في شهر صيفٍ على أطيب وأحنّ أرض ، تَجَمَّعَت فوق خصوبتها ما تتحرَّك أرواحاً مِن أدَقِّ خليَةِ إلى الأضخم طولاً بما يناسب من عرض ، حاضنة كأمّ لها في ألأولاد أمر الانجاب واجباً مُقدساً لا مكان فيه للصُدفة أو الحظ ، إذ الكلّ على حِكْمَةِ التنسيق طبيعة رافقت الحيِّز ليتجلَّى حُلُم مَن تجاوز القناعة بمقامٍ لآخَر كُلّ ما فيه غير قابلٍ للإنقراض ، مُرَتَّب حسب تذوُّق المَعْنِي للجمال الميّالة حواسه الخمس للخروج من الدنيا وقد عاش ولو جزءاً من عمره ممدوداً بَدلَ الحصير على الإِرَاض .
في كندا المتحدة بأقاليمها الثلاث ، امتزَجَ الأصلي بالحديث في تطوُّرٍ فكريٍّ جعلَ مِن بني آدم الأساس في بناء الدولة ، اعتماداً على ثرواتها غير المحدودة ، فوق الثرى زراعة متنوعة كانت أو تحته معادن من جل الأصناف والخصائص ، فتمَّ انبعاث أمة قوامها الوحدة ، المحصَّنة بقانون ، السائرة مع التكاثر المنسجم مع البيئة الخاصة بهذا الجزء المحظوظ من دنيا الحياة بما تشمل من طبيعة وبشر وحيوان وما لا يُدْرَكُ إلاَّ في جزءٍ جدّ بسيط منه وبالعِلم المتقدِّم ، رغم محدوديته فيما يخص مثل الإجتهادات المباحة بالطبع ، فبدت الرحلة في الرباوي الكندية المقسَّمة إدارياً على مقاطعات عَشر مكملة بعضها البعض، لتكون برمتها وعاء استقرار حياة متجددة لتوفير المزيد من افرازات المحاسن المؤكدة مِن تلقاء نفسها ، رحلة أماط خلالها عقل باحث عن بعض أسرارِ بداية تكوين المواقع العشر المذكورة لتصبح على هذا المستوى المتحرك دوما ، المتغيِّر سطحه كآية تتولَّد عنها آيات ساكنة الواصٍِل لتفهُّم لغة خطابِ مَهْدِ الأعحابِ ، في التأثير على الأعصاب ، باسترخاء يقدِّم للشعور بالسعادة مع التأكيد على معرفة السبب ، الذي عمَّا سبق بالبصيرة أقترب للجَوْهَرِ و نَاب ، فاتضح له أن كندا ليست أرضاً ومياهاً وزرْعاً وسُكاناً وحسب ، بل شيئا سامياً آخر ، يكتشف محاسنه الملتحم بها عن طواعية ملفوفة بحب مستقر على واقع اختيار موضوعي مشيَّد على مقاييس بأرقام صحيحة دون رُضَاض ، لها علاقة وتيقة بقناعة حياة يُحَبِّذُ بكل الوسائل المتاحة والمشروعة أن يقضي بقية عمره في كنفها كما يريد وهو مسؤول عن حرية ما يريد بغير وجود عائق معارض .
كندا بساط أرضي ممتد بين المحيط الأطلسي شرقاً والمحيط الهادي غرباً ليتداخل صعوداً مع المحيط المتجمد الشمالي مُعرِّجاً على الشمال الغربي ومنحدرا صوب الجنوب حيث رسم حدوده مع الولايات المتحدة الأمريكية مغطياً بذلك مساحة 9.984.670 كيلومتر مربع ، موزعة على عشرة مقاطعات منها :
"أَلْبِرْتَا"(ALBERTA) خزان جمال مملوء عن آخره ببهاء يكفي عيون البشر ، لتغرف منه ما تستطيع من متعة النظر ، الراسخة في كُنْهِها مطبوعة بالأخضر ، مهما ابتعدت خيال اصحابها لذات المكان باستمرار حضر ، لايهم المِحْرار الغارق زئبقه في العشرين درجة تحت الصفر ، متى شاء الطقس حجب المشاة من ضفاف سواقي المشبَّهَة بظفائر عذارى حِسان يراقصهن ريح مبلَّل بطلائع جزيِّئات ثلج طري البرودة المتسلِّل لعوارضهن للتعبير باصطكاكها عن الاحساس المفاجئ الراغب في الركوض نحو الدِّفء داخل دور جعلها التشريع المُنصف الحازم ، مجهزة بالملائم ، دليل وجود تقدم ، جَادَ به عامل احترام حاجيات الانسان ، مهما المجال كان ، وهنا يكمن الفرق بين استمرارية تطوًّر الحضارة بتَحْيِينِ حتَّى الوسائل المبتكرة لمواجهة ، بالرِّبح المكتسب عن جدارة ، مصاريف مضبوطة مُسبقاً ، ظروف أي ظرف ، بما يستحق من عناية مُلزمة ، ووقاية مؤهلة بما يجب ، وبين احتضان ذات الخسارة ، بنفس الاعتمادات المسخرة ، في ميزانيات بلاد ألْسِنَة بعض مشرِّعيها مجتمعة لترديد شعارات أبعادها مجرَّد سنارة ، مُعِدَّة لاصطياد مَن يصوت لصالح انتخابهم للمَرَّة المُرَّةِ التالية لتكرير نفس الوضعية المَسْخرة.
"أَلْبِرْتَا"(ALBERTA) المعروفة انطلاقاً من سنة 1881 ميلادية بالأراضي الشمالية الغربية ، بمساحة 661.188 كيلومتر مربع لتنتقل إلى ألبرتا انتساباً للإبنة الرابعة للملكة فكتوريا الأميرة لْوِيز كارولين ألبرتا المشهورة أنذاك كفنانة تتعاطي الرسم والنحث ومدافعة مميزة عن حقوق المرأة ، ممَّا جعل اسمها يُطلق أيضا على جبل ألبرتا وبالتالي على بحيرة لويز.