د. عيدروس النقيب يكتب:
تاريخ الحزب الحزب الاشتراكي عند ما يكتبه الطارئون
اعتذار:
أعتذر لكل متابعي صفحتي الذين لا يهتمون بمتابعة قضايا الصراعات السياسية والفكرية ممن لا يجدون في ما يتضمنه هذا النص ما يعنيهم كثيراً ولمن أحس بهذا فإنني أعفيهم من مواصلة القراءة، فالموضوع موجه لكل من يعنيه تاريخ ثورة الرابع عشر من أكتوبر المجيدة والحزب الاشتراكي اليمني ودولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، وعلى الخصوص قيادات وقواعد الحزب الاشتراكي اليمني في الجنوب والشمال اليمني.
* * *
تداول العديد من أصدقائي على شبكة التواصل الاجتماعي فيس بوك حديثا عن مقالة انتقادية لمنشوري على نفس الشبكة في الذكرى الثالثة والأربعين لميلاد الحزب الاشتراكي اليمني والذي عنونته بـ”الحزب الاشتراكي الييمني في ميزان التاريخ” المنشور الذي كان أقرب إلى التهنئة منه إلى التقييم النقدي لتجربة الحزب وتحليل تاريخها ومواقع نجاحها وأسباب الهفوات ووالأخطاء والهزيمة، وهذا موضوع لدي حوله مشروع دراسة أكثر عمقا واتساعا من مجرد منشور أو عدة منشورات.
صاحب المقالة قيل إنه طاهر شمسان الذي قدم نفسه على إنه نائب رئيس الدائرة الإعلامية في الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني، وهو ما يعني أن الحديث صادر عن جهة قيادية وليس عن شخص مجتهد أو كاتب صحفي عادي وقد عنون مقالته بـ”الحزب الاشتراكي في ميزان الانتقالي” .
بعد قراءتي لمنشور طاهر شمسان ترددت كثيرا في مناقشته، وبطبيعة الحال فإنني لا أكترث كثيراً للكتابات التي تتناول شخصي ومواقفي وآرائي، فهذا ليس له حيزٌ كبيرٌ في اهتماماتي، لكن ما جعلني أتوقف عند هذا المنشور أنه جاء محشواً بالمغالطات والافتراءات والتأويلات التعسفية لبعض ما تناولته في نشوري، فضلا عن لغة التحريض واحتوائه على مجموعة من المواقف المجافية لحقائق التاريخ ومعطيات الجغرافيا، واعتماده لغة مخابراتية مفضوحة تقوم على دس السم في ما يعتقده المخدوعون دسماً، واتباعه منهاجية تعسفية تقوم على اجتزاء الفكرة، وتمليحها ببعض مساحيق البهارات لإكسابها الحجم والمعنى الذي يريد الرجل أن يقوِّلني (بتشديد وكسر الواو) إياه خصوصاً ما يتعلق بنتائج حرب 1994م على الجنوب وعلى الحزب الاشتراكي اليمني.
والحقيقة أنني كنت أتوقع أن أقرأ دراسة نقدية تحليلية ولو مخالفة لما تناولته في منشوري عن ذكرى تأسيس الحزب وما طرحته من ألإفكار المعبرة عن قناعتي منذ بداية الثورة الجنوبية السلمية وبعضها منذ العام 1994م بعد هزيمة مشروع الحزب وإخراجه من السلطة بالقوة، لكنني وجدت حديثا متشنجاً عصبويا شعبويا تحريضيا ليس فيه مما يدل على الموضوعية أو ثقافة التحاور والاختلاف أو فن المحاججة شيئاً، وقد ذكرني هذا بكتابات موظفي دائرة التوجيه المعنوي في جيش علي عبد الله صالح أو مستشاريه الإعلاميين، عندما كانوا يكتبون المقالات للرد على بعض قادة الاشتراكي وسواهم من الرافضين لنتائج حرب 1994م، ومنهم كاتب هذه السطور.
لم أجد فرقا بين طريقتي طاهر شمسان وكل من علي حسن الشاطر أو عبده بورجي وبقية الجوقة في مناقشة الرأي المغاير، ولا أدري لماذا تذكرت خطابات الحملة الانتخابية للرئيس السابق علي عبد الله صالح أثناء انتخابات 2006م.
ترتكز مناقشة طاهر شمسان لمنشوري على نقطتين:
الأولى تتعلق بحديثي عن هزيمة الحزب في حرب ١٩٩٤م وتجريده من كل عناصر القوة بما في ذلك دفاعه عن أعضائه وحرمانه من التوسع في العضوية.
والثانية دعوتي إلى إعلان حزبين اشتراكيين أحدهما في الشمال والثاني في الجنوب مع استبقاء أي نوع من العلاقة الفيدرالية اَو الكونفيدرالية بين قيادتي الحزبين تساعد على الحفاظ على التراث المشترك بينهما وتنسيق المواقف وفقا للمهمات والتحديات التي تطرحها المرحلة ومتطلباتها.
سأتوقف عند النقطة الأولى التي بذل الرجل جهدا خارقا في سبيل تفكيكها ومحاولة وتزوير وتزويغ وتعسف ما قلته وأنهك نفسه في دحض المبرهن والتشكيك بالمؤكد ومحاولة تغطية الشمس االناصعة بغربال مثقوب، وسأرجئ الحديث في النقطة الثانية إلى منشور لاحق لأن رأيي في هذه القضية يعود إلى ما قبل العام 2014م عند انعقاد الكونفرنس الحزبي العام والذي قدمت إليه مبادرة تتضمن تفاصيل وجهة النظر هذه.
تقول الفقرة التي أثارت غضب وانزعاج الأخ طاهر شمسان وهيجانه في منشوري السابق ” بعد العام 1994م انتقل الحزب الاشتراكي اليمني من حزب حاكم، فشريك في الحكم بالمناصفة (ولو لفظاً) إلى طرف سياسي مهزوم مجرد من كل عناصر القوة والدفاع عن النفس بل ومن حقه في اكتساب الأعضاء أو الدفاع عن أعضائه السابقين”.
وكما هو واضح ليس في الفقرة أية عبارات زئبقية قابلة للتأويلات المتباينة أو للتخفي وراء التورية والكناية، ولا أدري لماذا انزعج أخونا من هذا وراح يجهد نفسه فيما لا يتطلب إجهاد ولا يستدعي النقاش.
تمحور جهد طاهر شمسان في هذه النقطة في قضيتين:
الأولى حاول فيها البرهان على إن الحزب الاشتراكي اليمني لم يهزم في حرب 1994م بقوله ” كل من يعتقد أن الحزب الاشتراكي هزم في حرب 1994 هو في أحسن الأحوال يفتقر إلى الوعي المدني والثقافة السياسية الديمقراطية، الذي هزم في حرب 1994 ليس الحزب الاشتراكي وإنما النصف الذي بقي من جيش جمهورية اليمن الديمقراطية بعد أحداث يناير 1986″.
والثانية محاولته تقسيم الحزب إلى جناحين متباينين ومتمايزين بقوله ” لم يهزم من الحزب إلا مراكز القوى التي كانت متكئة على هذا الجيش ومراهنة – في بقائها في السلطة – عليه وليس على الحزب ولا على جماهير الحزب”.
وتساؤله أيضاً قبل هذا وهو يناقش ما أوردته عن هزيمة الحزب الاشتراكي في حرب 1994م وتجريده من كل عناصر القوة كما هو وارد في الفقرة السابقة ” فما هي يا ترى عناصر قوة الحزب؟ – أي حزب- التي قصدها النقيب في هذا الكلام والتي بدونها لا يستطيع أن يدافع عن نفسه وعن حقه في اكتساب أعضاء جدد وحماية الأعضاء السابقين؟” ثم رده الذي اعتقد أنه يمثل إفحاما عبقريا للكاتب لم يسبقه إليه أحد بالقول “لا يحتاج القارئ إلى ذكاء استثنائي كي يلاحظ أنها ليست سوى السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف!!! هذه هي ثقافة الرجل السياسية”.
في حديثه هذا وقع طاهر شمسان في خطأٍين قاتلٍين ربما يكون قد تعمد ارتكابهما لبعث رسائل إلى جهات من المبكر الحديث عنها الآن ، وارتكب جناية كبيرة سأتناولها بعد الحديث عن الخطأين الخطيئتين:
الخطأ الأول يتمثل في تقسيمه الحزب إلى طرفين، طرف مهزوم، الذي سماه بـ”مراكز القوى” التي قال عنها إنها ” كانت متكئة على هذا الجيش ومراهنة – في بقائها في السلطةـ عليه” وطرف غير مهزوم هو بقية قيادة وقواعد الحزب التي يرى طاهر شمسان أنها لم تتأثر بحرب 1994م. ولم تكن لها علاقة بالهزيمة التي أصابت الحزب والبلد جنوبها وشمالها على السواء، وهي فرية مخابراتية صنعتها أجهزة المنتصرين التي حاولت أن تضع قيادة الحزب ما بعد 1994م في صف المنتصرين، وفي هذا خطيئة منهاجية وقع فيها الكثير من المحللين والدارسين ومنهم بعض الاشتراكيين (الطارئين) أمثال طاهر شمسان .
الخطأ الثاني هي محاولة إدانة كاتب هذه السطور بقوله أن القوة التي جرد الحزب منها ” ليست سوى السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف!!! ” مختتماً “هذه هي ثقافة الرجل السياسية”.
وقبل الخوض في تفنيد كامل الفقرة أشير إلى أن التنطط السريع في المراكز القيادية للحزب (أي حزب) يوقع أصحابة في فخ انكشاف ضآلة الثقافة السياسية والفكرية وحتى اللغوية، فالاعتقاد أن مفردة (القوة) لا تعني سوى السلاح الثقيل والمتوسط و الخفيف ، لا تدل على ذكاء في تجميع استدلالات الإدانة وإنما تدل على ضحالة الثقافة ومحدودية التفكير، أو في أحسن الأحوال رداءة محاولة التقنص والتصيد، التي أوقع الرجل نفسه فيها، فهو وليس عيدروس النقيب أو أي أحد آخر من يفهم أن الحزب لا يقوم إلآ على قوة السلاح والعسكرة، أما ما قصده كاتب هذه السطور بعناصر قوة الحزب التي حرم منها بعد هزيمة 1994م فشيء آخر يستعصى على طاهر شمسان وأمثاله أن يفهموه.
وبالعودة إلى مقالة المذكور فمن المهم الإشارة هنا إلى أن محاولات تقسيم الحزب الاشتراكي وتجزئته وزرع الأجنحة داخله أو خارجة لتفكيكه من الداخل بعد هزيمته، هذه المحاولات لم تتوقف منذ العام 1994م ويتذكر الاشتراكيون قبل ظهور طاهر شمسان بعقدين مسميات “اللجنة التحضيرية” و”الحزب الاشتراكي الوحدوي” و”جناح فتاح” وصحيفة “الثوري الوحدوي”، وغير ذلك من محاولات المخابرات التي أفلست خلال أسابيع من ترويجها وإنفاق الملايين لمحاولة إنجاحها، وإذا كانت كل هذه المحاولات قد فشلت فها هو اليوم طاهر شمسان ومن موقع مسؤوليته كقيادي بارز في الحزب الاشتراكي يقدم هذه الخدمة المجانية لتلاميذ وورثة محمد خميس وغالب القمش، في صنعاء واسطنبول والرياض وغيرها.
لا أدري لماذا تذكرت للتو عادة طريفة مصرية في اللغة الشعبية حيث يصفون المريض بأنه “بعافية” والأعمى بالـ” البصير” وهي طريقة مهذبة لتحاشي تعريض الموصوف للحرج أو الشعور بالإساءة عند ناداته بحالته الحقيقية.
لطاهر شمسان وكل الذين يقولون أن الحزب الاشتراكي اليمني خرج منتصرا في حرب ١٩٩٤م مثله مثل حزبي تحالف الحرب نقول ما يلي:
1. أنتم تقدمون شهادة مجانية لتبرئة مجرمي حرب 1994م من كل الجرائم التي ارتكبوها والتي كان ضحيتها كل الشعب الجنوبي وكل الفئات الشعبية وقواها السياسية في الشمال وكان الحزب الاشتراكي على رأس هؤلاء الضحايا، فهنيئا لأساطين هذه الحرب الحكم بالبراءة الذي حصلوا عليه من قاضي اشتراكي يتبوأ واحد من المواقع الهامة في قيادة الحزب الاشتراكي المستهدف بالجريمة.
2. يكابر بعض الاشتراكيين من أمثال طاهر شمسان من خلال عدم الاعتراف بالهزيمة في حرب 1994م ولهؤلاء نقول إن مقولة الهزيمة ليست شتيمة والهزيمة التي تدرس أسبابها وتراجع نتائجها يمكن أن تتحول إلى عامل ديمومة ووسيلة دفع نحو الاستنهاض واسترجاع القوى وهذا ما اقدم عليه الحزب بقيادة الفقيد المناضل علي صالح عباد (مقبل) والشهيد جار الله عمر ورفاقهم الذين أعادوا دماء الحياة إلى شرايين الحزب، أما المكابرة بعدم الاعتراف بالهزيمة من منطلق استدعاء معنوية زائفة أو تبرئة الجناة المتسببين في الجريمة فليست في أحسن الأحوال سوى سلوكٍ لا يختلف عن سلوك النعامة الذي يعرفه الجميع.
3. للذين يصرون على أن الحزب لم يهزم وإن من هزم هم “مراكز القوى” نتساءل: ماذا تسمون الاستحواذ على أملاك الحزب بدءً بمقراته وأصوله العينية الثابتة والمنقولة وانتهاءً بارشيفه وأرصدته المالية التي معظمها من اشتراكات أعضائه؟ وماذا تسمون الفصل التعسفي لعشرات الآلاف من اعضائه من أعمالهم؟ وكيف تفسرون النزوح الإجباري لقيادات الحزب من الأمين العام ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان (السابق) إلى أعضاء المكتب السياسي واللجنة المركزية وقيادات الحزب في المحافظات، والوزراء ونوابهم إلى أعضاء الكتلة البرلمانية وغيرهم الآلاف من الكوادر والقيادات الحزبية؟ ثم ماذا تسمون الاستحواذ على منازل وممتلكات قيادات الحزب وأعضائه ؟ وكيف تصفون الأحكام الجماعية بالسجن والإعدام على عشرات القيادات الحزبية؟ وكيف تفسرون ابتزاز الآلاف من كوادر وأعضاء الحزب لترك الحزب والانخراط في حزبي الحرب مقابل التضييق على من تبقوا في عضويته ليتركوا الحزب؟ أم إن هذا يأتي في إطار انتصار الحزب على “مراكز القوى” وفقا لنظرية المخترع طاهر شمسان؟
أتزك الإجابة للقارئ الكريم ليبين الحقائق ويضيف ما عنده منها لكشف الضلال المبين الذي يقود الطارئون من تبقى من قيادات وقواعد الحزب الاشتراكي إليه.
4. هل يعلم طاهر شمسان أن قرارا كان على وشك الصدور من “شرعية” المنتصرين في حرب 1994م يقضي بحل الحزب الاشتراكي بعد هزيمته لولا نصيحة بعض القادة (من المنتصرين ) بتجنب هذه الخطوة لأنها كانت ستعني إلغاء اتفاقية الوحدة التي وقعها الأمين العام للحزب؟، ومقابل ذلك جرى الاكتفاء بتجفيف مصادر قوة الحزب والتضييق على قياداته وقواعده وتركه ليموت موتاً بطيئاً دونما حاجة إلى قرار الحل، وهو ما أفشلته قيادة الحزب التي كافحت في ظروف أقل ما يقال عنها أنها استثنائية في ما واجهه الحزب من التضييق والحصار.
لكن من أين لطاهر شمسان أن يدرك كل هذه المعاني وهو يعبر عن ابتهاجه بهزيمة “مراكز القوى” داخل الحزب والانتصار عليها في حرب 1994م
5. وأخيراً أشير إلى ان التغني بالمناضلين الفقيد علي صالح عباد (مقبل) والشهيد جار الله عمر، لا يعني شيئا عند ما يمارسه الذين يحاولون نسف تاريخ الحزب َوتزويره وتفخيخ الحزب من داخله تحت مسمى “مراكز القوى”، فقد فعل أكثر من ذلك الذين قتلوا جار الله عمر والذين سمموا من قبله القائد مقبل من خلال النواح عليهما والتغني بخصالهما وتعداد مناقبهما بعد تصفيتهما على طريقة “قتل القتيل والسير في جنازته”.
ونأتي إلى الجناية التي ارتكبها طاهر شمسان في حق قادة وجنود الجيش الجنوبي في سياق حديثه والتمثلة في تصويره لجيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، الذي استهدفته حرب 11994م قيما استهدفت، بأنه قوة مليشياوية، رغم علمه بأنه كان جيش دولة دخلت في وحدة طوعية ندية مع دولة شقيقة، وحدة لم يكتب لها النجاح لأسباب يمكن مناقشتها بتوسع في موضع آخر.
يقول طاهر شمسان المسؤول الرفيع في الحزب الاشتراكي اليمني ” ومع كل ذلك يخلط عيدروس النقيب خلطا فاضحا بين مفهوم الحزب ومفهوم المليشيا” ثم بعد أن يقول أن الحزب لم يهزم وإن الذي هُزم هو القوة العسكرية ومراكز القوى التي تتكئ عليها، ويسترسل متسائلا ” وللذين يرون رأيه (أي رأي عيدروس النقيب) في قيادة حزبنا أوجه السؤال التالي: لماذا تنتقدون ظاهرة المليشيات التي تسرح وتمرح في طول اليمن وعرضه؟ ألا يدل هذا على غياب الاتساق في التفكير وانعدام المصداقية في الموقف؟”.
وهنا يمكن الإشارة إلى الفخ الكبير الذي أوقع الرجل نفسه فيه من حيث اعتقد أنه قد أوقع كاتب هذه السطور في شر أعماله من خلال النقاط التالية:
• إن المليشيا التي يقول عنها والتي اختزلها في السلاح الثقيل والمتوسط والخفيف، هي جيش بني على أساس قانون معروف، جيش ذو تاريخ معروف وكانت له بنيته المعروفة وقيادته المعروفة في بلد معروف ودولة معروفة، وكان اسمه جيش جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وبعد العام 1990م صار جزءً من جيش الجمهورية اليمنية، لكن الحرب استهدفته ضمن ما استهدفت من مؤسسات جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الأمنية والعسكرية والاقتصادية والتنفيذية والمدنية، ويعلم الجميع نتائج تلك الحرب التي لم تكن تستهدف الجيش وحده بمعزل عن بقية البنى وعلى رأسها الحزب الاشتراكي اليمني كفكرة وكمشروع وكتنظيم سياسي هو قائد الدولة التي جاءت الحرب لاجتثاثها.
• إن هذا الجيش لم يكن مليشياويا كما يزعم الطارئون وصناع الافتراءات، لأنه دخل منظومة الجيش اليمني كجيش دولة وليس كقوة حزبية، وبالتالي فإن تشبيه هذا الجيش بمليشيات الحوثي ومليشيات الحشد الشعبي، يمثل جناية من حق منتسبي الجيش الجنوبي أن يقاضوا مرتكبها أمام المحاكم الرسمية، ولئن كان هؤلاء مطمئنين بسبب أن تلك المحاكم معطلة في اللحظة فإن الزمن كفيل بإعادة تفعيلها وممارسة مهامها عاجلاً أم آجلاً.
• ثم من أين أتى طاهر شمسان وأمثاله بفكرة أن الحزب الاشتراكي يطالب بجيش خاص به أو يتحدث عن جيش هو ملك له وحده حتى يشيرإلى خطأ انتقاد المليشيا “التي تسرح وتمرح في طول الوطن وعرضه” و” غياب الاتساق في التفكير وانعدام المصداقية في الموقف؟”.
• إن الابتهاج بهزيمة “مراكز القوى” الحزبية والجيش الجنوبي الذي أسماه طاهر شمسان بـ”المليشيات”، لا يختلف في شيء عما سوقته وسائل إعلام الحرب غير المقدسة على الجنوب منذ 7/7 وما تزال تسوقه حتى اللحظة، وهو يصب في خانة ثقافة ما بعد 1994م في شيطنة الحزب وتاريخ الجنوب ودولته الوطنية، ويمثل تسترا على كل الجرائم التي ارتكبها المنتصرون بعد 7/7، بدءا بتدمير منظومة الدولة وأجهزتها وهيكليتها، مرورا بنهب الثروات والمنشآت والمؤسسات الإيرادية وسواحل الاصطياد ومزارع الدولة والتعاونيات الزراعية والخدمية، وانتهاء بالبسط على قطاعات انتاج النفط والغاز المنتشرة على ثلاثة أرباع مساحة الجنوب، . . . . وللقارئ الكريم أن يتخيل طاهر شمسان نائب رئيس الدائرة الإعلامية للحزب الاشتراكي وهو ينقل خبر الانتصار عبر الوسائل الإعلامية للحزب الاشتراكي متنفساً الصعداء بعمق صارخا بابتهاجٍ لا تخطئه العين: “وأخيراً سحقنا “مراكز القوى” و”مليشياتها” داخل الحزب إلى غير رجعة، . . .فهنيئا للمنتصرين في هذه الحرب تعميد الوحدة بالدم وتخليص البلد من شرور هذذه الجماعة المهزومة”.